الجزائر – ربيعة خريس
قرر بعض الجزائريين عدم شراء ملابس العيد، أو كما يسمونها "كسوة العيد" لأطفالهم، فما قرر البعض الآخر الابتعاد عن المحلات الفخمة والمراكز التجارية، والتوجه نحو البضائع المعروضة في الأرصفة أو الثياب المستعلمة، بسبب غلاء الأسعار، هذا هو حال آلاف الجزائريين الذين أفسد عليهم الارتفاع الجنوني في الأسعار فرحتهم بقرب عيد الفطر المبارك، الذي يطل علينا مرة في السنة بعد تأدية فريضة الصوم.
وخلال جولة استطلاعية لـ"المغرب اليوم" في عدد من شوارع محافظة الجزائر العاصمة، مرورًا من شارع ديدوش مراد الذي يلفت أنظار كل زواره، نظرًا لكثرة المحلات المنتشرة فيه، وصولاً إلى شارع آخر لا يبعد عنه كثيرًا، وهو شارع حسيبة بن بوعلي، الذي يبلغ طوله أربعة كيلومترات، أجمع أغلب المواطنين الجزائريين الذين صادفناهم في المحلات على أن الأسعار هذا العام "خيالية"، رغم أننا لم نصل بعد إلى الأسبوع الأخير من شهر رمضان.
وقال حمزة. د، أب لثلاثة أطفال، صادفناه برفقة زوجة في أحد محلات شارع ديدوش مراد: "أيعقل أن يصل سعر قميص طفل أربع سنوات إلى 3000 دينار جزائري، فيما وصل سعر سروال نصف ساق لطفل لم يتجاوز عمره الخمس سنوات إلى 4000 دينار، وبلغ سعر فساتين الفتيات البالغات من العمر ثمانية سنوات 5000 دينار جزائري، هذه الأسعار لا تتماشى مع قدرتي الشرائية وراتبي الشهري المتوسط"، مشيرًا إلى أن ارتفاع الأسعار خلال شهر رمضان أرهق جيبه كثيرًا، وها هو اليوم يواجه أعباء إضافية جديدة.
وأوضح نور الدين. ث، أب لثلاثة أطفال، وموظف في إحدى الشركات العمومية الكبرى، أنه يذهب برفقة زوجته منذ ثلاثة أيام إلى المحلات لاقتناء ملابس العيد لأطفاله، إلا أن غلاء السعار حال دون إدخال البهجة على قلوب أطفاله، متسائلاً: "لماذا هذا الغلاء الجنوني في الأسعار، فلا نكاد نستفيق من غلاء أسعار الخضر والفواكه حتى تتضاعف معانتنا مع غلاء أسعار الملابس". وينطبق الوضع ذاته على الأسواق الشعبية المنتشرة في محافظة الجزائر العاصمة، لكنه أقل حدة، كسوق ساحة الشهداء، فالزائر لهذه السوق يشعر بطعم ولذة خاصة، وأول شيء يلفت انتباهك هو أكوام من الحقائب والأحذية، وأكوام من الستائر احتلت مساحة كبيرة منه، تمتد على طول رواق الأقواس المؤدي إلى شارع يطلق عليه "زنقة العرايس". وقالت سميرة. ط، أم لأربعة أطفال، إن الوافدين إلى هذا السوق يأتون من أبعد المحافظات لاقتناء ملابس العيد بأسعار معقولة، مقارنة بالمحلات التي تشهد ارتفاعًا جنونيًا في الأسعار، مشيرة إلى أنها جاءت إلى هذه السوق لاقتناء أقل القليل، حتى تدخل فرحة العيد على قلوب أطفالها.
ولمعرفة أسباب ارتفاع الأسعار، تحدث "العرب اليوم" مع تجار جزائريين، واعترف معظمهم بالارتفاع الجنوني في أسعار الملابس، وأنها لا تتماشى مع ذوي الدخل البسيط والمتوسط، مبينين أن هذا الارتفاع خارج عن إرادتهم. وقال وليد. د، تاجر في أحد المراكز التجارية في مدينة رويبة، التابعة لمحافظة الجزائر العاصمة، إن ارتفاع الأسعار يرجع إلى نقص كبير في الملابس، بسبب وقف رخص الاستيراد من قبل الحكومة، فالسوق الجزائرية تعتمد على استيراد الملابس الخاصة بالأطفال من المنطقة الآسيوية والصين وتركيا، مشيرًا، من جانب آخر، إلى أن أسعار الملابس لا تخضع لعملية "التسقيف" لأن الملابس مستوردة، وتكاليف الاستيراد تثقل كاهل التجار الجزائريين.
وشهدت معظم المحلات والأسواق المحلية انتشارًا كبيرًا للعلامات الصينية والتركية، وأيضًا السورية، لكن بحدة أقل، أما المنتجات المحلية الجزائرية فتكاد تكون منعدمة تمامًا، وتفضل أغلب العائلات الفقيرة شراء الملابس الصينية، أما العائلات الميسورة فتتجه إلى المنتجات التركية أو الأوروبية الأخرى.