الرياض - المغرب اليوم
أطلق صندوق النقد العربي إصدار سبتمبر / أيلول، من تقرير "آفاق الاقتصاد العربي"، الذي يتضمن تحديثًا لتوقعات النمو الاقتصادي واتجاهات التضخم في الدول العربية خلال عامي 2018 و2019.
وأشار التقرير إلى أنه من المتوقع أن يواصل الاقتصاد العالمي نموه بوتيرة مرتفعة نسبيًا خلال عامي 2018 و2019، مستفيدًا من الزيادة الملموسة في أنشطة الاستثمار التي كان لها أكبر الأثر في دعم مستويات الطلب الكلي، ونمو حركة التجارة الدولية أخيرًا، وهو ما يتوقع في ضوئه ارتفاع معدل النمو العالمي إلى نحو 3.9% في كلٍّ من عامي 2018 و2019 وفق تقديرات بعض المؤسسات الدولية، بما يُشكل أعلى وتيرة نمو مُسجلة في أعقاب الأزمة المالية العالمية , ومن المتوقع ارتفاع معدل النمو في مجموعة البلدان المتقدمة بفعل عدد من العوامل يأتي في مقدمتها استمرار السياسات النقدية التيسيرية في بعض هذه الدول، وتبني سياسات مالية توسعية في بعضها الآخر وهو ما سيدعم الطلب الكلي على مستوى دول المجموعة , من جهة أخرى، يتوقع أن تواصل الدول النامية واقتصادات السوق الناشئة استفادتها من تحسن مستويات الطلب الخارجي، وارتفاع الأسعار العالمية للنفط.
وتحيط بالتعافي الاقتصادي العالمي مخاطر ترتبط بالتأثير المحتمل لتصاعد حدة التوترات التجارية، وتزايد معدلات المديونيات العامة والخاصة، واحتمالات فقدان بعض البلدان النامية واقتصادات السوق الناشئة زخم النمو المحقق خلال السنوات السابقة، إضافة إلى المخاطر الناتجة عن تراكم مواطن الهشاشة المالية في هذه الأسواق , وعلى صعيد أولويات السياسة الاقتصادية، يوفر تحسن التطورات الاقتصادية الكلية فرصة لصانعي السياسات للتركيز على تجاوز التحديات الاقتصادية التي تعيق التقدم باتجاه تحقيق أهداف التنمية المُستدامة , بخاصة في البلدان النامية , وتشمل هذه التحديات الحاجة إلى تنويع الهياكل الاقتصادية، وخفض مستويات التفاوت في توزيع الدخل، ودعم رأس المال البشري، وتعزيز وبناء المؤسسات وحوكمتها بهدف ضمان ديناميكية الأسواق بما يساعد على زيادة الإنتاجية والتنافسية.
وبدأت أسواق النفط العالمية في الاتجاه نحو استعادة التوازن منذ عام 2017، منهية فترة طويلة من التراجع على مدى السنوات الثلاث السابقة , وبناءً عليه، شهدت مستويات الأسعار العالمية للنفط ارتفاعًا بنسبة 33% خلال الفترة من يناير / كانون الثاني إلى سبتمبر/ أيلول 2018، مقارنةً بالمستويات المُسجلة عام 2017.
ويعكس ارتفاع الأسعار العالمية للنفط عوامل تتعلق بأساسيات السوق وبتصاعد المخاطر الجيوسياسية , ومن المتوقع خلال الفترة المقبلة أن تسهم عوامل عدة في بقاء أسعار النفط عند مستويات مرتفعة نسبيًا، من بينها التوقعات باستمرار تحسن الطلب العالمي، وانخفاض مستويات المخزونات النفطية العالمية (التجارية والاستراتيجية) لتقترب من متوسطها المُسجل خلال الأعوام الخمسة الأخيرة , في المقابل، من المتوقع أن يُخفف الاتفاق الذي توصلت إليه منظمة "أوبك" في يونيو / حزيران الماضي لرفع كميات الإنتاج، والزيادات المتوقعة من إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة الأميركية، من ارتفاع الأسعار العالمية للنفط خلال النصف الثاني من العام الجاري وفق صحيفة الشرق الأوسط.
- اتجاهات النمو العربي
في ما يتعلق باتجاهات النمو الاقتصادي في الدول العربية، شهد أداء الاقتصادات العربية تحسناً خلال عام 2018 مستفيدًا من الارتفاع في مستويات الطلب الخارجي، ومن الزيادة المسجلة في أسعار النفط العالمية، ومن بدء ظهور الآثار الإيجابية لبرامج الإصلاح الاقتصادي التي يجري تنفيذها في عدد من هذه الدول , وبناءً عليه تم رفع توقعات النمو للدول العربية كمجموعة خلال عام 2018 في إصدار سبتمبر/ أيلول من تقرير صندوق النقد العربي إلى نحو 2.3%، فيما تم الإبقاء على التوقعات الخاصة بالنمو خلال العام المقبل دون تغيير عند مستوى 3% تقريبًا.
يأتي ذلك بما يعكس رفع توقعات النمو الخاصة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال عام 2018 إلى نحو 1.9% في إصدار سبتمبر/ أيلول من هذا التقرير، نظرًا إلى التوقعات باستفادة بلدان المجموعة من تحسن متوقع لمستويات الناتج في القطاع النفطي بالأسعار الثابتة نتيجة الزيادة المتوقعة في كميات الإنتاج النفطي خلال النصف الثاني من العام الجاري , كما سيساهم الاتجاه الصعودي للأسعار العالمية للنفط المسجل خلال عام 2018 في تقوية أوضاع المالية العامة، ويسمح بتوفير حيز مالي داعم للإنفاق الرأسمالي في هذه البلدان يساعد على المُضي قُدمًا في تنفيذ خطط التنويع الاقتصادي , بالإضافة إلى ذلك ستساعد الإصلاحات التي يجري تنفيذها في ما يتعلق بتحسين مناخ الاستثمار وبيئة الأعمال في دعم النشاط الاقتصادي خلال أفق التوقع، وبالتالي ارتفاع متوقع للنمو في دول المجموعة إلى نحو 2.5% العام المقبل.
وتم خفض توقعات النمو لمجموعة الدول العربية الأخرى المصدرة للنفط إلى 1.8%، مقابل 4.9% للإصدار السابق من التقرير على ضوء تأثر الإمدادات النفطية بشكل كبير في بعض دول المجموعة نتيجة التطورات الداخلية التي تشهدها، حيث لم يتمكن بعضها في عام 2018 من الحفاظ على نفس مستوى الإنتاج المسجل عام 2017، وهو ما سينعكس على معدل النمو المُحقق للعام الجاري خاصة في ظل مساهمة القطاع النفطي بالجانب الأكبر من الناتج في معظم هذه البلدان.
بيد أن معدل نمو المجموعة من المتوقع أن يرتفع إلى 3.9% خلال العام المقبل، بافتراض حدوث تحسن تدريجي في التطورات الداخلية خلال أفق التوقع , إلى ذلك، لم يطرأ تغيير على توقعات النمو الخاصة بالدول العربية المُستوردة للنفط، والتي تم الإبقاء عليها عند مستوى 3.9% عام 2018، و4.2% عام 2019 في ظل ارتفاع مستويات الطلب الداخلي والخارجي في عدد من بلدان المجموعة، وتواصل ظهور الآثار الإيجابية لبرامج الإصلاح الاقتصادي التي يجري تطبيقها في الآونة الأخيرة.
- تطورات الأسعار
شهدت الشهور الأولى من عام 2018 ارتفاعًا في المستوى العام للأسعار لكل من مجموعة الأغذية والمشروبات، والنقل، والسكن والمياه والكهرباء والغاز، والملابس، والصحة، والتعليم، والمطاعم والفنادق في عدد من الدول العربية , وبالنسبة إلى توقعات المستوى العام للأسعار في الدول العربية خلال عامي 2018 و2019، فمن المتوقع أن يتأثر بعدد من العوامل الداخلية والخارجية , فعلى المستوى الداخلي، من المتوقع أن يتأثر معدل التضخم في الدول العربية بالزيادة في مستويات الطلب الكلي مع تحسن الأداء الاقتصادي في عدد من هذه البلدان، والتوجه نحو زيادة الأجور والرواتب في بعض الدول, كما سيتأثر المستوى العام للأسعار بتواصل الإجراءات المتخذة في بعض الدول لإصلاح نُظم الدعم، وكذا بالإجراءات الخاصة بفرض الضرائب، ورفع بعض الرسوم الحكومية.
أما العوامل الخارجية المؤثرة على المستوى العام للأسعار في الدول العربية، فتتمثل في الاتجاه التصاعدي الذي تشهده الأسعار العالمية للنفط منذ بداية عام 2018 وتأثير ذلك على أسعار السلع والخدمات، إضافة إلى رفع أسعار الفائدة العالمية، الأمر الذي سيدعم قيمة الدولار مقابل العملات الأخرى ويؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع المُستوردة في بعض الدول العربية , وفي ضوء التطورات السابقة، يتوقع أن يبلغ معدل التضخم نحو 11.4% خلال عام 2018. أما في عام 2019 فيتوقع أن يبلغ معدل التضخم نحو 8.3%.
ويتوقع أن يرتفع معدل التضخم في الدول العربية المُصدرة للنفط في عام 2018 ليبلغ نحو 7.6%، مقارنةً مع مستوى 5.7% المسجل خلال عام 2017، فيما يتوقع أن يبلغ 6% عام 2019. وتتباين اتجاهات معدل التضخم ما بين المجموعات الفرعية المُتضمنة في هذه المجموعة، حيث من المتوقع أن يبلغ معدل التضخم في مجموعة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية نحو 3% خلال عام 2018، فيما يتوقع انخفاضه إلى نحو 1% في عام 2019 , في المقابل، من المتوقع أن يسجل معدل التضخم مستويات أعلى في مجموعة الدول العربية الأخرى المُصدرة للنفط، حيث من المتوقع أن يصل إلى نحو 8.1% في عام 2018، و6.2% في عام 2019 , وفي ما يتعلق بمجموعة الدول العربية المُستوردة للنفط، من المتوقع أن يتأثر المستوى العام للأسعار بالتغيرات في الأسعار العالمية للنفط والغذاء، والضغوط التي تتعرض لها أسعار صرف العملات المحلية في بعض دول المجموعة في ضوء نقص المعروض من العملة الأجنبية, كما سيتأثر المستوى العام للأسعار بالإجراءات المتخذة من قبل بعض الحكومات للحد من الواردات السلعية.
ويتوقع أن يبلغ معدل التضخم لدى دول المجموعة خلال عام 2018 نحو 14.5%، أما بالنسبة إلى عام 2019 فمن المتوقع أن يبلغ معدل التضخم نحو 10.1%.