الدار البيضاء - جميلة عمر
اعتبر "صندوق النقد الدولي" أن الإصلاحات التي باشرها المغرب في المجالات الاقتصادية والسياسية خلال السنوات الخمس الماضية، مكنته من تجاوز مرحلة الخطر ومواجهة العواصف الخارجية، وساهمت في تطور المؤشرات الماكرو اقتصادية، لكنها لم تعالج مشكلات قائمة مثل بطالة الشباب وعمل المرأة والفساد المالي والإداري والرشوة والعدالة وجودة التعليم والخدمات الأساس
ودعا الصندوق الحكومة المغربية الجديدة في إطار المراجعة السنوية لبرنامج الخط الائتماني الوقائي، إلى الإسراع في إقرار إصلاحات جديدة متفق عليها مع المؤسسة المالية المانحة في واشنطن، تشمل مجالات مالية واقتصادية واجتماعية، منها تحسين سوق العمل وزيادة فرص العمل للشباب والمرأة باعتبارها أولوية ملحّة، خصوصًا أن البطالة تُمثل "تحديًا اقتصاديًا واجتماعيًا وأمنيًا" في المغرب، وتصل إلى 40 % في المدن الكبرى والهوامش.
ونصح الصندوق بمواصلة إصلاح الإدارة الحكومية ومناخ الأعمال، وزيادة الإيرادات الضريبية وتحديث الاقتصاد غير المنظم، وتقليص الإعفاءات الممنوحة لبعض القطاعات الإنتاجية والخدمية، واعتماد نظام سعر صرف مرن للعملة المحلية لجلب مزيد التدفقات الاستثمارية، إضافة إلى تحسين العائدات السياحية وزيادة التجارة الخارجية والصادرات ومعالجة خلل الميزان التجاري، واعتماد قانون جديد للمصرف المركزي لزيادة دوره الرقابي على السيولة والنقد والقطاع المالي، كما شدد على ضرورة توسيع منح القروض لإنشاء الشركات الخاصة، واعتماد نموذج اقتصادي مدمج للفئات الأقل حظاً في المجتمع للحد من الفوارق بين الفئات وبين الجهات، والعمل على محاربة الرشوة وتعميم الخدمات.
وتوقع التقرير أن يحقق الاقتصاد المغربي، بفضل الإصلاحات، نموًا يصل إلى 4.5 % هذه السنة، وهو الأفضل في مجموع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأن يبلغ التضخم 1.1 % وعجز الموازنة 3.5%، وعجز الحساب الجاري 3.3 %من الناتج الإجمالي، كما أشار الصندوق إلى أن الاقتصاد المغربي أظهر قدرة في مواجهة الصدمات الخارجية مثل ارتفاع أسعار النفط وبطء النمو في دول الاتحاد الأوروبي التي تمثل 50 %من تجارة المملكة، فضلًا عن تراجع الاستثمار الخارجية والمساعدات الخارجية لدول الخليج.
وتمكن الاقتصاد من إعادة تشكيل احتياط نقدي يتجاوز 7 شهور من الواردات، وحافظ على وتيرة عالية في الاستثمارات العمومية التي قدرت بنحو 190 بليون درهم (نحو 19.4 بليون دولار) هذه السنة، كما توقع أن يتمكن المغرب من التحكم في المديونية وخفضها إلى 60 %من الناتج الإجمالي بحلول عام 2020، وكذلك فقد توقع صندوق النقد أن يزيد حجم الاقتصاد المغربي نحو 32 بليون دولار في السنوات الخمس المقبلة ليبلغ 137.3 بليون دولار عام 2022، صعودًا من 106 بلايين هذه السنة، على أساس نمو سنوي يُقدر في المتوسط بين 4 و4.6 % طيلة هذه الفترة، ويرتبط هذا التحدي بحجم الإنتاج الزراعي والتساقطات المطرية التي تمثل 16 %من الناتج و33 %من فرص العمل.
ولفت التقرير إلى أن المغرب في طريقه نحو معالجة صعوباته المالية، إذ يتوقع أن يرتفع الادخار القومي إلى 36 %من الناتج، وأن يغطي الاحتياط النقدي 8.5 شهرًا من الواردات، وتستقر المديونية الخارجية على نحو ثلث الناتج الإجمالي، وتزيد الصادرات 7.5 %سنوياً، والاستثمارات الخارجية 2.5%، ويتراجع العجز المالي إلى نحو 2 %من الناتج الإجمالي بداية العقد المقبل.