الجزائر – ربيعة خريس
فجّر وزير الصناعة والمناجم في الجزائر بدة محجوب، الأحد، فضيحة من العيار الثقل، تتعلق بمصانع تركيب السيارات، حيث أكد في تصريحات صحافية على هامش اختتام الدورة العادية للبرلمان الجزائري، أن صناعة تركيب السيارات في الجزائر هي عبارة عن عمليات استيراد مقننة للسيارات الجاهزة، وقال إن الحكومة مجبرة على إعادة النظر في القوانين المنظمة لهذه الصناعة، وتوحي هذه التصريحات الخطيرة أن رئيس الوزراء الجزائري السابق عبد المالك سلال رفقة وزير الصناعة والقيادي في التجمع الوطني الديمقراطي عبد السلام بوشوارب، ساهما في فضيحة إعداد دفاتر شروط على مقاس عدد من رجال الأعمال.
ومنذ تنصيب حكومة عبد المجيد تبون الجديدة، لازالت حتى اليوم فضائح وزراء في حكومة عبد المالك سلال السابق تتوالى واحدًا بعد الآخر، فبعد إقرار رئيس الوزراء الجزائري عبد المجيد تبون إهدار الحكومات السابقة ما يقارب مليار دولار أميركي في مشاريع صناعية فاشلة بسبب سوء التسيير والإدارة.
وقال وزير الصناعة الجزائري، بلغة صريحة وواضحة وبكل جرأة إن نشاط تركيب السيارات في الجزائر تحوّل إلى " استيراد مقنع " مما يستدعي إعادة النظر في التنظيم المؤطر له. وأوضح محجوب، أنه ومن خلال التقييم والدراسة لما وقع في شعبة تركيب السيارات تبين وجود استيراد مقنع وأن نسبة الإدماج لم تصل إلى النسبة المرجوة وهذه الوضعية تستدعي إعادة النظر في التنظيم المؤطر لهذا النشاط بغرض تشجيع إنشاء المؤسسات المصغرة والصغيرة المتوسطة المتخصصة في الصناعات والخدمات ذات الصلة.
وأجمع مراقبون ومتتبعون للشأن السياسي في البلاد على أن تصريحات رئيس الوزراء الجزائري عبد المجيد تبون، بخصوص إهدار المال العام وتورط وزراء سابقين في حكومة سلال السابقة واحد منهم هو قيادي بارز في التجمع الوطني الديمقراطي، بقيادة مدير ديوان الرئاسة أحمد أويحى هي بمثابة حملة انتخابية مسبقة للاستحقاقات السياسية القادمة، خصوصا الانتخابات البلدية المقرر تنظيمها من شهر نوفمبر / تشرين الثاني إلى ديسمبر / كانون الأول والانتخابات الرئاسية المقررة بعد أقل من 18 شهرا في ربيع 2019 بدليل طريقة تعاطي رئيس ديوان الرئاسة أحمد أويحي مع القضية، وقال في تصريحات صحافية، منذ يومين، إن كلام رئيس الوزراء الجزائري عبد المجيد تبون، جاء ضمن كشف الحقيقة التييطالب بها حزبه دوما، لكنه أوضح في الآن ذاته، أن ما قاله تبون حول تلك الملايير، لم يكن يقصد به الاستثمار في قطاع الصناعة فقط، بل يشمل كل القطاعات.
وفسرت تصريحات الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، على أنها دفاع مباشر عن صديقه في التشكيلة السياسية عبد السلام بوشوارب، الذي لطالما أثارت حوله الكثير من الشبهات، حيث سبق وأن ورد اسمه في فضيحة " بنما بايبرز " الشهيرة التي تحدث عن تورط شخصيات كبيرة في تهريب وتبييض الأموال ".
وحمل رد أحمد أويحي في طياته الكثير من الرسائل السياسية، عندما قال إن الأموال التي أهدرت لم تهدر فقط في وزارة الصناعة، بل أيضا في مشاريع الطرقات في إشارة منه إلى وزير الأشغال العمومية السابق ورئيس حزب تجمع أمل الجزائر، عمار غول الذي ورد اسمه في العديد من شبهات الفساد التي دخلت أروقة العدالة الجزائرية كقضية الطريق السيار شرق – غرب، وأيضا مشاريع البناء غير المكتملة في إشارة منه إل رئيس الوزراء الجزائري عبد المجيد تبون الطي كان يشرف على تسيير المشاريع السكنية.
وعاد الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي للحديث عن الاتهامات غير المباشرة التي وجهت لعبد السلام بوشوارب خلال فترة توليه تسيير حقيبة الصناعة والمناجم، قائلا " أنا شخصيات لا أرى أي مشروع هدرت فيه هذه الأموال كلها.. اللهم إن كانت في مصنع الحجار".
وأوضح رئيس الكتلة البرلمانية للاتحاد الإسلامي من أجل النهضة والعدالة والبناء لخضر بن خلاف، في تصريحات لـ " العرب اليوم " إن تصريحات رئيس الوزراء الجزائري عبد المجيد تبون لها علاقة بالاستحقاقات الرئاسية المقررة بعد أقل من 18 شهرا في ربيع 2019، لكنها حملت حقائق سبق وأن فجرها نواب جبهة العدالة والتنمية خلال مناقشة قوانين الموزانة لعام 2016 و 2017، مشيرًا إلى أن كل الحقائق التي فجرتها الحكومة الجديدة حملت في طياتها " حقائق شعبوية " لكن المعارضة مع الحقائق بغض النظر على الخلفية السياسية فهناك صراع كبير قائم داخل محيط الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، وفي رده على التصريحات التي أدلى بها وزير الصناعة محجوب بدة، قال لخضر بن خلاف إن تصريحاته جاء تأكيدا للمداخلة التي ألقها خلال مناقشة مخطط عمل الحكومة بالبرلمان الجزائري، لافتًا إلى أن نشاط تركيب السيارات أعد على مقاس عدد من رجال المال والأعمال، فقال إن نسبة الإدماج تساوي صفر بالمائة.
وقال النائب عن الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء حسن لعريبي، في تصريحات لـ " المغرب اليوم" إنه وبالرغم من أن هذه التصريحات هي دليل على وجود حملة انتخابية مسبقة بين أجنحة السلطة، مشيرا إلى أن الكتلة البرلمانية للاتحاد الإسلامي ستستغل هذه الفرصة للمطالبة بكشف ملابسات تبديد المال العام والمسؤولين الذي تورطوا في هذه القضية من خلال المكالبة بفتح لجنة تحقيق برلمانية، وقال " نحن قدمنا عدة مرات أسئلة كتابية وشفوية حول تورط شخصيات نافذة في الدولة الجزائرية في إهدار المال العام كوزير الطاقة الجزائرية السابق شكيب خليل ".
وأكد حسن لعريبي أن الاتحاد سيطالب في افتتاح الدورة العادية القادمة بتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في تهريب المال العام وعلى الحكومة في بداية الدخول الاجتماعي أن تجيب على تلك الأموال التي بددت وأنفقت وسرقت ".