الرئيسية » عالم الاقتصاد والمال
الجيش السوداني

الخرطوم ـ جمال إمام

 

كان مهنا عبد الرحمن يُمضي أيامه خلف مِقود شاحنته متنقلاً بين مختلف أنحاء السودان، لتوزيع البضائع بعد تحميلها من الموانئ، لكنه أصبح، منذ اندلاع النزاع، شبه عاطل عن العمل يقضي أوقاته في احتساء القهوة وتدخين النارجيلة.

قبل اندلاع المعارك بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، في 15 أبريل (نيسان) الماضي، كان عبد الرحمن، الذي يعمل سائقاً منذ 20 عاماً، يتوجه بشاحنته 4 مرات شهرياً إلى شرق السودان، لتحميل بضائع من موانئ واقعة على البحر الأحمر، قبل توزيعها على مختلف ولايات البلاد، لكنه بات يُمضي فترات طويلة في انتظار عمل.
وقال عبد الرحمن، لـ«وكالة فرنس برس»، في أحد مقاهي مدينة ود مدني: «لقد مرت 3 أسابيع منذ آخِر حمولة قمتُ بتوزيعها».

لم يكن عبد الرحمن وحيداً في مقهى ود مدني؛ عاصمة ولاية الجزيرة، والواقعة على مسافة 200 كيلومتر جنوب الخرطوم.
برفقته جلس مئات السائقين، الذين أوقفوا شاحناتهم بسبب تعطّل عملهم، يلعبون الورق ويحتسون الشاي والقهوة، آملين أن تتبدل الأحوال، وتعود الحياة إلى طبيعتها في بلاد تعاني حرباً أدت في 3 أشهر إلى مقتل أكثر من 3 آلاف شخص، ونزوح أكثر من 3 ملايين، سواء داخل السودان أم خارجه.
 
وشكّلت ود مدني نقطة استقطاب رئيسية لمئات الآلاف من النازحين، خصوصاً من الخرطوم التي فرّ منها أكثر من مليون ونصف مليون شخص منذ بدء الحرب.

وأدت المعارك بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات «الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف بـ«حميدتي»، إلى تراجع حركة النقل البري بنسبة 90 في المائة، وفق إحصاءات أولية أجرتها «غرفة النقل السودانية»، واطلعت عليها «وكالة فرنس برس».
كما تراجعت حركة الصادرات لتسجّل 282 مليون دولار، منذ مطلع عام 2023، مقارنة بـ2.5 مليار دولار، في النصف الأول من 2021، وفق «هيئة الموانئ السودانية».

ويحاول بعض السائقين مواصلة عملهم، على الرغم من استمرار المعارك والقصف في مناطق مختلفة، أبرزها العاصمة، وإقليم دارفور في غرب البلاد، لكنهم يضطرون إلى القيادة لمسافات أطول؛ لتفادي المرور في مناطق القتال.
وقال محمد تيجاني (50 عاماً)، الذي يعمل سائقاً لحساب إحدى شركات النقل، لـ«وكالة فرنس برس»: «رحلاتنا إلى الموانئ أصبحت تطول بمسافة إضافية تصل إلى 400 كيلومتر»؛ لتجنب القصف الجوي والمدفعي ونقاط التفتيش التي نصبها طرفا النزاع في مناطق مختلفة.

وضعت هذه المسافة الإضافية السائقين بين حجري الرحى، إذ أصبحوا واقعين من جهة بين خطر التعرض للاشتباكات والمعارك، ومن جهة أخرى نار الوقود الذي بات سلعة نادرة وارتفعت أسعاره بنحو 20 ضِعفاً منذ اندلاع الحرب.

حتى حافلات الركاب، التي بلغ نشاطها ذروته، في الأيام الأولى من الحرب، حينما نقلت الفارّين من العاصمة إلى الحدود السودانية المصرية على بُعد ألف كيلومتر تقريباً شمالاً، أصبحت رحلاتها تقتصر على ما بين الولايات والمدن خارج العاصمة؛ لتعذُّر دخولها.

وقال سائق الحافلة حسين عبد القادر إن «نحو 70 في المائة من رحلاتنا كانت بين الخرطوم والولايات الأخرى»، لكنه بات يعتمد فقط على الرحلات بين الولايات.
وأوضح زميله معتز عمر، الذي اعتاد، في المراحل الأولى من الحرب، التنقل بشكل دوري بين العاصمة والحدود المصرية لنقل الفارّين، «مع تفاقم القتال... أصبح من المستحيل دخول الخرطوم الآن».

لتفادي المرور في العاصمة، بات على السائقين القيادة لمسافة مضاعفة، واعتماد مسار مُضنٍ عبر شرق السودان؛ لنقل الراغبين إلى الحدود الشمالية.
وأوضح عمر أن خط سير الرحلة أصبح شاقاً وطويلاً، إذ كان يضطر للذهاب شرقاً إلى ولاية البحر الأحمر، ثم عبور ولايتي كسلا والقضارف عند الحدود الجنوبية الشرقية مع إثيوبيا، قبل التوجه شمالاً إلى ود مدني.

وأشار إلى أنه ينتظر أياماً للعثور على عدد كافٍ ممن يرغبون في السفر إلى الوجهات التي يمر بها.
إضافة إلى الشاحنات والحافلات، كانت السكك الحديدية من وسائل النقل البري الأساسية في السودان، إلا أن حركة قطارات نقل الركاب على الخطين بين الخرطوم وود مدني، وبين العاصمة وعطبرة إلى الشمال منها، توقفت بدورها جراء النزاع الراهن. وشمل التوقف أيضاً قطارات نقل البضائع.

وأوضح مسؤول في «مصلحة السكك الحديدية»، لـ«وكالة فرنس برس»، أن القطارات التي كانت تنقل البضائع بين الموانئ وبقية أجزاء البلاد توقفت بدورها؛ نظراً لأن خط السكك يَعبر الخرطوم وضاحية بحري، اللتين باتتا ساحة للمواجهات.
ومع دخول النزاع شهره الرابع، دون أي أفق للحل، يخشى السائقون من أن تتأثر قدرتهم على توفير قُوتهم اليومي.
وقال تيجاني: «أخشى أن نفقد وظائفنا، وألا تدفع الشركات رواتبنا إذا لم تكن تحقق ربحاً».

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

اشتباكات وقصف عنيف في الخرطوم وأم درمان وسط تطلّعات السودانيون لاستئناف مفاوضات جدة

اتهام قوات الدعم السريع بقتل المفتش العام للجيش وهو أسير لديها

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

رئيس الحكومة المغربية يتسلم التقرير السنوي لهيئة مراقبة التأمينات…
اللجنة الوطنية للاستثمارات برئاسة أخنوش تُصادق على 56 مشروعاً…
مجلس النواب المغربي يُصادق على مشروع قانون يتعلق بإصلاح…
أبرز 7 دول عربية إنفاقاً على مشروعات البنية التحتية…
وزير الصناعة المغربي يكشف عن قيام وزارته بمراقبة الصفقات…

اخر الاخبار

الأردن يؤكد ضرورة دعم سوريا بدون تدخلات خارجية ويدين…
حزب التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة المغربية بالكشف عن مَبالغُ…
إشادة فلسطينية بالدعم المغربي المستمر لصمود الشعب الفلسطيني وثباته
الملك محمد السادس يُؤكد على عمق العلاقات الأخوية بين…

فن وموسيقى

سلاف فواخرجي تفوز بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان أيام قرطاج…
كاظم الساهر يسّتعد للعودة للغناء في المغرب بعد غيابه…
المغربي حاتم عمور يستنكر عدم حصوله عن أي جائزة…
منى زكي تؤكد أنها تتأنى دائما في اختياراتها لأعمالها…

أخبار النجوم

أحمد السقا يعلّق على المنافسة بين أبطال "العتاولة 2"
نيللي كريم تجتمع مع روبي وكندة علوش في "جاني…
هبة مجدي تكشف أسباب مشاركتها في الجزء الخامس من…
بشرى تكشف عن أمنياتها الفنية في المرحلة المقبلة

رياضة

المغربي أشرف حكيمي ضمن أفضل 100 لاعب لسنة 2024
نجم منتخب البرازيل وريال مدريد فينيسيوس جونيور يفوز بجائزة…
ليفربول يتواصل مع نجم برشلونة رافينيا لاستبداله بصلاح
يوسف النصيري يواصل تألقه رفقة فريقه فنربخشة في الدوري…

صحة وتغذية

المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع
نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
وزارة الصحة المغربية تكشف نتائج التحقيق في وفيات بالمركز…
اختبار عقاراً جديداً يُعيد نمو الأسنان المفقودة

الأخبار الأكثر قراءة

صندوق النقد الدولي يُشيد بالتقدم الذي يحققه المغرب في…
لقجع يُؤكد أن أسعار أدوية في المغرب تضاعف نظيرتها…
عملة البتكوين تتخطى 80 ألف دولار للمرة الأولى في…
بنك المغرب يُفيد بأن احتياجات السيولة لدى البنوك بلغت…
البنوك المغربية تُواجه تحديات متزايدة مع الاتحاد الأوروبي لتشديد…