كاراكاس - المغرب اليوم
تواجه فنزويلا أزمة اقتصادية خانقة، حيث يتعين عليها سداد 8.3 مليار دولار قبل نهاية السنة، ما أعاد إليها هاجس التخلف عن الدفع. وفي هذا البلد، الذي يحوي احتياطات نفطية كبيرة، لكنه يعاني من تراجع أسعار الخام، وحدها مجموعة "بتروليوس دو فنزويلا أس آي" التي تملكها الدولة تحمل عبء تسديد هذه الديون. ووضعت وكالة "إس بي" لتصنيف التقييمات العالمية سندات مجموعة "بتروليوس دو فنزويلا إس آي" تحت المراقبة السلبية، معربة عن قلقها من العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة في أغسطس / آب، والتي تمنع شراء سندات فنزويلية جديدة، ويقول المحللون إن ذلك أثر على موارد الحكومة.
وأكدت وكالة الأنباء الفرنسية أنه يتعين على فنزويلا أن تدفع، بين الدين السيادي ودين "بتروليوس دو فنزويلا أس آي"، ما يقدر بـ63.1 مليار دولار في أكتوبر / تشرين الأول، و5.2 مليار في ديسمبر / كانون الأول. وبلغت احتياطات فنزويلا أدنى المستويات منذ 20 عامًا، ووصلت إلى 9.1 مليار دولار. وخلفت المخاوف من التخلف عن الدفع مشهدًا اقتصاديًا مدمرًا لبلد يعتمد بنسبة 96% على النفط للحصول على عملاته الصعبة، ولا تلوح في الأفق إمكانية تحسن ملموس للأسعار. وخلال السنوات الأربع الأخيرة، تراجع إجمالي الناتج المحلي بنسبة 36 %، كما يقول مكتب "إيكواناليتيكا" الذي يقدر العجز الخارجي لفنزويلا بـ12 مليار دولار في 2018، وهي السنة التي سيبلغ فيها التضخم مستويات غير مسبوقة يقدرها صندوق النقد الدولي بـ3349.2%، لكن الحكومة الاشتراكية للرئيس نيكولاس مادورو ستحاول بكل الوسائل تجنب الوصول إلى التعذر عن دفع الديون، من خلال الاستمرار في التضحية بالواردات، كما يؤكد عدد كبير من المحللين.
وقال المحلل سيزار أريستيمونو: "ستحاول الدفع أيًا تكن الظروف، الحكومة تدرك أن ثمن تخلفها عن الدفع أكبر بكثير من ثمن الدفع". ومن المتوقع أن يؤدي دفع المبالغ المستحقة، التي تستحوذ الولايات المتحدة على 70% منها، إلى تفاقم نقص المواد الغذائية والأدوية التي تعد الدولة مستوردها الرئيسي. ويوضح مكتب "إيكواناليتيكا" أن قيمة الواردات تراجعت حتى الآن من 70 مليار دولار في 2012 إلى 5.1 مليار هذه السنة. وأكد أن الحكومة التي تطبق رقابة صارمة على أسعار الصرف، جمدت في سبتمبر / أيلول، منح القطاع الخاص عملات صعبة، فمنعت بذلك المؤسسات من استيراد البضائع. وإذا احترمت فنزويلا كل التزاماتها، فسيبلغ إجمالي ما ستسدده هذه السنة 91.9 مليار دولار، وفي عام 2018 ترتفع الاستحقاقات ثمانية مليارات، من إجمالي دين خارجي يقدر بـ100 مليار.
ويتباهى الرئيس مادورو بأنه يحرص على سداد الديون، وبأنه دفع 60 مليارًا لدائنيه الدوليين منذ 2015، رغم الحرب الاقتصادية التي تشنها، كما يقول، واشنطن واليمين الفنزويلي، لكن هل سيتمكن دائمًا من القيام بذلك؟ أجاب هنكل غارسيا، المحلل في "إيكونوميتريكا"، قائلاً: "من المستحيل أن تتمكن فنزويلا من الاستمرار من دون إعادة هيكلة ديونها، في لحظة ما في السنوات المقبلة ستضطر إلى فعل ذلك". وحينذاك سيتعين عليها التفاوض مع أبرز اثنين من دائنيها، الصين التي تستدين منها 28 مليارًا، وروسيا التي أقرضتها ثمانية مليارات، وموسكو، الحريصة على استثمار موقع تعدين بالغ الأهمية في جنوب البلاد، تبدو منفتحة على النقاش. ويستبعد صندوق النقد الدولي أي خطة إنقاذ لهذا البلد، الذي قطع العلاقات معه في 2007. وقال متحدث باسم الصندوق في واشنطن: "لم يجر أي نقاش مع السلطات عن برنامج للصندوق من أجل فنزويلا، لم نجر اتصالات مهمة مع السلطات منذ عشر سنوات على الأقل".