برلين - المغرب اليوم
يرسم الخبراء الألمان سيناريو واعدًا للإنفاق الصحي العالمي، يشير إلى نموه المطرد أينما كان، في ألمانيا وخارجها، وذلك خلال الأعوام المقبلة، متوقعين ارتفاعًا في الإنفاق الصحي، على الصعيد العالمي، حتى عام 2021 بمعدل 4.1 في المئة، وعلى صعيد ألمانيا، من المتوقع أن ينمو نحو 2.45 في المئة في الأعوام الثلاثة المقبلة.
ويقول إيريك آشفندن، الخبير في شؤون الرعاية الصحية المحلية والدولية، إن «ارتفاع وتيرة الإنفاق الصحي حول العالم، مقارنة بأي وقت مضى، يعود إلى أسباب محصورة داخل خمس نقاط: ارتفاع معدل العمر "الشيخوخة"، وزيادة سكان العالم، وتطوير أسواق جديدة، والتقدم المسجل في العلاج الطبي، وزيادة تكلفة العمل». وحتى عام 2020 يتوقع أن يقفز الإنفاق الصحي إلى 8.7 تريليون دولار في العالم. وينوه آشفندن بأن «هذه الزيادة وللأسف ما زالت تعجز عن توفير المساواة في الإنفاق الصحي بين جميع الطبقات الاجتماعية.
علاوة على ذلك، سيتفاوت هذا الإنفاق بين دولة وأخرى... على سبيل المثال سيكون لكل مواطن في الولايات المتحدة الأميركية 11.356 ألف دولار في عام 2021. في حين لن يتخطى 53 دولارًا سنويًا لكل مواطن في باكستان. وعلى الصعيد الألماني فإنه سيتراوح بين 9 و14 ألف دولار».
ويضيف آشفندن، أن الولايات المتحدة الأميركية تحتل المركز الأول عالميًا من ناحية الإنفاق الصحي الذي «يتخطى 3 تريليونات دولار سنويًا، ويستحوذ على 16.5 في المئة من الناتج القومي هناك. أما ألمانيا التي تحتل المركز الخامس عالميًا فتنفق نحو 1.2 تريليون دولار في قطاع الرعاية الصحية، ما يمثل نحو 8.2 في المئة من ناتجها القومي».
ويتوزع الإنفاق في القطاع الصحي على ثلاثة مراجع رئيسية، هي المستشفيات والأطباء والأدوية. على الصعيد الألماني تغطي حكومة برلين 756 مليار يورو سنويًا لصالح المستشفيات "مقارنة بتريليون دولار تخصصها حكومة واشنطن للمستشفيات الأميركية"، يتبعها ما إجماليه 420 مليار يورو لصالح الأطباء "مقارنة بنحو 635 مليار دولار في الولايات المتحدة الأميركية"، ثم الأدوية التي تحتاج إلى وصفة طبية لما مجموعه 23 مليار يورو "مقارنة بنحو 34 مليار دولار في الولايات المتحدة الأميركية و45 مليار فرنك سويسري في سويسرا".
من جانبها، تجزم سوزان هوديك، من وزارة الصحة في برلين، بأن «زيادة الإنفاق الصحي كان عاملًا جوهريًا في رفع معدل الحياة إلى 74 عامًا في العديد من الدول الصناعية. وفي الوقت الحاضر، يمثل أولئك الذين تتجاوز أعمارهم 65 عامًا وعددهم الإجمالي 656 مليونًا حول العالم نحو 11.6 في المئة من عدد سكان العالم». وبشأن ما يتعلق بمستشفيات المستقبل في الدول المتطورة، تقول إن «إداراتها ستعتمد تدريجيًا نموذج الرعاية الصحية المنزلية طويلة الأمد. وسيرتفع في الأعوام الخمسة المقبلة إنفاق دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي تعتبر ألمانيا أحد مؤسسيها على جميع أنواع العلاج الصحي طويل الأمد من 31 إلى 46 في المئة. في موازاة ذلك، سيتراجع الإنفاق على البقاء في المستشفيات من 38 إلى 26 في المئة، وسيغطي الحالات الصحية الحرجة».
وتتوقع هوديك ظهور مستثمرين جدد خصوصًا في قطاع الرعاية الصحية الخاصة. وفضلًا عن الاستثمار في عالم الروبوتات والذكاء الاصطناعي ستلجأ الشركات الألمانية الناشئة في قطاع الرعاية الصحية أكثر فأكثر إلى حلول رقمية سهلة من شأنها مساعدة المرضى بصورة متطورة ومرضية في الوقت ذاته. ولا تستبعد «ولادة عدة شراكات مالية بين القطاعين العام والخاص، لإضافة مزيد من الجودة على الرعاية الصحية، مما يوطد القوة المالية للقطاع الصحي ويعرض المزيد من الوظائف أمام الأيدي المتخصصة».
وتسعى معظم دول العالم إلى إنعاش اقتصاداتها الصحية التي تتقدم كل يوم بفضل التكنولوجيا التي تستعمل الذكاء الاصطناعي لتشخيص الأمراض المزمنة، والروبوتات لتقديم العناية اللازمة للمسنين، والمجسات البيولوجية للسيطرة على التكاليف وتحسين الرعاية الصحية. وتنفق ألمانيا نحو 740 مليون يورو كل عام لتطوير هذه التكنولوجيا.