الرباط - المغرب اليوم
أكد المغرب وبريطانيا ضرورة الحفاظ على مبادلاتهما التجارية خلال المرحلة الانتقالية، التي ستلي خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي عام 2019، وتطوير الشراكة الاقتصادية في مجالات عدة، على اعتبار أن الحدود البريطانية تقع في مضيق جبل طارق المتاخم للمياه المغربية على البحر الأبيض المتوسط.
وأنهى وزير الزراعة والصيد البحري والمياه والغابات والتنمية القروية المغربي عزيز أخنوش، زيارة إلى لندن اجتمع خلالها مع مسؤولين في الحكومة البريطانية، أبرزهم وزير الزراعة مايكل غوف، وممثلين عن غرفة الزراعة البريطانية.
وأفادت مصادر مطلعة بأن لندن والرباط اتفقتا على ضمان استمرار المعاهدات الحالية طيلة الفترة الانتقالية التي تلي الخروج من الاتحاد الأوروبي، وفقًا للنص الذي تم التوصل إليه بين بروكسيل ولندن، على أن توضع اتفاقات جديدة ملائمة بعد هذه الفترة.
ويستفيد المغرب منذ عقدين من وضعه المتقدم ومن اتفاق الشراكة والتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي لتصدير جزء كبير من منتجاته الزراعية والسمكية والغذائية إلى 28 دولة في الاتحاد، بينها المملكة المتحدة وإرلندا وبلاد الغال، كما يسعى إلى الإبقاء على الاتفاق التجاري الحر مع بريطانيا حتى بعد "بريكست".
وتستحوذ بريطانيا على نحو 5 في المائة من إجمالي صادرات المغرب الزراعية إلى الاتحاد الأوروبي، خصوصاً الحمضيات والطماطم وزيت الزيتون والفواكه والأعشاب الطبية ومواد التجميل والأسماك، وتبلغ قيمة تلك التجارة في الاتجاهين نحو 1.2 بليون جنيه إسترليني (1.7 بليون دولار)، لكن البلدين يعتبرانها قليلة مقارنة بالإمكانات المتاحة والعلاقات التاريخية العريقة بينهما.
وأفادت مصادر مطلعة بأن بريطانيا ستكون حرة أكثر في علاقاتها الاقتصادية الدولية، بعكس ما كانت عليه الحال داخل الاتحاد الأوروبي، إذ غالباً ما كانت القوانين الأوروبية مُعرقلة لتطوير تجارة المغرب مع بعض دول الشمال الأوروبي، لذلك بقيت بريطانيا تحتل المرتبة الخامسة، خلف إسبانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا، على رغم التعاون في مجالات أخرى مثل الطاقات المتجددة والخدمات المالية وسوق الرساميل.
ويدرس البلدان التأثير التجاري للخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، وسُبل تحويله إلى شراكة اقتصادية واستثمارية وزراعية أكثر تطوراً، تضمن موقعاً جيداً للصادرات الزراعية والغذائية المغربية التي تمر عبر أوروبا، وهو ملف سيحتاج إلى توضيح قانوني في شأن الحقوق الجمركية والحرية التجارية، وشروط مرور الصادرات الزراعية عبر حدود الاتحاد الأوروبي. وأضافت المصادر أن انفصال بريطانيا عن الاتحاد في ربيع 2019، قد يمنحها حرية أكبر في توقيع اتفاقات جديدة مع المغرب.
وتسعى لندن إلى تطوير شراكتها مستقبلاً مع الرباط التي تعتبر أقرب منطقة برية وبحرية إلى الاتحاد الأوروبي وجبل طارق، وتحتل موقعاً استراتيجياً على البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، مفيداً للشركات البريطانية الراغبة في التصدير نحو الأسواق الأوروبية والأفريقية.
وكانت بريطانيا اعتمدت على المغرب في التزود بالمياه العذبة والغذاء في فترة الحصار الذي فرضه الجنرال الراحل فرانكو على جبل طارق في إطار تداعيات خلاف إسباني مع بريطانيا عام 1969.
وكثيرًا ما يتداخل التاريخ والجغرافيا في العلاقات بين الدول الثلاث، إذ يصر المغرب على استرجاع سبتة ومليلة المحتلتين عندما تعيد بريطانيا جبل طارق إلى إسبانيا، وهي من بقايا سقوط الأندلس في القرنين الـ15 والـ16.
وأعطى الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى ذلك الضوء الأخضر للمفوضية في بروكسيل لإطلاق مفاوضات جديدة مع المغرب للتوصل إلى اتفاق جديد للصيد البحري، بدلًا من الاتفاق الحالي الذي ينتهي تموز /يوليو المقبل، ويسمح إلى 119 باخرة بالصيد في المياه المغربية على طول 3500 كلم، ويمكن لبريطانيا الحفاظ على أسطول الصيد في المغرب إلى حين التوصل إلى اتفاق ثنائي العام المقبل.