الخرطوم - المغرب اليوم
استجابة لاحتجاجات الخبز التي شهدها السودان خلال الأيام الماضية، طرحت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، أمس، عطاءً دولياً لاستيراد 500 ألف طن من القمح والدقيق.
وإثر الإعلان عن المناقصة، أعلن جبارة الباشا، الأمين العام لاتحاد المخابز في ولاية الخرطوم، عن زيادة حصة الدقيق للمخابز بصورة دائمة لمقابلة الفجوة، حيث سيتم زيادة حصة الدقيق لسكان الولاية، البالغ عددهم نحو 10 ملايين نسمة، من 43 إلى 50 ألف جوال يومياً.
وقبل أيام، أعلن رئيس الوزراء السوداني، معتز موسى، أن موازنة بلاده لعام 2019 تشمل مخصصات للدعم بقيمة 66 مليار جنيه سوداني "1.4 مليار دولار"، منها 53 ملياراً للخبز والوقود.
ويتزايد الغضب العام في السودان بسبب ارتفاع الأسعار ومصاعب اقتصادية أخرى، منها تدهور قيمة العملة، وتضاعف أسعار الخبز هذا العام، مع وضع حدود للسحب من البنوك. ويبلغ معدل التضخم بالسودان 69 في المائة، وهو من أعلى المعدلات في العالم.
وشهد سعر العملة الأميركية في السوق الموازية انخفاضاً خلال الأسبوع الماضي من 69 إلى 50 جنيهاً، بينما ظل سعره الرسمي 47.5 جنيه.
وأشارت مصادر إلى أن عطاء القمح والدقيق، الذي أعلنه المدير العام للبنك الزراعي السوداني صلاح الدين حسن في عدد من الصحف المحلية، قصدت به وزارة المالية السودانية بث التهدئة والطمأنينة في أوساط المحتجين.
كما قصدت به الوزارة، وفقاً للمصادر، الإعلان عن قدرة الحكومة على حلحلة مشكلة الخبز وندرة الدقيق.
وقال المدير العام للبنك الزراعي السوداني، صلاح الدين حسن، إن مبلغ العطاء سيحدد لاحقاً، عقب انتهاء موعد قفل باب التقديم، لافتاً إلى أن آخر عطاء لتوريد قمح تصدره وزارة المالية كان قبل عامين.
وأوضح الأمين العام لاتحاد المخابز أن حاجة ولاية الخرطوم من الدقيق تبلغ 50 ألف جوال يومياً، بينما المتوفر حالياً 43 ألف جوال، مشيراً إلى أن انسياب هذه الحصة الخاصة بولاية الخرطوم من الدقيق تسير حالياً بصورة مرضية للمخابز في العاصمة، التي تصل أعدادها إلى نحو 3 آلاف مخبز حديث، و40 مخبزاً عادياً.
من جهته، قال وكيل وزارة التجارة الخارجية الأسبق، المسؤول السابق عن ملف القمح، الكندي يوسف، إن ندرة السلع الاستراتيجية، ومن ضمنها القمح ودقيق الخبز، صارت ظاهرة ملازمة لاقتصادات البلدان النامية، مما يدفعها دائماً للتخطيط للاكتفاء الذاتي منها، مبيناً أن النتائج المحققة من مستهدفات الحكومة للاكتفاء الذاتي من القمح والتوسع في زراعته كانت دون الطموح.
وفي إطار استجابة الحكومة لاحتجاجات الخبز، طالبت وزارة الصناعة والتجارة المصانع بالبيع المباشر للمواطنين، من خلال الميادين والمنافذ، للمساهمة في تخفيض الأسعار بنسبة لا تقل عن 30 في المائة، وأكدت أن المرحلة المقبلة ستشهد نشاطاً وتوسعاً في الحركة التعاونية.
وتتوقع المصادر أن تشهد الفترة المقبلة تشريعات تعفي أسواق المنتجين من الرسوم والجبايات، بجانب تنشيط التعاونيات، كأدوات أساسية لتخفيف العبء المعيشي.
ورهن البروفسور محمد الجاك أحمد، المحلل الاقتصادي، نجاح موازنة العام المقبل بمعالجة المؤشرات الاقتصادية السلبية، التي من بينها ارتفاع معدلات التضخم، وسعر صرف العملات الأجنبية، إضافة إلى ارتفاع السلع والخدمات، والركود والاقتصادي في الأسواق السودانية بصورة عامة.
وشدد الجاك على ضرورة إحكام الرقابة على الأسواق لمحاربة الاحتكار والمضاربات في السلع.
ويواجه اقتصاد السودان صعوبة بالغة للتعافي، بعدما فقد 3 أرباع إنتاجه النفطي، وهو المصدر الأساسي للعملة الصعبة، منذ أن انفصل الجنوب في عام 2011، آخذاً معه معظم حقول النفط.
ورفعت الولايات المتحدة، في أكتوبر/ تشرين الأول 2017، عقوبات تجارية فرضتها على السودان طيلة 20 عاماً. لكن كثيراً من المستثمرين يعزفون عن العمل في السودان الذي لا يزال مدرجاً لدى واشنطن كبلدٍ راعٍ للإرهاب.