الرباط - المغرب اليوم
في ظل توالي سنوات الجفاف وتأثيراتها المنعكسة على محاصيل الحبوب بالمغرب، ما يعني استيرادا أكبر لها، تخطط الحكومة المغربية، ممثلة في وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، لتعبئة مليون هكتار إضافية لزراعات الحبوب؛ وهو تقدم بخطى واثقة على درب السيادة الغذائية في إنتاج الحبوب وطنيا.
إعلان هذه الخطوة الرامية إلى تعزيز السيادة الغذائية المغربية من الحبوب وتقليص التبعية والاستيراد من الخارج جاء على لسان محمد صديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، خلال افتتاح الدورة التاسعة من المعرض الدولي لصناعات الحبوب («معرض الحبوب والمطاحن» Grain & Millings Expo)، الملتئمة فعالياته في الدار البيضاء على مدى يومين.
وأقر الوزير الوصي على قطاع الفلاحة، أمام جمهور من مشغلي المطاحن وفاعلي قطاع الحبوب خلال المعرض المنظم هذه السنة تحت شعار “السيادة الغذائية.. الحبوب نموذجا”، بأنه “من الصعب، طبعا، ضمان الاكتفاء الذاتي في الحبوب”، ثم استدرك قائلا: “لكن الجهود المبذولة في هذا المجال، في إطار استراتيجية الجيل الأخضرGénération Green ، ستسمح للمملكة بتغطية جزء كبير من احتياجاتها”.
ولتعزيز سيادته على الحبوب، يسعى المغرب إلى تعبئة مزيد من الأراضي الزراعية المخصصة لهذا المحصول من خلال استخدام أمثل تقنيات “الري التكميلي المتقدم” (irrigation d’appoint)، كما أن برنامج “الجيل الأخضر” يولي مكانة مهمة لقطاع مطاحن الحبوب، مشيرا إلى أنه “تم التوقيع على عقد برنامج مع الفاعلين بغلاف مالي قدره 7 مليارات درهم، يروم تثمين المنتجات وزيادة الإنتاجية”.
كما أورد المسؤول الحكومي الوصي على القطاع الفلاحي ما وصفه “التحدي المتمثل في الري التكميلي لمليون هكتار من أجل ضمان استمرارية الإنتاج الوطني من الحبوب، وتأمين إنتاج سنوي يناهز 90 مليون قنطار”، مشددا على أن “هذه الإجراءات الكبرى هي جزء من منطق السيادة على هذا المورد الزراعي الحيوي، في أفق تقليل اعتماد المملكة على واردات الحبوب”.
وبالنسبة لوزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، فإنه “من الضروري زيادة كميات الحبوب المنتجة على النطاق المحلي مع الحفاظ على الموارد المائية التي تتعرض لضغوط غير مسبوقة بعد سنوات متتالية من الجفاف”، مستدلا بأن “الأزمات المتتالية التي شهدها العالم، لا سيما كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا، سمحت للمملكة باختبار قدراتها لتغطية احتياجات السوق المحلية دون أي انقطاع”.
“لقد أظهرت بلادنا ولا تزال تبصم على مزيد من المرونة. خلال الأزمة الصحية، تم توفير الحبوب وغيرها من المنتجات الغذائية الزراعية الأساسية في الأسواق بشكل كافٍ، بفضل جهود الفاعلين المهنيين والقطاع العمومي”، ذكر الوزير الذي أعلن أنه “اعتبارا من العام المقبل، ستقوم الدولة بتفعيل آليات الدعم المخصصة لبعض المدخلات الزراعية، ولا سيما أسمدة الآزوت (fertilisants azotés) المستوردة التي تشهد أسعارها تضخما منذ عام 2021، إذ سيتم تعميم مساعدات تصل إلى نسبة 50 في المائة”.
“آلية دعم الأسمدة المستوردة”
إجراء آخر لم يفوت وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات الكشف عنه وتأكيده خلال الموعد السنوي الأبرز لفاعلي الحبوب والمطاحن بالمغرب، هدفه “التخفيف من الضغط على أسعار المدخلات الزراعية والفلاحية intrants)”، إذ تعكف الوزارة الوصية على قطاع الحبوب على “إعداد مشروع آلية دعم تصل إلى 50 في المائة”، وستكون موجهة للأسمدة الآزوتية المستعملة أساسا في تخصيب الأراضي وزيادة مردودية المحاصيل.
يشار إلى أن دورة المعرض الدولي لصناعات الحبوب لعام 2023 تنعقد بمشاركة أزيد من 100 عارض من 40 بلدا، وضيف شرف هو الولايات المتحدة الأمريكية.
حسب معطيات حديثة من مهنيي الفيدرالية الوطنية لتجار الحبوب والقطاني، فإن استهلاك المغربي بلغ 450 ألف طن في الشهر من القمح اللين؛ أي ما يزيد عن 5 ملايين طن في العام، مشيرين إلى أن “أكثر من نصف ما يستهلكه المغاربة من الحبوب يتم استيراده من الخارج”.
المهنيون يثمنون الخطوة
عبد القادر العلوي، رئيس الفيدرالية الوطنية للمطاحن، ثمن ما أعلنه المسؤول الحكومي ذاته قائلا إن “وزارة الفلاحة تدعم، عبر هذه الإجراءات، تشجيع المزارعين في قطاع الحبوب عند الإنتاج من أجل مردودية أكثر وتحسين المحاصيل؛ ما يعني مباشرة عدم إيجاد مشكل في التسويق وجودة الحبوب”.
وتابع العلوي، في تصريح ، أن “اعتماد الري بالتنقيط وتقنيات الري التكميلي لصالح مليون هكتار إضافية خلال الخمس أو الست سنوات المقبلة قرار جريء سنجني ثماره في إطار استراتيجية الجيل الأخضر بمجرد أن يشهد الموسم تساقطات مطرية عادية”، مضيفا أن “استعمال أسمدة الآزوت المدعومة من طرف الدولة عبر طلب عروض عبر مكتب الحبوب والقطاني من أجل دعم 500 ألف طن من الأسمدة سيضمن تنويعا في جودة الحبوب المنتجة وطنيا”.
وخلص الفاعل المهني إلى الإشادة بدعم الأسمدة التي تظل “العنصر الحاسم في تنويع الجودة وتحسين مردودية المحصول في كل هكتار؛ ما سينعكس إيجابا على نوعية الطحين بالمطاحن، وطبيعة اشتغالها”، معبرا عن أمله في “بلوغ البلاد للاكتفاء الذاتي” قبل حلول 2030.
قد يهمك أيضا
صديقي يتفقد المناطق الفلاحية المتضررة من الزلزال في إقليم ورزازات