الرباط - المغرب اليوم
ليست الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي ولمجموعة البنك الدولي التي تواصل أعمالها في مدينة مراكش، حدثاً دولياً من مستوى فوق المعتاد فحسب، ولكنها، في حقيقة الأمر وجوهره ، حدثٌ مفصلي بأدق معاني الكلمة، يصنف ضمن الأحداث التاريخية التي تضاف إلى قائمة المكاسب الدبلوماسية والانتصارات السياسية والملاحم الوطنية التي يزخر بها السجل المغربي. فهذه هي المرة الثانية التي تعقد فيها الاجتماعات الخريفية للمؤسستين الماليتين الدوليتين في بلد أفريقي، بعد الاجتماع الأول الذي عقد في نيروبي عاصمة كينيا قبل خمسين سنة، وهذه إشارة ذاتُ دلالةٍ ندرك نحن المغاربة المعاني الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية التي تنطوي عليها، ونقدرها حق قدرها، ونفسرها في سياق الظرفية الدولية التي يمر بها العالم اليوم، وسوف نعمل على استثمارها في تعزيز مركز بلادنا الدولي، ونوظفها في تحقيق المصالح العليا للدولة المغربية على المستويات الأربعة، الوطني والإقليمي والقاري والدولي، وفق المعايير السياسية والمحددات الدبلوماسية المعتمدة لدينا.
هذه الطفرة الواسعة والنقلة النوعية اللتان تتمثلان في استضافة المملكة المغربية للاجتماعات السنوية التي تعقدها هاتان المؤسستان الدوليتان ، من أهم نتائجها على الصعيد الوطني الذي يهمنا في المقام الأول، أنها تساهم إلى حد كبير ، في الرفع من أسهم المغرب وتصعيدها عالياً في بورصة السياسة الدولية، وتفتح الأبواب أمام الاستثمارات الأجنبية للولوج إلى الأسواق المغربية ، وتشجع الاستثمارات الوطنية ، سواء من الداخل أو من الخارج ، على الدخول إلى المجالات الكثيرة المشرعة أمام الرأسمال المستثمر والمنتج ، باعتبار أن اجتماعات صندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي في مراكش ، هي من أقوى الضمانات على قوة الاقتصاد الوطني و على سلامة مناخ الأعمال وصحة بيئته في المغرب ، بقدرما هي شهادة عالية القيمة على نجاعة قانون الاستثمار في بلادنا من النواحي كافة ، وإن كان بطريقة غير مباشرة، لأن دلالة انعقاد هذه الاجتماعات الدولية في المغرب تفيد أن صندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي يضمنان المملكة المغربية، و يقدمانها أمام العالم بحسبانها دولة موثوق بها وواحة للأمن و الاستقرار، تنهج سياسة اقتصادية نشيطة وقادرة على رفع التحديات التي تعترض دول العالم في المجالات الاقتصادية والاجتماعية و قطاعات التنمية الشاملة المستدامة .
إن أسهم المغرب تصعد عالياً في بورصة المال والأعمال، وفي مجالات الدبلوماسية الناضجة و الرصينة والسياسة الداخلية الحكيمة التي يقودها جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله و نصره. و هذه مكاسب من الدرجة العليا، وانتصارات من المستوى الرفيع ، وخطوات ثابتة وواثقة على الطريق نحو بناء الدولة العصرية التي تقتحم ميادين التقدم والازدهار والرفاه، وتبني صروح المجد الوطني بقيادة العرش الجامع للوحدة الوطنية ، والحامي للوحدة الترابية للمملكة .
فاجتماعات مراكش التي دخلت يومها الثاني، حدث تاريخي من درجة ما فوق المعتاد، لأنه حدث مفصلي يؤسس للمرحلة الجديدة التي دخلها المغرب وهو عازم على تكييف سياساته معها، والارتفاع باختياراته إلى سقفها الأعلى .
قد يهمك أيضا
صندوق النقد الدولي يتوقع نمو الاقتصاد المغربي بـ 3,6 % سنة 2024