الرئيسية » عالم الاقتصاد والمال
الريال الإيراني

طهران - المغرب اليوم

يكفي أن تسير قليلًا على قدميك في شارع فردوسي وسط طهران، حيث أكبر مراكز الصيرفة الإيرانية حتى ترى أصل الحكاية. طوابير مئات الأشخاص أمام مراكز الصيرفة لشراء الدولار، لا تحتاج إلى أي شرح. لكن إحدى وسائل الإعلام الإيرانية قالت في وصف حالة الهلع، الأحد، إن الناس وضعوا أموالهم في مزاد. تلك الأموال التي يقلقون على مستقبلها الغامض على ما يبدو وسط استمرار انهيار العملة المحلية.

وصل سعر الدولار في محال الصرفية الإيرانية إلى 5800 تومان. قفزة تعادل 700 تومان بنسبة 12 في المئة. لكن في الأسواق غير الرسمية بلغ سعر الدولار 6000 تومان، وهو ما يظهر تراجع العملة الإيرانية بنسبة 14 في المئة خلال 24 ساعة، وتظهر الصورة على المدى البعيد أن الأزمة متجذرة. العام الجاري لم يكن مر على بدايته 21 يومًا حتى شهد سعر الدولار ارتفاعًا ما يعادل 1200 تومان بنسبة 25 في المئة. لكن خلال الأشهر الستة الأخيرة زاد سعر الدولار 2200 تومان ما يعادل 45 في المئة. وبطبيعة الحال، منذ وصول روحاني في 2013 إلى منصب الرئاسة زاد 2250 تومان ما يعادل ارتفاعًا بنسبة 70 في المئة.

حتى الأحد، لم يسبق أن شهدت أسواق المال الإيرانية في ظل حكومة روحاني، ارتفاعًا بنسبة 14 في المئة بأسعار الدولار على مدار اليوم. آخر مرة في زمن الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد شهد الريال الإيراني انخفاضًا شديدًا أمام الدولار. بدوره، روحاني الذي بدأ حملة الانتخابات الرئاسية الأولى قبل خمسة أعوام بوعود السيطرة على سعر الدولار، عاد إلى وعوده السابقة قبل شهرين، أي في بداية عودة التوتر إلى أسعار الدولار، وقال خلال مقابلة تلفزيونية ردًا على سؤال "اطمئنوا، سعر الدولار سينخفض". تلك اللقطة يتداولها الإيرانيون في شبكات التواصل الاجتماعي مثل نكتة تثير الضحك.

أما أسعار الدولار، فأطلقت العنان بعد 24 ساعة تحديدًا على تصريحات رئيس البنك المركزي ولي الله سيف حول رضا الحكومة عن أسعار سوق العملة، ولا سيما الدولار. ويتعرض رئيس البنك المركزي الذي تنتهي مهمته هذا العام، وهو من بين مسؤولين في إدارة روحاني لانتقادات شديدة اللهجة. لكنه يقول: إن وضع الذخائر المالية جيد، لكننا نعتقد أن سعر الدولار يجب أن يبلغ المستوى المطلوب، وهو السعر الذي اعتبر مستواه المعقول بحدود 5700 تومان. لم يمض يوم حتى وصلت رسالة سيف للإيرانيين.

وحاولت وسائل إعلام الحكومة على مدى الأسبوع الماضي وبالتزامن مع عودة الإعلام من القيلولة الربيعة، التأكيد على أن الأسعار الحالية للدولار كاذبة، مشددة على ضرورة أسعار الدولار. وأوضحت أن ارتفاع سعر الدولار سيعزز السلع المحلية وزيادة الصادرات، وبذلك تعزز سياسية الحكومة ما يقوله محللون اقتصاديون حول اتباع فريق روحاني الاقتصادي سياسة مختلفة في الاقتصاد قائمة على السياسات النيوليبرالية.

من جانب آخر، فإن زيادة سعر الدولار وبطريقة غير رسمية يصب في صالح مجموعة الحكومة. إدارة روحاني باعتبارها أكبر من يملكون الدولار في السوق الإيرانية تنتفع من زيادة أسعاره، ويتحقق ذلك بواسطة السماسرة والوسطاء في أسواق المال وبيع الدولار بأعلى من السعر الرسمي الذي تنص عليه الميزانية. وتوقع الحكومة سعر الدولار في ميزانية هذا العام 3500 تومان، وإذا بقي سعر الدولار على 6000 في الأسواق الإيرانية ذلك يعني أن دخل الحكومة يرتفع نحو 71 في المئة من بيع الدولار. وبإمكانها تعويض نقص الميزانية عبر ذلك. وهي الطريقة التي لجأت إليها الحكومة العام الماضي.

لكن زيادة سعر الدولار لم تكن نتيجة تغيير سياسات الحكومة أو تصريحات رئيس البنك المركزي. إنما أسباب أخرى أدت بالريال الإيراني إلى الهاوية، من جانب، بعد أيام سيعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب موقفه من الاتفاق النووي. وهو الموقف الذي تتوقعه السوق في إيران أن يكون إعلان خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي؛ ما يعني عودة العقوبات "القاسية" على الاقتصاد الإيراني.

لكن من جانب آخر، فإن الذخائر الإيرانية من العملات تراجعت على الرغم من تصريحات رئيس البنك المركزي، الصادرات الإيرانية شهدت تراجعًا بنسبة 20 في المئة خلال الشهرين الماضيين، وهو ما يعني ضياع بعض العملة من بيع النفط، المصدر الأساسي لدعم الميزانية الإيرانية. ويعني نقص العملة، تراجع البيع في الأوضاع المتفجرة للطلب؛ مما يعني استمرار ارتفاع سعر الدولار.

من جهة أخرى، فإن المشاكل السياسية للنظام الإيراني مع المجموعة الدولية، لها حصتها في تذبذب أسعار الدولار. أكثر البنوك الدولية الكبيرة تتجنب إقامة علاقات بنكية مع البنوك الإيرانية، لأسباب من بينها قوانين مجموعة العمل المالي "فاتف" وغسل الأموال ودعم النظام البنكي للإرهاب.

وسط ذلك، فإن الفريق الاقتصادي للحكومة رغم علمه بزيادة الأسعار، يحاول القيام بأنشطة تحول دون ظهور الزيادة على هيئة انفجار الأسعار، منع شراء السلع الأجنبية بالدولار واحد من أهم تلك القرارات. وفق هذا القرار، يتعين على مستوردي السلع تسجيل الطلبات بعملة غير الدولار في الجمارك. إضافة إلى ذلك، يأتي قرار التوجه إلى تبادل العملات المحلية في التبادلات التجارية.

لكن كل ذلك لم يمنع من تفجر الأسعار. وثبت أن الحكومة لا تملك في حقيبتها ما يكفي من الدولارات، وردًا على ارتفاع الدولار، طلب نواب في البرلمان استدعاء وزير الاقتصاد مسعود كرباسيان ورئيس البنك المركزي ولي الله سيف للرد على أسئلتهم. يأتي ذلك في حين يواجه روحاني شبح الاستجواب منذ الشهر الماضي بسبب تدهور الوضع الاقتصادي، وإفلاس المؤسسات الاقتصادية، وتدهور قيمة العملة الإيرانية.

على الرغم من ذلك، أظهر الدولار أنه لا يريد التنازل ولا يمكن ترويضه. ويعود ذلك إلى أن أسعار الدولار لم تتغير تحت تأثير الأسباب العوامل الاقتصادية فقط، وإنما تحول الآن إلى سلعة رمزية تظهر هزات شديدة في هيكل الحكومة الإيرانية، وقلق عميق بين الإيرانيين من ذهاب ممتلكاتهم أدراج الرياح. وهو ما يفسر وقوف الإيرانيين في طوابير لشراء الدولار بما يملكون من أموال في البنوك والجيوب.

ويعتقد المراقبون الماليون أنهم لا يعرفون شيئًا من ارتفاع سعر الدولار، لكن ما يعرفونه أن أسعار الدولار ترتفع دائمًا وممتلكاتهم بالريال تتحول إلى دخان وتنحف في كل يوم. أيًا كان الوضع، فإن الدولار حتى هذه اللحظة ارتفع 10 آلاف في المئة بعد سنوات الثورة ما يعادل 100 ضعف.

ولم  تعد رؤية الأزمة الاقتصادية في إيران في حاجة إلى نظرة فاحصة ودقيقة. يكفي أن يمضي أي شخص نصف نهاره بين محال الصيرفة في شارع إسطنبول حتى يرى عمق الحكاية بعين مجردة. أسعار الدولار تتغير والريال الإيراني يدهَس في كل ساعة.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

رئيس الحكومة المغربية يتسلم التقرير السنوي لهيئة مراقبة التأمينات…
اللجنة الوطنية للاستثمارات برئاسة أخنوش تُصادق على 56 مشروعاً…
مجلس النواب المغربي يُصادق على مشروع قانون يتعلق بإصلاح…
أبرز 7 دول عربية إنفاقاً على مشروعات البنية التحتية…
وزير الصناعة المغربي يكشف عن قيام وزارته بمراقبة الصفقات…

اخر الاخبار

الأردن يؤكد ضرورة دعم سوريا بدون تدخلات خارجية ويدين…
حزب التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة المغربية بالكشف عن مَبالغُ…
إشادة فلسطينية بالدعم المغربي المستمر لصمود الشعب الفلسطيني وثباته
الملك محمد السادس يُؤكد على عمق العلاقات الأخوية بين…

فن وموسيقى

سلاف فواخرجي تفوز بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان أيام قرطاج…
كاظم الساهر يسّتعد للعودة للغناء في المغرب بعد غيابه…
المغربي حاتم عمور يستنكر عدم حصوله عن أي جائزة…
منى زكي تؤكد أنها تتأنى دائما في اختياراتها لأعمالها…

أخبار النجوم

الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني
تامر حسني يشوق جمهوره لدويتو مع رامي صبري
أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
أحمد السقا يكشف عن مفاجأة حول ترشحه لبطولة فيلم…

رياضة

المغربي أشرف حكيمي ضمن أفضل 100 لاعب لسنة 2024
نجم منتخب البرازيل وريال مدريد فينيسيوس جونيور يفوز بجائزة…
ليفربول يتواصل مع نجم برشلونة رافينيا لاستبداله بصلاح
يوسف النصيري يواصل تألقه رفقة فريقه فنربخشة في الدوري…

صحة وتغذية

المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع
نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
وزارة الصحة المغربية تكشف نتائج التحقيق في وفيات بالمركز…
اختبار عقاراً جديداً يُعيد نمو الأسنان المفقودة

الأخبار الأكثر قراءة

لقجع يُؤكد أن أسعار أدوية في المغرب تضاعف نظيرتها…
عملة البتكوين تتخطى 80 ألف دولار للمرة الأولى في…
بنك المغرب يُفيد بأن احتياجات السيولة لدى البنوك بلغت…
البنوك المغربية تُواجه تحديات متزايدة مع الاتحاد الأوروبي لتشديد…
نشوة الانتخابات تضع إنفيديا على رأس الشركات الأكثر قيمة…