الرياض - المغرب اليوم
أكَّد مختصّون أنّ مصير تداعيات الآثار المحتملة على أسعار النفط وأسواق الطاقة مرهون بمعالجة السعودية لما حدث، السبت، من اعتداء على معملي تكرير نفط شرق المملكة تابعين لشركة "أرامكو" السعودية.
وشدد الخبراء على أن عاملي زيادة المعروض وتوفر المخزون من النفط سيخففان من أي تداعيات سلبية محتملة على أسعار وإمدادات الأسواق العالمية.
وأقرت السعودية رسميا بتوقف عمليات الإنتاج مؤقتا، لكنها أكدت في الوقت ذاته قدرتها على تعويض الفاقد من مخزوناتها، جاء ذلك مربوطا بمطالبة وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان للمجتمع الدولي بحماية إمدادات الطاقة من الإرهاب، في وقت أشار فيه إلى أن معلومات جديدة ستُقدم خلال يومين من وقوع الاعتداء، ويؤكد المهندس عبدالعزيز البركات الحموه، الرئيس التنفيذي لـ«المجموعة الحديثة للاستثمار الصناعي» أن السيناريوهات السلبية المتجهة نحو افتراض النقص في الإمداد في حال ظهر على أرض الواقع، يمكن أن تؤثر على الصناعات البتروكيماوية والغاز، ولكن في الوقت الراهن، وفقاً للمعلومات الحالية، فإن الجهود قائمة للسيطرة على الموقف، وعليه، لا بد من الانتظار حتى إعلان الإفصاح الرسمي عن الموقف واكتمال المشهد بوضوح أكثر.
وبادرت شركات بتروكيماويات سعودية عن إعلان نقص في إمدادات بعض مواد اللقيم بنسب متفاوتة، لكنها لا تعطل سياق عمل الإنتاج لديها، حيث تراوحت بين 16 و40 في المائة، منها شركة «صدارة للكيميائيات» (صدارة)، وشركة «الصحراء العالمية للبتروكيماويات» (سبكيم)، و«شركة التصنيع الوطنية»، و«الشركة الوطنية للبتروكيماويات» (بتروكيم)، و«الشركة المتقدمة للبتروكيماويات»، وشركة «ينبع الوطنية للبتروكيماويات» (ينساب). وتعمل تلك الشركات حالياً على تقييم الآثار النهائية لتحديد الأثر المالي، وسيتم الإفصاح لاحقاً عن أي تطورات جوهرية، وفقاً للإجراءات واللوائح التنظيمية ذات العلاقة.
وأعلنت شركة «نماء للكيماويات» أنه تم التواصل مع الموردين الرئيسيين حول إمدادات بعض مواد اللقيم حيث أكدوا عدم وجود نقص في الإمدادات قد يترتب عليه أثر مالي على أعمال الشركة حتى يوم أمس.
أمام ذلك، يشدد الحموه على أن السعودية تمثل ثقلاً كبيراً ليس في إمداد النفط فحسب، بل حتى فيما يرتبط بذلك من صناعات عملاقة، حيث وجودها كمخزن وفير للزيت الخام قادر باحتياطاته الضخمة على تغطية النقص والاحتياج إذا ما دعت الحاجة إليه، مما يبدد التوتر ويفرض الطمأنينة.
ووفقاً لمصادر مختصة في أبحاث صناعة النفط، فإن عامل تشخيص ما حصل وتداعياته من قبل الحكومة السعودية سيكون جوهرياً فيما ستؤول إليه ردود الفعل الدولية المستثارة من الواقعة العدوانية، وفي تحديد التداعيات المنظورة على النفط على صعيدي الأسواق والطلب.
ولفتت إلى أن التصريحات المتتالية من قبل المسؤولين في العالم تؤكد الرؤية الدولية حول فرط حساسية المشهد العدواني، لا سيما تصريح وزير الخارجية الأميركي الذي وصف ما وقع من اعتداء بأنه مؤثر على «الإمدادات العالمية».
ولفت إلى أن الأسواق لا بد أن تشهد هزّة مع انطلاقتها، متوقعاً أن ترتفع الأسعار بين 2 و3 في المائة في وقت سيكون التفاعل الجيوسياسي عاملاً مؤثراً في حركة الأسعار، لافتاً إلى أن الحركة السعرية مرشحة أن تكون عرضة للتوتر في الأيام المقبلة حتى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقال المصدر: «المملكة معروفة بالشفافية لا سيما تصريحاتها المتعلقة بالمشهد النفطي وشركة (أرامكو)، وهو ما ينتظره العالم لمزيد من توضيح التفاصيل المتعلقة بما وقع وما مدى تأثيره على الإنتاج، وبالتالي عملية التصدير المستقبلية».
وزاد أنه في حال تشديد المجتمع الدولي على العامل الجيوسياسي والوصول إلى لغة تتعلق بالموقف السياسي العسكري، فإن ذلك سيلقي بآثاره مباشرة على السوق النفطية في العالم، داعياً في الوقت ذاته إلى ضرورة الدفع بأهمية إيجاد غطاء أمني جوي مخصص للمواقع الاستراتيجية في الطاقة، لا سيما أن لدى السعودية خزانات نفط خام وتقوم بعمليات التكرير والمعالجة، وبالتالي تعزيز الغطاء الجوي المتين الذي من شأنه حماية تلك المنشآت العملاقة والحيوية من أي تهديد.
ويؤكد المصدر أن واقع سوق النفط هو ارتفاع ملحوظ في المعروض، بدليل التوجه نحو التخفيض التدريجي للكميات المعروضة من المنتجين، مضيفاً أن وجود وفرة في المخزون العالمي قادر على التغطية من بينها السعودية، وعلى ذلك فتوقعات توترات سعرية إلى المدى المتوسط، على الأقل، يمكن محاصرته.
وكان وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان أكد أن المملكة ستلجأ إلى استخدام مخزوناتها النفطية الكبيرة لتعويض عملائها، مشيراً إلى أن انفجارات السبت أدَّت كذلك إلى توقف إنتاج كمية من الغاز المصاحب الذي يتم استخراجه مع النفط تُقدَّر بنحو ملياري قدم مكعّب.
وكانت السعودية بنت 5 منشآت تخزين ضخمة تحت الأرض في مناطق عدة من البلاد بين عامي 1988 و2009 قادرة على استيعاب عشرات ملايين البراميل من المنتجات النفطية المكررة على أنواعها، يتم استخدامها في أوقات الأزمات.
وبحسب بيانات مشتركة للدول المنتجة للنفط (جودي)، فإن المخزونات النفطية السعودية في الداخل والخارج وصلت إلى 188 مليون برميل حتى نهاية يونيو (حزيران) الماضي. وباحتساب النقص المقدَّر في الإنتاج نتيجة الهجوم، البالغ 5.7 مليون برميل تكون المخزونات كافية لتعويض هذا الحجم مدة 33 يوماً. وتتوزع المخزونات السعودية الاحتياطية بين مواقع داخل المملكة، وأخرى في مصر واليابان وهولندا.
إلى ذلك، شهد يوم أمس تفاعلاً من قبل المحللين المختصين في النفط والطاقة مبدين توقعات متباينة في الأثر الذي يمكن أن تؤدي إليه الهجمات على منابع النفط في السعودية، حيث قدر المختصون، وفقاً لـ«وكالة رويترز»، ارتفاعات في الأسعار قد تتراوح بين 3 و10 دولارات للبرميل عندما تستأنف نشاطها، اليوم (الاثنين)؛ وربما تقفز الأسعار إلى 100 دولار للبرميل في حال لم تستأنف السعودية سريعاً الإمدادات التي تعطلت يوم السبت بسبب الهجمات.
وفي وقت ترى فيه مصادر بالصناعة أن إعادة الإنتاج لمستواه بالكامل قد تستغرق أسابيع، يرى بوب مكنالي الخبير في «رابيدان إنرجي» أن أسعار النفط الخام سترتفع بما لا يقل عن 15 - 20 دولاراً للبرميل في سيناريو الاضطراب حال استمراره 7 أيام، فيما سترتفع لأكثر من 100 دولار في سيناريو يستمر 30 يوماً.
ويشير كريستيان مالك المحلل في «جيه بي مورغان» إلى توقعه ارتفاع أسعار النفط بما بين ثلاثة وخمسة دولارات في الأجل القصير، موضحاً أن هذا الهجوم يستحدث علاوة مخاطر جديدة لا رجوع عنها في السوق. ويتوقع مالك ارتفاع سعر النفط إلى 80 - 90 دولاراً للبرميل على مدار ثلاثة إلى ستة أشهر مقبلة مع تحول اهتمام السوق إلى العوامل الجيوسياسية.
قد يهمك أيضًا
الكشف عن اجتماع سري لبحث سبل تفادي العقوبات الأميركية
تقرير رسمي يكشف أن الطاقة النووية تتراجع في العالم وتهدد المناخ