تونس _ المغرب اليوم
سعت وزارة المالية التونسية خلال الأشهر الأخيرة من السنة المالية الحالية، إلى سن قانون مالي تكميلي لسد عدة فجوات على مستوى ميزانية سنة 2017. فقد اتضح من خلال معظم المؤشرات الحكومية الرسمية أن فرضيات ميزانية 2017 قد تم تجاوزها على عدة محاور، ومعظم الأنشطة الاقتصادية في حاجة لضخ أموال إضافية لإنهاء ما تبقى من أشهر السنة.
ومن خلال تلك المؤشرات المسجلة، اتضح أن الحكومة توقعت أن تكون نسبة عجز الميزانية طوال كامل السنة في حدود 5.4 في المائة، في حين أنها ستتجاوز حدود 6 في المائة وفق تصريحات حكومية، كما أن أسعار العملات الأجنبية مقابل الدينار التونسي (العملة المحلية) كانت بعيدة كل البعد عن التوقعات وتجاوزتها بكثير، فاليورو اقترب من عتبة الثلاثة دنانير تونسية (الفرضية تشير إلى 2.7 دينار على أقصى تقدير)، كما أن أسعار النفط بلغت 57 دولارا في حين أن التوقعات الأولية حددتها في حدود 50 دولارا، وهو ما انعكس بشكل كبير على نفقات دعم المحروقات التي ارتفعت في تونس إلى 1.65 مليار دينار (نحو 600 مليون دولار)، في حين أن الفرضيات توقعت نحو 650 مليون دينار فقط لدعم المحروقات بمختلف أصنافها.
وفي هذا الشأن، قال سعد بومخلة، الخبير الاقتصادي التونسي، إن تجاوز معظم توقعات ميزانية 2017 كان متوقعا منذ أشهر نتيجة الضغوطات الكبيرة المسلطة على الميزانية؛ سواء على المستوى الداخلي من خلال تراجع مداخيل الدولة غير الجبائية وفقدان الدولة موارد مالية مهمة جراء التجارة لموازية، وكذلك على المستوى الخارجي عبر ارتفاع كلفة الواردات وخدمة الديون الخارجية المستحقة.
وأكد بومخلة أن الحكومة أرجأت النظر في قرار قانون المالية التكميلي، بعد حصولها خلال شهر يوليو/تموز الماضي على القسط الثاني من القرض الممنوح من قبل صندوق النقد الدولي، وقد تعتمد السياسة نفسها في حال حصولها على القسط الثالث من القرض نفسه. وتوقع بومخلة أن ينعكس قانون المالية التكميلي على ميزانية 2018، إذ إن الموارد المالية الحكومية التي ستوجه لتمويل بقية أشهر السنة ستكون على حساب ميزانية السنة المقبلة، على حد تعبيره.
في سياق متصل، أكد البنك المركزي التونسي تواصل ارتفاع العجز الجاري الذي بلغ نسبة 6.6 في المائة من إجمالي الناتج المحلي مع نهاية الأشهر الثمانية الأولى من السنة الحالية، مسجلا زيادة بنحو 0.2 في المائة مقارنة مع النتائج المحققة خلال الفترة نفسها من سنة 2016. ويأتي ذلك نتيجة تفاقم عجز الميزان التجاري، الذي تجاوز 10 مليارات دينار تونسي.
وأشار المركزي التونسي بارتياح إلى تسجيل بعض القطاعات الاقتصادية نتائج إيجابية، وأكد تطور العائدات السياحية بنسبة 22.3 في المائة، وارتفاع تحويلات التونسيين بالخارج بنسبة نحو 12.6 في المائة. وفي محاولة لتجاوز الحالة الصعبة التي يمر بها الاقتصاد التونسي، أكد البنك المركزي ضرورة مواصلة المتابعة الدقيقة لتطور المؤشرات الاقتصادية والنقدية، والتعمق في الإجراءات الهادفة إلى ترشيد التداول النقدي.