الجزائرـ ربيعة خريس
لم يمر عام 2016، بردًا وسلامًا على الجزائريين، فرغم اللحظات والأحداث السعيدة التي مرت بهم، إلا أن هذه السنة، خلفت في قلوبهم جراحًا عميقة خاصة في الاقتصاد. ومع بداية العد التنازلي لنهاية هذا العام، تستعرض "المغرب اليوم" أهم الأحداث الاقتصادية التي عرفتها الجزائر خلال هذا العام، واسترجاع أهم المحطات الصعبة التي عرفها الجزائريون.
وتجرعت الحكومة الجزائرية، مرارة استمرار انهيار أسعار البترول الذي كان يشكل في الأعوام الماضية الورقة الرابحة لها، وتمكنت من خلاله شراء السلم الاجتماعي لعدة أعوام، فلم يتجاوز سعره خلال هذا العام 60 دولارًا للبرميل الواحد، وعرفت البلاد بسبب تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية، العديد من المشاكل الاجتماعية والأزمات الاقتصادية.
واضطرت حكومة الوزير الأول الجزائري عبد المالك سلال، التمسك بحالة الطوارئ التي أعلنتها عام 2015، بدأتها باقتراح إجراءات تقشفية، لم يهضمها المواطنون الجزائريون، وذهبت إلى أبعد من هذا عبر انتهاجها لسياسية "شد الأحزمة"، وكان أولها قرار سلال القاضي بتجميد التوظيف في قطاع الوظيف العمومي، وفجّر هذا ألأمر سخطًا كبيرًا في الجزائر، وأبدت الكثير من النقابات العمالية، تخوفها من لجوء الحكومة إلى تسريح العمال، وتجميد المشاريع.
وكان ثالث قرار، أعلنت عليه الحكومة الجزائرية، خلال عام 2016، ونزل كالصاعقة على مسامع الجزائري، دخول الجزائر عهد الاستدانة الخارجية بعد ثمانية أعوام كاملة من مغادرتها نادي المقترضين، وأعطى الرئيس الجزائري بتاريخ التاسع من كانون الأول/ديسمبر الماضي، موافقته الرسمية على قرار الحكومة بطلب قرض بحوالي مليار دولار، من البنك الأفريقي للتنمية، لتمويل برامج دعم التنافسية والصناعية والطاقوية في البلاد، بعد تقلص إيرادات الخزينة العمومية، بسبب تراجع مداخيل النفط إثر تواصل تهاوي أسعاره في السوق العالمية.
وكان البنك الأفريقي للتنمية، أعلن في بيان له الشهر الماضي، على الموافقة على منح الجزائر قرضًا بقيمة 900 مليون يورو، بسبب تراجع موارد الدولة من البترول، وضرورة توجه الجزائر نحو اقتصاد قوي ومتنوع، لأجل تحسين تنافسية البلاد، وخلق مناصب الشغل للشباب، ويهدف القرض إلى خلق الشروط المطلوبة، لأجل تنمية شاملة في البلاد عبر سن إصلاحات اقتصادية، ويمرّ هذا من خلال تحسين الموارد الداخلية للبلاد، وترشيد النفقات وتحسين مناخ الأعمال، وتشجيع الاستثمار الخاص والنشاط الاقتصادي، وتطوير الميدان الطاقوي وتقوية حضور الطاقات البديلة.
وقانون الموازنة لعام 2017، واحد من بين القوانين التي زرعت الرعب في نفوس الجزائريين، الذين وجدوا انفسهم بين مطرقة الضرائب وسندان الزيادات في الأسعار، وبرّر ممثل الحكومة الجزائرية، وزير المالية الجزائري، حاجي بابا، عمي في آخر مؤتمر صحافي عقده، الشهر الماضي، الزيادات والضرائب التي فرضت في القانون، قائلًا إن قانون الموازنة لعام 2017، سيسمح في أحكامه بمواجهة الوضعية الاقتصادية التي تعيشها البلاد، مشيرًا إلى أن الحكومة انتهجت خيارًا وسط إجراءات احترازية لمواجهة انخفاض مواردها المالية، مع الحرص على الإبقاء على الدعم المباشر وغير المباشر لذوي الدخل الضعيف. وعن أهم حدث، تنفست من خلاله الحكومة الجزائرية الصعداء، ورفع القليل من الغبن على الجزائريين، ومنحهم جرعة أمل إضافية، نجاح الدبلوماسية الجزائرية، في إعادة الاستقرار للسوق النفطية، التي تعاني أزمة أسعار منذ عام 2014، ولعب الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة ووزير الطاقة الجزائري، نور الدين بوطرفة، الملقب بـ "عراب الجزائر"، في إقناع ملوك وأمراء دول الخليج في تبني اتفاق الجزائر، ووضع خلافاتهم مع الإيرانيين والروس على جنب، ويعدّ هذا الاتفاق التاريخي الأول من نوعه، لخفض مستويات إنتاج الـ أوبك، منذ عامًا 2008، إنجازًا للجزائر بالدرجة الأولى.