موسكو ـ المغرب اليوم
ينتظر القطاع الحكومي وأجهزة إدارة الدولة في روسيا، مجموعة من التغييرات التي تطيح بثلث الموظفين، إذا نجح وزير المال السابق الكيسي كودرين في تمرير مشروع مقترح لإصلاح هياكل إدارة الدولة وترشيد نفقاتها. وبدأ الديوان الرئاسي الروسي الأسبوع الماضي، درس مشروع وضعه مركز البحوث الاستراتيجية الذي يديره كودرين، وكتبت صحيفة "كوميرسانت" القريبة من أوساط المال، أن رئيس الديوان الرئاسي أنطون فاينو يشرف على درس الخطة التي أُطلِقت عليها تسمية "استراتيجية كودرين".
وتستند الخطة إلى برنامج واسع يستهدف الإصلاح الجدي الشامل الأول لهياكل إدارة الدولة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. ووفق ما تسرّب، يقترح المشروع تقليص موظفي هياكل الإدارة الحكومية "الديوان الرئاسي وأجهزة الإدارة التابعة للكرملين، والحكومة والمؤسسات المرتبطة بهما" بنسبة 30 في المائة بين عامي 2018 و2024. ووضع مسار تدرُّجي لتقليص مصروفات الهياكل الإدارية بنسبة مماثلة، علماً أن قطاع إدارة الدولة يلتهم الآن جزءاً لا يستهان به من موازنة روسيا يصل الى 1.2 تريليون روبل (نحو 25 بليون دولار). والجزء المعلن من النقاشات بشأن الخطة المقدّمة، لم يتطرّق إلى البنود المتعلقة بإصلاح أهم هياكل إدارة الدولة وهو الديوان الرئاسي، إذ ستخصّص "مناقشة منفصلة" لتلك البنود.
وبعيدًا من الأرقام الكثيرة والتفاصيل التي عمل عليها في شكل موسع معدّو الوثيقة، فإن ملامحها العامة تهدف إلى تقليص تكلفة هياكل إدارة الدولة، من 2844 روبلاً (تكلفة إدارة الدولة للفرد) الآن، إلى 1990 روبلاً. وفي خط موازٍ سيشمل التقليص القطاع البشري العامل في هياكل الإدارة، ليغدو 104 موظفين بدلاً من 148 لكل عشرة آلاف مواطن.
وتحظى وثيقة كودرين بأهمية خاصة، في هذه المرحلة تحديداً، إذ سُرّعت خطوات لإعداد رزمة واسعة من الخطط التي تجهّز لإعداد "استراتيجية شاملة"، لتطور الوضع في روسيا بعد انتخابات الرئاسة المقررة في آذار/مارس المقبل. وعلى الرغم من أن الرئيس فلاديمير بوتين لم يعلن بعد نيته ترشيح نفسه لولاية جديدة، بدأت أوساط الكرملين تحضيرات واسعة للمرحلة المقبلة، عبر جمع عدد من المشاريع والخطط المقترحة من مراكز دراسات وبحوث، في مسعى لبلورة التوجهات الرئيسة لبوتين في الولاية المقبلة.
ولم تستبعد أوساط قريبة من الديوان الرئاسي أن يكون لكودرين وخططه "النارية" مكان بارز في سياسات المرحلة المقبلة، بعدما أُبعِد عن الحكومة، بسبب خلاف مع رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف، لكن بوتين عيّنه على رأس هيئة استشارية في الكرملين. وكودرين الذي لعب دوراً بارزاً في سنوات "الصعود الاقتصادي" قبل الهزات الأخيرة التي سبّبتها العقوبات الغربية وتراجع أسعار النفط، يجاهر بمخالفته توجُّهات السياسة الاقتصادية للحكومة، وهو صاحب الدعوة إلى "إجراءات جراحية شاملة" في الاقتصاد، وبينها تعويم الروبل، وخصخصة القطاع العام وترشيد الإنفاق في شكل صارم.
وأثار كودرين ضجة واسعة في منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي أخيراً، عندما قال إن روسيا ستضطر إلى تخصيص قطاع النفط في شكل سريع، وفي فترة لا تزيد على 7 أو 8 سنوات. وزاد أن "المشاركة الحكومية في هذا القطاع حالياً تعرقل تطور شركات النفط". وسارع الكرملين إلى تهدئة سجالات أثارتها هذه العبارات، وقال الناطق باسمه ديمتري بيسكوف أن ذلك رأي يقدّمه خبراء لهم وزنهم، مؤكداً أن الحكومة الروسية ليست لديها خطط لتخصيص القطاع النفطي.