أبوغا - المغرب اليوم
تصل قيمة التدفقات المالية الخارجية إلى القارة الأفريقية، نحو 180 بليون دولار نهاية العام الحالي، بزيادة تقل عن 2 في المئة من قيمتها العام الماضي. لكنها تظل بعيدة عن الرقم المسجل عام 2012، عندما استقطبت القارة 200 بليون دولار في فترة ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الأولية، وذلك وفق تقرير مشترك بين منظمة التجارة والتعاون الاقتصادي و “البنك الأفريقي للتنمية”، وتلقت القارة السمراء استثمارات أجنبية مباشرة بلغت 57.5 بليون دولار وهو رقم غير مسبوق، وقُدر بنحو 11 في المئة من مجموع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في العالم.
واستفادت أفريقيا من تحويلات مغتربيها عبر العالم، وحصلت على إيرادات بقيمة 66 بليون دولار. وحلّت نيجيريا في المرتبة الأولى بنحو 20 بليون دولار من التحويلات، تلتها مصر بنحو 19 بليون دولار، ثم المغرب 7 بلايين وتونس2 بليون دولار. وقُدرت قيمة تلك الأموال بما يوازي دخل بقيمة 200 دولار للفرد الواحد.
وأفاد التقرير بأن دول شمال أفريقيا “حصلت على نصيب الأسد في مجموع التدفقات الاستثمارية إلى القارة السمراء، سواء تعلّق الأمر بالاستثمارات أو تحويلات المهاجرين، خصوصًا مصر والمغرب من خلال مشاريع غاز، تنفذها مجموعة “إيني” الايطالية في مصر، واستثمارات مجموعات صناعية لتركيب السيارات في المغرب، مثل “رينو” و “بوجو” و “سيتروين” و “فورد”. وحلت الصين المستثمر الأجنبي الأول في أفريقيا، تبعتها دول الاتحاد الأوروبي (إيطاليا وفرنسا)، ثم الولايات المتحدة والإمارات. واحتل المغرب المرتبة الأولى في لائحة المستثمرين من داخل القارة بأكثر من 8 بلايين دولار، معظمها في غرب أفريقيا وتحديدًا في ساحل العاج التي تحتضن القمة الخامسة للاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي بمشاركة الملك محمد السادس. وأشارت مصادر اقتصادية إلى أن الشركات المغربية استثمرت أكثر من 4.5 بليون دولار في ساحل العاج في السنوات الأخيرة. ويراهن المغرب على انضمامه إلى الاتحاد الاقتصادي لغرب أفريقيا CEDEAO، لزيادة نشاطه الاقتصادي والاستثماري والتجاري في المنطقة المتاخمة للشريط الأطلسي.
واعتبرت منظمة التجارة والتعاون الاقتصادي، أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة “تساهم في خلق فرص العمل للشباب والنساء ومد الحكومات بالعملات الصعبة ونقل الخبرة والتكنولوجيا”. ومنذ عشر سنوات “أخذت الاستثمارات الأجنبية الخاصة حصة متزايدة في حجم التدفقات، وانتقلت قيمتها الإجمالية من 33 بليون دولار عام 2002 إلى 128 بليونًا عام 2016، وقد ساعد تنوع مصادر الاقتصاد التي اعتمدتها بعض الدول الأفريقية في تلقي مزيد من الاستثمارات، خصوصًا تلك التي لا تملك موادًا طبيعية كبيرة. ولوحظ توجه المستثمرين إلى قطاعات جديدة، مثل الصناعات التحويلية والنقل والاتصالات والبنى التحتية والطاقة والكهرباء والتكنولوجيات الحديثة، التي أصبحت تمتص 40 في المئة من الاستثمارات، في مقابل 33 في المئة عام 2015. ولم تعد الاستثمارات في أفريقيا تركز على العمليات الاحفورية، مثل استخراج المعادن الثمينة والطاقة والمواد الأولية، بل امتدت إلى مجالات الحياة اليومية.
وأشار التقرير إلى أن “دولًا مثل أثيوبيا وغانا وكينيا وتنزانيا، نوعت مصادرها وقللت الاعتماد على المواد الأولية نحو المواد الاستهلاكية جلب لها استثمارات من الخليج العربي والشرق الأقصى”، وفي المقابل، تراجعت المساعدات الخارجية نحو الدول الفقيرة في أفريقيا المقدرة بنحو 50 بليون دولار. وكشف التقرير أن 17 دولة من أصل 27 فقيرة في أفريقيا، تراجعت فيها حصة مساعداتها الخارجية، مما أثر سلبًا في حجم الإنفاق الحكومي ومسيرة التنمية المحلية، وقلّص الاتحاد الأوروبي دعمه الخارجي تحت تأثير الأزمة الاقتصادية، وقد تزيد تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد في تقليص الدور الأوروبي في العالم، خصوصًا في أفريقيا، التي ظهر فيها منافسون كبار مثل الصين المرشحة أن تكون القوة الاقتصادية الأولى في العالم بـ59 تريليون دولار عام 2050، تليها الهند 44 تريليونًا ثم الولايات المتحدة 33 تريليونًا، واندونيسيا رابعة والبرازيل خامسة وروسيا سادسة ومكسيكو سابعة واليابان ثامنة، وألمانيا تاسعة وبريطانيا عاشرة. وقد تتراجع فرنسا إلى المرتبة 12 عالميًا إلى جانب السعودية عام 2050 وفق موقع “برنس انسايدر”.
واعتبرت مؤسسة “أكسفورد يونفرستي بريس” أن “أفريقيا ستكون قارة المستقبل، لأنها ستتوافر فيها ثروات بشرية تتجاوز بليوني نسمة وطبقة متوسطة عريضة بحجم 1.4 بليون شخص، ومواد طبيعية كبيرة. وبفضل النمو الاقتصادي المرتفع سيزيد الدخل الفردي في أفريقيا ست مرات ويتراجع الفقر عشر مرات. لكن طريق الحرير الأفريقي تحتاج إلى قيادة برغماتي ومستوى عال من الحكومات والحوكمة وحسن تدبير المؤسسات، وتوقع معهد “ماكينزي” أن “يبلغ الحجم الاقتصادي لدول أفريقيا والشرق الأوسط مجتمعة نحو 16 تريليون دولار والاتحاد الأوروبي 20 تريليونًا، وشمال أميركا 24.5 تريليون دولار، والهند 13 تريليون دولار. والصين في المقدمة 33.5 تريليون دولار عام 2025”.