الرئيسية » عالم الاقتصاد والمال
الاقتصاد الياباني

طوكيو ـ المغرب اليوم

تشهد اليابان معادلة فريدة لم تعرفها منذ عام 1974، حيث أعلنت الحكومة اليابانية، الثلاثاء الماضي، أنه مقابل كل 164 فرصة وظيفية مطلوبة ليس هناك أكثر من 100 طلب.
 وبذلك تكون نسبة البطالة قد هبطت إلى أحد أدنى مستوياتها التاريخية لتسجل 2.4 في المائة فقط، وهي الأقل بين الدول الصناعية، وبين الأدنى في العالم. وتتوقع الحكومة هبوط تلك النسبة العام المقبل إلى 2 في المائة فقط.
 
وتشير التقارير الاقتصادية إلى أنه على الرغم من أزمة قلة نمو السكان التي تشهدها البلاد وارتفاع الشيخوخة فيها، استطاعت الحكومة منذ 2012 زيادة عدد العاملين على نحو لافت، وبالتالي زادت الإيرادات من ضرائب الدخل، كما يؤكد تقرير صادر عن مؤسسة "نيكو إيه أم".
ويضيف التقرير: "يبين ذلك مدى سعي السياسات الحكومية إلى مواجهة النمو البطيء جداً لعدد السكان، وبالتالي للقوى العاملة، وتعويض ذلك بخلق المزيد من فرص العمل. ويعد هذا النموذج فريداً من نوعه، ولا تستطيع الوصول إلى تطبيقه الدول الأخرى التي تعاني من ارتفاع نسب شيخوخة سكانها مقابل عدم ارتفاع مواز في عدد الداخلين إلى سوق العمل".
 
بيد أن ذلك يتحول في اليابان إلى مشكلة عويصة، لأن معظم القطاعات التي توظف يداً عاملة كثيفة تواجه الآن نقصاً حاداً في العمالة، لا سيما في قطاعات الزراعة والمطاعم والبناء والتشييد والصحة. وهذا النقص يحاول أرباب العمل سده عبر زيادة استخدام النساء، لا سيما ربات المنازل، إذ تؤكد الإحصاءات حالياً أن 70 في المائة من النساء في المرحلة العمرية ما بين 15 و64 سنة يعملن، وهذه النسبة هي الأعلى في تاريخ اليابان.
 
إلى ذلك، يلجأ أصحاب العمل إلى زيادة استخدام المتقاعدين، لا سيما الذين تتراوح أعمارهم بين 65 و70 سنة، علماً بأن تشغيل من هم بعمر 70 وما فوق، وهو العمر الذي تكثر فيه الأمراض، لم يعد عائقاً بسبب ذلك النقص الحاد في العمالة، حيث يمكن لشركات أو مؤسسات أن تلجأ لتوظيف متقاعدين رغم شيخوختهم البالغة في حالات معينة حتى بات المتقاعدون يشكلون نسبة 10 في المائة من إجمالي أصحاب الأجور.
 
وتتعين الإشارة إلى أن اليابان تشهد ثاني أقل نسبة خصوبة في العالم بعد كوريا الجنوبية، وتعاني البلاد من تواصل هبوط الولادات وتناقص عدد من هم في سن العمل تدريجياً سنة بعد أخرى. وتتوقع الإحصاءات الاستباقية أن البلاد ستفقد 40 مليون نسمة بحلول 2050، أي ثلث سكانها، وذلك إذا بقيت نسبة الولادات عند 1.4 طفل لكل امرأة مقابل نسبة أعلى للوفيات.
 
ووفقاً لمحلل ديموغرافي في جامعة طوكيو، فإن التقدم الصحي في اليابان بات يسمح بتوظيف المتقاعدين على نحو لا يشهده أي بلد آخر في العالم. ففي الوقت الذي تسعى حكومات حول العالم لتقديم سن التقاعد، وجعله أقل من 64 سنة لتوفير فرص عمل للشباب، تتجه اليابان في اتجاه معاكس لزيادة استخدام المتقاعدين، على أن التوقعات تشير إلى أن السنوات المقبلة ستشهد قفزات استثنائية في هذا المجال باتجاه ارتفاع عدد المتقاعدين العاملين مقابل الشباب الداخلين إلى سوق العمل... وليس مستغرباً الآن في البلاد رؤية بائعين وناقلي أثاث وعمال صيانة ونظافة وحراس أمن بأعمار متقدمة.
 
أما كيف تواجه البلاد هذه المعضلة، فهناك بعض المحاولات غير التقليدية التي تسعى الحكومة إليها بخجل حتى الآن، مثل زيادة إنتاجية العاملين؛ علماً بأن إنتاجية الياباني بين الأعلى في العالم وساعات عمله بين الأطول مقارنة بكل الدول المتقدمة الأخرى. وبين المحاولات أيضاً ما يتعلق بفتح باب استقدام عمالة من الخارج، علماً بأن اليابانيين يعارضون ذلك تاريخياً، بالنظر إلى طريقتهم المحافظة في العمل والحياة ونظرتهم إلى أنفسهم والعالم من حولهم، واعتبار بعضهم أن جزيرتهم خارج العالم. لكن الحكومة تدرس الاستقدام من الخارج، على أن يبدأ ذلك بعمالة مؤقتة لشغل وظائف لا تحتاج إلى مهارات، ولتجميل ذلك أمام المجتمع المحافظ يتم الاستقدام تحت عناوين مختلفة مثل «التدريب» و«التعليم».
 
ولمواجهة هذا النقص الحاد، يسعى رئيس الوزراء المحافظ شينزو آبي إلى تعزيز وضع سمة دخول أو فيزا للعمال الأجانب غير المؤهلين حتى يستطيعوا دخول اليابان. وتعزيز هذا التوجه يجري نقاشه بحذر شديد بين المعارضين والموالين للحكومة، وتركز الأصوات الرافضة على «المخاطر الأمنية»، كما على حجة أخرى فريدة هي «خطر دخول أناس غير حضاريين أو غير متعلمين لأصول المدنية اليابانية».
 
ولجوء الحكومة إلى استقدام عمالة غير ماهرة من الخارج جديد كلياً من نوعه، لأن الحصول على إقامة كان تاريخياً محصوراً بأصحاب الكفاءات العالية جداً، وحجتها في ذلك أن هناك قطاعات تعمل بصعوبة بالغة، أو لا تصل إلى طاقتها القصوى اللازمة في خدمة المجتمع والاقتصاد. وبدأت الحكومة في تسهيل وصول عاملين في قطاعات كثيرة، من الصيد والزراعة وصولاً إلى خدمة كبار السن.
مع الإشارة إلى أن العمالة الأجنبية في البلاد حالياً لا تتجاوز نسبة 2 في المائة من الإجمالي؛ وهي مموهة تحت غطاءات معينة، حيث إن الطلاب والمتدربين الأجانب يمثلون نصف تلك النسبة، ويعملون بشكل غير معلن كلياً وظروف قاسية تصل حد "نصف العبودية"، بحسب تعبير تستخدمه منظمات تعنى بحقوق الإنسان في اليابان.
 
على صعيد أصحاب العمل، فإن السعي متواصل لزيادة الاعتماد على "الروبوتات". ويقول أحدهم: "صحيح أن في البلاد أعداد روبوتات كبيرة، لكن الهامش الإضافي لذلك موجود ويمكن ملؤه بآلات إضافية".
ووفقاً للاتحاد الدولي للروبوتات، فإن في اليابان 308 روبوتات مقابل كل 10 آلاف وظيفة صناعية، وهي بذلك الثالثة عالمياً بعد كوريا الجنوبية وسنغافورة، إذ فيهما على التوالي 710 و488 روبوتاً مقابل كل 10 آلاف وظيفة صناعية.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

مجلس بنك المغرب يقرر خفض سعر فائدته الرئيسي إلى…
سويسرا تكشف عن قيمة أموال سوريا المجمدة في بنوكها…
رئيس الحكومة المغربية يتسلم التقرير السنوي لهيئة مراقبة التأمينات…
اللجنة الوطنية للاستثمارات برئاسة أخنوش تُصادق على 56 مشروعاً…
مجلس النواب المغربي يُصادق على مشروع قانون يتعلق بإصلاح…

اخر الاخبار

دعم ثابت لمخطط الحكم الذاتي ولسيادة المغرب الراسخة على…
وفد مغربي يُشارك في فعاليات حدث رفيع المستوى حول…
2024 سنة تأكيد الطابع الاستراتيجي للعلاقات المغربية الإسبانية
ناصر بوريطة يؤكد أن العلاقات بين المملكة المغربية والعراق…

فن وموسيقى

لطفي بوشناق يقدّم أغنية لبيروت ويتضامن مع المدينة الجريحة…
سلاف فواخرجي تفوز بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان أيام قرطاج…
كاظم الساهر يسّتعد للعودة للغناء في المغرب بعد غيابه…
المغربي حاتم عمور يستنكر عدم حصوله عن أي جائزة…

أخبار النجوم

أحمد السقا يكشف موقفه من تمثيل ابنته ومفاجأة عن…
زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
محمد رمضان يُشعل مواقع التواصل بمسابقة وجائزة ضخمة
أزمات قانونية تنتظر عمرو دياب في العام الجديد

رياضة

محمد صلاح بين الانتقادات والإشادات بسبب صورة عيد الميلاد…
المغربي حكيم زياش لا يمانع الانضمام لصفوف الوداد في…
محمد صلاح ينفي شائعات التجديد مع ليفربول ويؤكد أن…
المغربي أشرف حكيمي ضمن أفضل 100 لاعب لسنة 2024

صحة وتغذية

المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع
نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
وزارة الصحة المغربية تكشف نتائج التحقيق في وفيات بالمركز…
اختبار عقاراً جديداً يُعيد نمو الأسنان المفقودة

الأخبار الأكثر قراءة

وزيرة الاقتصاد المغربية ترفض تشكيك المعارضة في صلابة الأرقام…
البنك الدولي يكشف أن لبنان تكبّد خسائر اقتصادية بأكثر…
موديز تطلق توقعاتها لـ 2025 وتسلط الضوء على التهديدات…
الحكومة المغربية تُعلن استيراد 20 ألف طن من اللحوم…
صندوق النقد الدولي يُشيد بالتقدم الذي يحققه المغرب في…