مراكش ـ ثورية ايشرم
تعد دار بلارج من بين الأماكن الثقافية التي تمتاز بها المدينة الحمراء التي تتوافر على خصائص ثقافية عدة مميزة؛ جعلتها تحقق نسبة مهمة في إقبال السياح عليها، لا سيما الأجانب؛ كونها تتوافر على مميزات تاريخية عدة؛ جعلتها تصنف ضمن المعالم العريقة للمدينة الحمراء.
وتعتبر دار بلارج بناء قديمًا جدًا يعود إلى عهد نجل السلطان محمد بن عبد الله، الأمير مولاي عبد السلام الذي خصص هذه الدار ملجأً للعلاج والعناية بطيور بلارج أو اللقالق باللغة العربية، حيث خصص مداخل أحد الفنادق في المدينة فقط؛ لخدمة هذه الدار واحتياجات الطيور.
وأعيد بناء الملجأ القديم بعد خرابه، في عقد الثلاثينيات من القرن الماضي بحسب قواعد المعمار التقليدي في مدينة مراكش الذي تحول بعد أحداث عدة توالت عليه إلى معلمة تاريخية مميزة تشهد تاريخًا عريقًا وأحداثًا لا يمكن نسيانها أو محوها من ذاكرة مراكش وسكانها، لا سيما أنّ الدار أصبحت الآن من أكثر المعالم التاريخية التي تحقق نسبة زوار كبيرة من طرف السياح الذين يعشوق التعرف على مختلف الثقافات وتاريخ المدن، خصوصًا مراكش التي تشتهر بهذه الخصائص عبر العالم التي جعلت من المدينة عاصمة للسياحة على مدى سنين طويلة حتى أصبحت تضاهي بذلك كبرى المدن العالمية، فهي تجمع بين لمسة الثقافة المخملية والتاريخية التي لا يمكن أن تنتهي التي نلمسها بمجرد أن تطأ أقدامنا هذه الدار التاريخية العريقة.
وتجتمع في دار بلارج، مجموعة من الخصائص التقليدية والثقافية والتاريخية التي تتميز بشكل ملفت إذ تتكون من بهو كبير تصل مساحته إلى 200 متر مربع محاط بأربع قاعات كبيرة، ثلاث منها تستعمل قاعات للعروض، أما الرابعة فمخصصة لاحتساء الشاي وللاستراحة واللقاءات، وهي فضاء يتميز بهندسته المعمارية التي تجمع بين كل اللمسات الراقية من نقوش على الجبس والخشب، فضلًا عن الزخارف والألوان المتباينة والبارزة بشكل خيالي في الزليج والدهان وغيرها، وهو فضاء تنظم فيه على مدى أعوام طويلة لقاءات ثقافية وأمسيات حكائية رائعة، وعروضًا مسرحية وحفلات دينية مثل احتفالات: ليالي رمضان وعاشوراء والأعياد وغيرها من المناسبات التي تشكل عنصرًا مهمًا يحيي الروح في دار بلارج، ويجعلها قبلة مميزة تفتح أبوابها في وجه قاصدها؛ من أجل الاستمتاع بثقافتها وجمالها، فضلًا عن منحه فرصة للتعرف على مختلف العادات والتقاليد والمميزات المغربية الشعبية والدينية منها.
كما تحتوي "دار بلارج" على قبو يتكون من قاعتين تجرى فيهما الورشات الفنية والموسيقية المفتوحة في وجه الأطفال وشباب أحياء المدينة الحمراء، وهي ورشات مجانية وأماكن مفضلة لتلقين الممارسات الفنية التقليدية المحلية التي يستفيد منها الراغبون في ذلك من دون مقابل مادي، فهذه الخصائص الرائعة والإنسانية التي تتميز بها هذه الدار منذ تأسيسها جعلتها فضاء يبصم في قلب كل إنسان بصمة حب وتعلق كبيرة يشعر بها كلما وجد نفسه في قلب الدار التي تعتبر قيمة مضافة للمدينة، تساهم بشكل كبير في توفير الخدمات الثقافية والأنشطة الفنية، فضلًا عن دورها الكبير في تنشيط السياحة التاريخية التي يقصد الكثيرون مراكش من أجل اكتشافها والتعرف عليها ولمس التاريخ المغربي العريق من خلالها.