الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
الفنان التونسي الأمين النهدي

تونس ـ كمال السليمي

حصد المسرحي التونسي الأمين النهدي، الذي بدأ مسيرة فنية طويلة انطلقت منذ عقد السبعينات من القرن الماضي، على ألقاب غير معدودة في مجال الكوميديا والمسرح، بعدما خاض تجاربًا مسرحية عدّة شملت المسرح الشعبي، ثم المسرح الفرجوي، لتستقر عند مسرح الممثل الواحد، المعروف باسم "ألوان مان شو".

ونال النهدي، على مدار أربعة عقود لقب "ملك الكوميديا" و"إمبراطور المسرح" و"فنان الشعب"، فهو قريب من الفئات الاجتماعية الشعبية، ويعكس الواقع التونسي بمختلف مكوناته، دون تعقيدات بقية أهل المسرح، لاسيما المسرح التجريبي.

وتجده في مسرحياته، لاسيما تلك التي من فئة "ألوان مان شو"، التي لاقت نجاحًا كبيرًا، يقلد عشرات الشخصيات، ويتقلب على المسرح عبر الأصوات والمشاهد والشخصيات، بحيث لا تقف في نهاية الأمر له على شخصية نمطية واحدة، تحيل إلى نعاس المتفرج وملله.

وتوصل النهدي لهذه الدرجة من الاندماج في الأدوار المسرحية الاجتماعية بفضل أصوله الريفية، فهو آت إلى العاصمة التونسية من مناطق الشمال الغربي التونسي وتحديدًا منطقة الكاف، المعروفة بتراثها الموسيقي المميز، وحسها الإبداعي المختلف، ووجود النكتة على الوجوه والأفواه.

كشف النهدي، عن علاقته بالجمهور، "أنا أنتزع الضحك من أعماق قلوب المتفرجين، وهذا من بين أسرار النجاح" على حد تعبيره. ويضيف "المسرح الناجح هو مسرح الشعب، القريب منه، والمدغدغ لانفعالاته، والمعبر بلسانه ولهجته".

يذكر أنّه تم اكتشاف لمين النهدي، في بداية السبعينات، عندما أدى دورًا كوميديًا خفيف الظل في فيلم "فردة ولقات أختها"، وظهر بوجه أسمر نحيل، جعل التساؤلات تحاصره من كل مكان، وتبحث عن إجابة للإجادة التي أدى بها ذاك الدور.

ودخل في عام 1974 غمار المسرح بمسرحية اجتماعية تحمل اسم "الكريطة"، وهي مسرحية من نوع المسرح الأسود، التي تحيل إلى الأحياء العمالية القصديرية عارضة معاناة الوافدين من الأرياف على مدن الصفيح الساخن.

ولا تزال تلك المسرحية، التي تجاوز عمرها 40 عامًا، تعرض إلى اليوم على شاشات التلفزة التونسية.

واتّجه الأمين النهدي، بعد نضج تجربته المسرحية، وأدائه لأدوار معقدة، منذ بداية عقد التسعينات، إلى عروض "مان شو"، التي بات أحد رموزها الكبار، إلى حد أن مديري المهرجانات يشهدون بكونه من المسرحيين الأوائل، الذين يراهن عليهم لملء مدرجات المهرجان، والإفلات من الخسارة المالية عند برمجة أعماله المسرحية على الجمهور التونسي.

وخاض النهدي تجربة جديدة في مسرحية "في هاك السردوك انريشو" (بمعنى في ريش ذاك الديك نحن ننفش)، وهي ذات طابع اجتماعي، يعرض شخصيات تونسية مختلفة المشارب، ولكنها تحمل النكتة الهادفة، وأبقت هذه المسرحية لمين النهدي واقفًا على خشبة المسرح من عام 2002 إلى 2012، قبل أن يخوض في 2013 غمار تجربة أخرى، لا تقل نجاحًا عن التجارب السابقة، وهي مسرحية "ليلة على دليلة".

ومن تعودوا على إطلالة النهدي، يدركون أن وجوده على المسرح بتاريخه المسرحي الطويل يمنحه فرصة الارتجال، وتطوير العمل المسرحي، فهو يضيف إليه بعض المشاهد، ويخفض درجة وجود بعض الشخصيات في عمليات تعديلية متواصلة، تجعل العمل المسرحي يمتد لأعوام متتالية.

وأصبح في رصيد النهدي نحو 42 مسرحية، من بينها 40 ناجحة بامتياز. وطوال هذه المسيرة الفنية الحافلة كان لمين النهدي يخوض في السياسة بطريقته الخاصة، إلا أنه كشف أنَّ "كنا نخاف من (المدب) (المؤدب) و(الطهار) (من يختن الأبناء الصغار) والشرطة.. أما اليوم فأصبحنا نخاف من الأسعار، والتونسي بات يرتعش من الأثمان وينظر شذرًا إلى تسعيرة المواد.. لذلك على الحكومة مراجعة كل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية".

ودخل لمين النهدي السجن في عهد الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة، وزمن الرئيس السابق زين العابدين بن علي تعرضت معظم أعماله المسرحية للمنع، ومع ذلك واصل التجربة بثبات، لأنه يرى أن الإبداع لا يموت. ويقول "أشعر بالفرح والغبطة وأنا ألاحظ أن المسرح البلدي (وسط العاصمة التونسية) يضاء مرتين في الأسبوع تقريبًا لاحتضان العروض الفنية الجديدة".

وروى النهدي قصة سجنه، في عهد بورقيبة، فيقول "حذروني وقتها وأنا خارج أرض الوطن من السجن في حال العودة إلى تونس، لكنني فضلت الرجوع ودخول سجن بلادي على الحرية وأنا في الغربة".

وأردف "أثناء فترة حكم بن علي تعرضت معظم أعمالي المسرحية للمنع على غرار مسرحية (الفرجة)، على الرغم من جمعها في عرض واحد لـ12 ألف متفرج، ومسرحية (في هاك السردوك نريشو)، التي منعت من العرض لمدة تجاوزت العام والنصف". مضيفًا "أكرر وأؤكد أني لا أنتمي لأي حزب سياسي".

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

الغارات الإسرائيلية تهدّد المواقع التراثية في لبنان واجتماع في…
إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر…
مؤلفون غربيّون يدعون إلى مقاطعة المراكز الثقافية الإسرائيلية إحتجاجا…
وزير الثقافة يُوجيه بدعم الناشرين لجعل أسعار الكتب في…
جولة على أهم المتاحف والمعارض الفنية العالمية والعربية

اخر الاخبار

مجلس الحكومة المغربية يُجديد الثقة في جمال حنفي مديرًا…
الحكومة المغربية تكشف عن حصيلة عملية التسوية الطوعية للوضعية…
رئيس مجلس المستشارين المغربي يستقبل وفداً عن مجموعة الصداقة…
يونس السكوري يُطمئِن المركزيات النقابية بخصوص مشروع القانون التنظيمي…

فن وموسيقى

المغربية سميرة سعيد تسّتعيد ذكريات طفولتها وشغف البدايات بفيديو…
المغربية جنات تكشف عن موقفها من إجراء عمليات التجميل…
لطيفة أحرار تؤكد أن الجمهور الذي يعرفها فقط كفنانة…
وفاة الأب الروحي للأغنية الشعبية في مصر أحمد عدوية…

أخبار النجوم

يبدأ تصوير "عقبال عندكم" لحسن الرداد وإيمي سمير غانم…
هيفاء وهبى تطرح أحدث أغانيها "سوبر وومان"
مدين ينشر كواليس أغنية "باركوا" لمى فاروق بعد تصدرها…
أحمد سعد يمازح ويل سميث قائلا "بسم الله ما…

رياضة

غلطة سراي يُحدد 2.7 مليون يورو لإنهاء عقد المغربي…
محمد صلاح على موعد مع إنجاز تاريخى مع ليفربول…
المغربي عبد الرزاق حمد الله يُعرب عن سعادته بقيادة…
أشرف حكيمي يُتوج مع باريس سان جيرمان بلقب النسخة…

صحة وتغذية

المغرب يشهد ارتفاعاً مقلقاً في عدد الوفيات بسبب الإصابة…
الولايات المتحدة تسجل أول وفاة بشرية بسبب إنفلونزا الطيور
تناول الفواكه والخضراوات في نظامك الغذائي يُقلل من خطر…
المغرب يُعزز مكانته كمُصدٍر رئيسي للخضراوات الطازجة إلى بريطانيا

الأخبار الأكثر قراءة

وزير الأوقاف المغربي يؤكد أن المجلس العلمي مطالب بتشخيص…
الغارات الإسرائيلية تهدّد المواقع التراثية في لبنان واجتماع في…