القاهرة - أسامة عبدالصبور
كتب الشاعر والأديب والصحافي والمؤلف المسرحي والمفكر الإسلامي المصري عبد الرحمن الشرقاوي، أول مسرحية شعرية عربية مستخدمًا الشعر الحديث "شعر التفعيلة" الذي كان أحد رواده، وكان أحد كبار رواد حركة التجديد الشعري العربية في الأربعينات من القرن الماضي، وهو أيضًا أحد كبار رواد الاتجاه الواقعي الاجتماعي النقدي في الإبداع الأدبي العربي الحديث.
وولد عبد الرحمن الشّرقاوي في 10 تشرين الثاني/نوفمبرسنة 1920 في قرية "الدلاتون" مرکز شبين الکوم محافظة المنوفية وبدأ تعليمه في كتاب القرية ثم انتقل إلى المدارس الحكومية حتى تخرج في كلية الحقوق جامعة فؤاد الأول سنة 1943 .
وبدأ حياته العملية بالمحاماة، ولكنه هجرها لأنه أراد أن يصبح كاتبًا، فعمل في الصحافة في مجلة الطليعة في البداية ثم مجلة الفجر وعمل بعد ثورة 23 تموز/يوليو في صحيفة الشعب ثم صحيفة الجمهورية ، ثم شغل منصب رئيس تحرير مجلة "روز اليوسف" وعمل بعدها في جريدة الأهرام ، كما تولى عدد من المناصب الأخرى منها سكرتير منظمة التضامن الآسيوي الأفريقي، وأمانة المجلس الأعلى للفنون والآداب.
وکانت رؤية الشّرقاوي، في کل منتجاته الأدبية رؤية سياسيّة اجتماعيّة، فهو يری القرية من خلال کفاح أهلها في سبيل العيش وکفاحهم الاقتصادي مرتبطة بالسياسة الظالمة في عهد الإقطاع، وفي الحقيقة کان الشّرقاوي أول من جعل موضوع القرية والفلاحين موضوع رواياته، وقارن قريته بالقری الأخری، وکتب عن قضايا الواقع في مجتمعه، فكان يعتقد بالإصلاح المجتمعي وتغيير النظام الفاسد، وكان يؤمن بوظيفته في الحياة وينظر إلی الطبيعة الإنسانيّة نظرة الإصلاح، ويری أنّ الإصلاح تغيير الأنظمة الفاسدة مما هو في دائرة الإمکان، الأمر الذي انعكس على أول رواياته "الأرض" التي تعد أول تجسيد واقعي في الإبداع الأدبي العربي الحديث، وقد تحولت هذه الرواية إلى فيلم سينمائي شهير بنفس الاسم من إخراج المخرج الراحل "يوسف شاهين" عام 1970.
وحصل الشرقاوي، علی جائزة الدولة التقديريّة في الأدب، كما نال وسام الآداب والفنون من الطبقة الأولی عام 1974، والتي منحها له الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وانتُخب الشرقاوي رئيسًا لمنظمة تضامن الشّعوب الأفريقيّة والآسيويّة في مؤتمر عدن سنة 1981.
وكان لعبد الرحمن الشرقاوي رصيدًا كبيرًا في الترجمة الأدبية، حيث أنه ترجم قصيدة بعنوان "عيون الزا" من أشعار أرجوان و نشرتها مجلة "رابطة الشباب" التي كانت تصدرها الهيئة الوفدية، وقد أرسل إليه الدكتور طه حسين بعد قراءة ترجمته لتلك القصيدة تحيّة طيبّة شجّعته علی ترجمة قصائد وأعمال أدبية أخرى .
ومن أشهر أعماله المسرحية "الحسين ثائرًا" و"الحسين شهيدًا" و"مأساة جميلة" عن المناضلة الجزائرية جميلة بوحريد ومسرحية "الفتى مهران" و"النسر الأحمر" كما كتب مسرحية عن حياة قائد الثورة العُرابية "أحمد عرابي".
كما أنه كان له إسهام كبير في مجال التراجم الإسلامية، فكتب "محمد رسول الحرية" و"علي إمام المتقين" و"الفاروق عمر" ، وشارك في سيناريو فيلم "الرسالة" بالاشتراك مع توفيق الحكيم وعبد الحميد جودة السحار، وتوفي الشاعر والأديب والصحافي والمفكر الإسلامي عبد الرحمن الشرقاوي في 24 شباط/فبراير سنة 1987.