الدار البيضاء - جميلة عمر
صرّح الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين في الخارج وشؤون الهجرة أنيس بيرو، في كلمته أثناء افتتاح المنتدى السنوي الثاني للهجرة، الذي نظم حول موضوع "التعددية الثقافية ورهانات الاندماج"، اليوم الثلاثاء في الرباط، بأنَّ المهاجر ليس مجرد قوة للعمل لكنه يحمل قيمًا وأفكارًا ووعودًا للمستقبل.
وأضاف بيرو، أنَّ التعددية الثقافية تشكل فرصة لاكتشاف الذات من خلال الاعتراف باختلاف الآخر.
وأوضح الوزير، أنَّه سيتم إطلاق النقاش العمومي والتفكير المشترك حول إشكالية تدبير التنوَّع الثقافي والعيش المشترك بشكل أفضل.
وأشار إلى أنَّ التفكير الجماعي في مختلف أبعاد العيش المشترك، سيتم من خلال تقييم تجربة بعض البلدان وسياساتها في مجال الإدماج الثقافي للمهاجرين، ومكتسباتهم وحدودهم، و الدروس التي يمكن استخلاصها من هذه النماذج الكبرى، للتوصل إلى نقاش حول محددات نموذج يلائم خصوصيات المجتمع المغربي ورأسماله التاريخي.
وأبرز بيرو، أنَّ المغرب حدّد خيًارا لا رجعة فيه، يقوم على قيمة الإنسان ذاته وليس انتماؤه أو معتقده، وهي نفس الرسالة التي حكمت سياسة الهجرة التي قامت على المبادئ العالمية لحقوق الإنسان، وتم تفعيلها وفق مقاربة تشاورية وروح تشاركية ومسؤولية مشتركة.
من جانبه، أكّد وزير الثقافة السيد محمد الأمين الصبيحي، أنَّ تحول المغرب خلال السنوات الأخيرة إلى بلد استقبال وإقامة للمهاجرين، لاسيما الوافدين من البلدان الأفريقية، محملين بقيم وعادات وتمثلات ثقافية مختلفة.
وأضاف الصبيحي، أنَّه يتطلب من الدولة التعاطي مع هذه المكونات الجديدة بروح من الانفتاح والتثمين وفق مقاربة إدماجية تضمن قبول وانصهار هذه الفئات ضمن النسيج المجتمعي والثقافي للأمة المغربية، من منطلق اعتبارهم رافدًا غنيا يعزز الهوية الوطنية الموحدة.
وشدّد على للدولة العمل لاستيعاب هذه التعابير الثقافية الوافد،ة بما يلزم من دعم وإبراز ملامحها الفكرية والقيمية والإبداعية ضمن السياسة العامة المعتمدة في إطار تثمين التنوع الثقافي، سعيًا لاستثمار هذا التنوع بالشكل الأمثل ضمن دينامية التنمية الاقتصادية والسياسية والسوسيوثقافية.
من جهته، اعتبر رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان ادريس اليزمي، أنَّ التنوع الثقافي الذي يعرف اليوم تزايدًا وتسارعًا وعولمة، يشكل مصدرًا للثروة، إذ لا يمكن الحديث عن الثقافة في بلدان الشمال من دون التفكير في المبدعين الأجانب الذين يعكسون ما أصبح عليه المجتمع اليوم ويغنون ثقافة بلدانهم في نفس الوقت.
وأضاف اليزمي، أنَّ التنوع الثقافي قد يكون مصدرًا للتوتر و"التسخير"، إذ يتم في بعض البلدان الأوروبية استغلال التنوع الثقافي من قبل الفاعلين السياسيين في المعارك الانتخابية، موضحًا أنَّه يستخدم أكثر لرفض الاندماج.
بدورها، أشادت الكاتبة العامة للهجرة في إسبانيا السيدة مارينا ديل كورال تيليز، بسياسة المغرب في مجال الهجرة، لاسيما اعتمادها على مقاربة إنسانية ومسؤولة، مشيرةً إلى أنَّ حركية العمل تجعل المجتمع أكثر تنوعًا وتعقيدًا.
وأوضحت، أنَّ الأمر لا يتعلق بالمساهمة الاقتصادية للمهاجرين أو تحويلات الأموال فحسب، بل بنقل المعارف والقيم والثقافات وأنماط العيش، وتعني التحويلات الاجتماعية والفكرية.
وأبرزت تيليز، أنَّ التنوع الثقافي يعد حسب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة رأسمالًا لا ماديًا.