الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
الصحراء الغربية في مصر

لندن-المغرب اليوم

ترتبط مصر القديمة في الأذهان بالفراعنة والأهرام والإنجازات التي بدأت مع عصر الأسرات وتوحيد القطرين عام 3100 قبل الميلاد، لكنّ «دراسات حديثة أجرتها بعثة بريطانية متخصصة في تعقب آثار ما قبل التاريخ، كشفت عن أسرار ما قبل هذه الحقبة، تحديداً خلال العصر الحجري الحديث بين عامي 9300 و4000 قبل الميلاد».

ولخص أعضاء من البعثة في مقال نشروه أول أغسطس/ آب الجاري، على موقع «the conversation» المتخصص في الأخبار العلمية، أبرز اكتشافاتهم، التي تؤكد أنّ أنماط الحياة والابتكارات الثّقافية لشعوب ما قبل عصر الأسرات وفرت الأساس للحضارة المصرية القديمة صاحبة الأهرامات والتحنيط والإنجازات الحضارية.

وعملت البعثة البريطانية في موقع بالقرب من مكان يسمى «جبل رملة» في الصحراء الغربية في مصر، وهذا المكان كان شاطئاً لبحيرة موسمية منقرضة.

اقرا ايضا:

"الآثار" المصرية تحقق في فيديو مشجع جزائري "بصق" على أهم ملوك الفراعنة

ويقول أعضاء البعثة التي تعمل في مصر منذ عام 2001: «على الرغم من أنّ هذه المنطقة ليست خصبة الآن، فإنها في العصر الحجري الحديث كانت أكثر رطوبة مما هي عليه اليوم، حيث كانت تشهد مواسم ممطرة، قامت عليها حرفة الرعي، ومن المفاجآت أنّنا وجدنا دوائر مصنعة من الحجر كانت تستخدم للتّقويم الزّمني، مما مكّنهم من معرفة مواسم هطول الأمطار».
وخلال الجزء الأخير من فترة العصر الحجري الحديث، بدأ الناس يدفنون الموتى في المقابر الرّسمية، وقد وفّرت هذه المقابر معلومات مهمة عن البيئة الثقافية والمادية والصحة والعلاقات الاجتماعية والنظام الغذائي.

ويقول أعضاء البعثة: «في الفترة من 2001 إلى 2003، حفرنا ثلاث مقابر من هذه الحقبة، حيث اكتشفنا ودرسنا 68 هيكلاً عظمياً، وكانت القبور ممتلئة بالقطع الأثرية مع الفخار المزخرف، وقواقع البحر، والمجوهرات المصنوعة من قشر النعام، بالإضافة إلى أدوات تجميل متطورة للنساء وأسلحة حجرية للرجال». وأضافوا: «أعطتنا المقابر الثلاث معلومات مهمة على أن هذا المجتمع كان يتمتع بمعدلات وفيات منخفضة بين الأطفال، وكانت قاماتهم طويلة وتمتعوا بعمر طويل، حيث بلغ متوسط طول الرجال 170 سم، بينما كانت النساء نحو 160 سم، وعاش معظم الرجال والنساء بعد 40 عاماً، وبلغ البعض سن الخمسين من العمر».
وعلى النقيض من هذه المقابر الثلاث حفر أعضاء البعثة بين عامي 2009 و2016 مقبرتين أخريين كانتا مختلفتين للغاية، فبعد تحليل 130 هيكلاً عظمياً آخر، اكتشفوا أنّ عدداً قليلاً من المصنوعات اليدوية رافقتهم، وأنّهم عانوا من وفيات الأطفال المرتفعة وكذلك قصر العمر والقامة، حيث كانوا أقصر عدة سنتيمترات وكانوا أقل في العمر نحو عشر سنوات.
ويقول أعضاء البعثة إنّه «من المثير للدّهشة أنّ أكبر مقبرة في هذين المدفنين كان بها منطقة دفن منفصلة للأطفال دون سن الثالثة من العمر، وكان بينهم الأجنة المتأخرة التي لم تولد، وقد عُثر على ثلاث نساء دُفنّ مع الأطفال الرضّع، بما يرجح أنهن متن في أثناء الولادة، وهذه في الواقع أقدم مقبرة للرضّع معروفة في العالم». كما أشاروا إلى أنّ مواقع الدّفن في ذلك الوقت كانت في معظمها نسبة الجنس الإجمالية فيها هي ثلاث نساء لكل رجل، مما قد يشير إلى احتمالية «تعدد الزوجات».
واستنتجوا أيضاً أنّ بلوغ عمر ثلاث سنوات يعني بالنسبة إليهم أنّ الطفل أصبح شخصاً كبيراً، فإذا مات دُفن في مقابر البالغين، وليس في مقابر الرضع، فكل من عُثر عليهم في مقبرة الرضع كانوا في سن عامين أو أقل.
وتوفر المقابر أيضاً، كما قال أعضاء البعثة، دليلاً واضحاً على احترام الأشخاص الذين دُفنوا سابقاً من قِبل المشيّعين الذين استخدموا القبور لدفن موتاهم، حيث عثروا على محاولات «لإعادة بناء» الهياكل العظمية عن طريق وضع الأسنان التي سقطت مرة أخرى في الهيكل العظمي.
ويقول د. جاسيك كاباسينسكي مدير البعثة، في تصريحات خاصة عبر البريد الإلكتروني لـ«الشرق الأوسط»: إنّ «هذه المؤشرات السلوكية، إلى جانب دوائر التقويم وأدوات التجميل والأسلحة وغيرها، من الأشياء التي عُثر عليها، تنطوي على مستوى من التطور يتجاوز بكثير مستوى الرّعاة البسطاء». ويضيف أنّ «كل ذلك يجعلنا نرى صلة بين المجتمعات الرّعوية التي سكنت الصحراء الغربية في الألفية الخامسة قبل الميلاد وبداية الدولة المصرية، حيث هاجرت على الأرجح هذه المجتمعات إلى وادي النيل في نهاية العصر الحجري الحديث بسبب التصحر المكثف في هذه المنطقة وأثّرت بشدّة على الوضع الاجتماعي في وادي النيل قبل ظهور عصر الأسرات، ومهّدت للإنجازات الحضارية التي شهدها هذا العصر».
ويتوقف بسام الشماع الكاتب في علم المصريات، أمام الكثير مما جاء في اكتشافات البعثة البريطانية، وأهمها أعمار الوفاة.
وقال في تصريحات خاصة: «كنا نعتقد أنّ متوسط سن الوفاة في عصر ما قبل الأسرات 30 عاماً، وزاد في عصر الأسرات إلى 35 عاماً، ولكنّنا الآن أمام دليل علمي يقول إنّ هناك من عاشوا في عصر ما قبل الأسرات أكثر من 40 عاماً، ووصل بعضهم إلى سن الخمسين».
ويشير الشماع إلى العثور على قواقع بحرية في المقابر، وهذا يرجع إلى احتمالين، أحدهما أنّ هناك تجارة كانت قائمة بين السكان الذين استوطنوا هذه المنطقة القاحلة من الصحراء الغربية ومناطق أخرى، والثاني أنّها حفريات عُثر عليها في طبقات الأرض بتلك المنطقة التي كانت ضمن نطاق بحر كبير في عصور ما قبل ظهور الإنسان.

قد يهمك ايضا:

علماء الآثار يكشفون استيراد أخشاب لبنانية في عهد الفراعنة لبناء الأهرامات

كانافارو يؤكد أن مصر دفعت ثمن خطايا أجيري في أمم أفريقيا

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

معرض الشارقة للكتاب يضم مشاركة 112 دولة والمغرب يحل…
حاكم الشارقة يعلن اكتمال المعجم التاريخي للغة العربية والانتهاء…
وزارة الثقافة المغربية تدعم 412 مشروعاً في قطاع النشر…
وزارة الثقافة السعودية تحصد وسام أخلاقيات الذكاء الاصطناعي 2024
المؤلفون غير البيض يشعلون شغف الطلاب بالقراءة

اخر الاخبار

أخنوش يعرض تجربة المغرب في التكيف مع التغيرات المناخية…
الحكومة المغربية تؤكد التعامل الإيجابي مع الرقابة البرلمانية وقبول…
عزيز أخنوش يحل بمجلس المستشارين المغربي في جلسة حول…
مجلس النواب المغربي يعقد جلسات عمومية للتصويت على مشروع…

فن وموسيقى

مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يُكرّم "الفتى الوسيم" أحمد عز…
هيفاء وهبي تعود إلى دراما رمضان بعد غياب 6 سنوات وتنتظر…
المغربية بسمة بوسيل تُشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة التي تستعد…
كاظم الساهر يتألق في مهرجان الغناء بالفصحى ويقدم ليلة…

أخبار النجوم

محمود حميدة يكشف تفاصيل شخصية "ياسين" في مسلسل موعد…
إسعاد يونس تُعرب عن سعادتها البالغة بعودتها للمسرح
هاني سلامة وياسمين رئيس يجتمعان مجدداً بعد غياب 12…
محمد هنيدي يُعلن دخوله منافسات دراما رمضان 2025 بمسلسل…

رياضة

الهلال⁩ السعودي يتجاوز مانشستر يونايتد في تصنيف أندية العالم
إصابة في الرباط الصليبي تبعد إلياس أخوماش عن الملاعب…
المغربي ياسين بونو بين كبار اللعبة بمتحف أساطير كرة…
وليد الركراكي يخطط لثورة في تشكيلة المنتخب المغربي قبيل…

صحة وتغذية

هل تختلف ساعات نوم الأطفال عند تغيير التوقيت بين…
أدوية علاج لمرض السكري قد تُقلل خطر الإصابة بحصوات…
حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها
عقار شائع للإجهاض قد يساهم في إطالة العمر ويشعل…

الأخبار الأكثر قراءة

حاكم الشارقة يعلن اكتمال المعجم التاريخي للغة العربية والانتهاء…
وزارة الثقافة المغربية تدعم 412 مشروعاً في قطاع النشر…
وزارة الثقافة السعودية تحصد وسام أخلاقيات الذكاء الاصطناعي 2024
المؤلفون غير البيض يشعلون شغف الطلاب بالقراءة
مركز أبوظبي للغة العربية يُقدم 53 منحة جديدة إلى…