الرباط -المغرب اليوم
صدر عن دار "فاصلة" بمدينة بطنجة كتاب جديد للأكاديمي والناقد الثقافي يحيى بن الوليد يحمل عنوان: "السرد..الاعتراف والنسيان (أبحاث في ذاكرة الاعتقال السياسي بالمغرب)"، الكتاب تمّ التمهيد له بمقدمة (تحليلية)، وفي دلالة على التعاطي مع موضوع الاعتقال السياسي في أفق "كتابة السجن" تعيينا، منذ التسعينيات الصاعدة من القرن المنصرم؛ وذلك كلّه وفق مقاربة مرنة، تسعى في سياق نوع من الانفتاح أو بالأحرى نوع من التحرّر المنهجي إلى تأطير مشكلة كتابة الاعتقال ضمن ثنائية "الثقافة والتاريخ".
وجاءت الكتابات السجنية بالمغرب، التي تناولها الباحث، في سياق سياسي سعت فيه الدولة ذاتها ــ من خلال إشارات دالة ومقتضبة ــ إلى "طي صفحة الماضي السوداء". هذا وإن كان من الصعوبة طيّ مثل هذه الصفحة، التي سعت دول أخرى كذلك إلى طيّها، بسبب ثقلها المركّب والمدوّي وبسبب انغراسها في نطاق ما تعبّـر عنه بعض الكتابات التاريخية بـ"الذهاب والإياب بين الماضي والحاضر"، ولما تقتضيه هذه الحركة من تجميع للمعطيات وتفسيرا لها..بالإضافة إلى مدى استعداد الدولة، بشكل صريح، لـ"القطيعة" مع هذا الماضي الثقيل ومع باقي الممارسات السياسية التي تزيد من أشكال المصادرة والتأجيل والانتظار.
وافترض مخطط الكتاب ترسيما خرائطيا شمل ثلاث نظرات هي: النظرة المدنية، النظرة الأدبية.. فالنظرة العسكرية، وعيا من المؤلف بأهميتها على مستوى تأطير كتابات الاعتقال، ككل، في جبهاتها المختلفة وفي أهدافها المتفاوتة. وشمل هذا القسم الأوّل من الكتاب، علاوة على الدراسة الأولى والموسومة بـ"طفرة الكتابات السجنية بالمغرب"، دراستين أخريين سعى الدارس في أولاهما إلى معالجة موضوع "الصفح والنسيان"، فيما سعى في الثانية إلى معالجة موضوع "الذاكرة والتاريخ".
المُؤلف لم يتوقف عند المداخل النظرية الثلاثة المشار إليها، بل سعى إلى الانفتاح على أعمال (سردية) محدّدة تشي مقاربتها بترسيمة يتكشّف عنها نوع من التنوّع الحاصل في النظرة المدنية بصفة عامة. إذ شمل القسم الثاني أربع قراءات: الأولى معنونة بـ"الاعتقال بجرح ثاء التأنيث"، وهي حول عمل فاطنة البيه "حديث العتمة" (2001)، والثانية معنونة بـ"في النقد الذاتي"، وهي حول عمل جواد مديدش "درب مولاي الشريف" (2002)، والثالثة معنونة بـ"أرشيف المرحلة"، وهي حول رواية الزهرة رميج "أخاديد الأسوار" (2007)، والرابعة معنونة بـ"سجن بلا قضبان"، وهي حول رواية فتيحة مرشيد "لحظات لا غير" (2007).. هذا بالإضافة إلى خاتمة جاءت على شكل خلاصات وأبرزت الصعاب التي مازالت تعوق مشروع "طي صفحة الماضي".
قد يهمك ايضا :