الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
الروائي بهاء عبد المجيد

القاهرة - رضوى عاشور

أكّد الروائي بهاء عبد المجيد أنَّ الكتابة كانت السفر الأول، الذي بدأت به رحلته في النضوج، والخروج بحكايت للوجود، موضحًا أنه كان ممزقًا بين ثقافتين، غربيّة وشرقية، وضعته أمام مواجهة مع أسئلة كثيرة، بشأن ماهية الوجود، وطبيعة الرجل والإنسان. وأشار عبد المجيد، في حديث خاص إلى "المغرب  اليوم"، إلى أنَّ "الكتابة هي محاولة لإثبات وجودي في الحياة، وأن لي قصة يجب أن أرويها، وأبررها، كما فعل الشاعر جون ميلتون في ملحمته الشعرية (الفردوس المفقود)، حين قال (أكتب لكي أبرر أفعال الرب للإنسان)".
وعن رواياته "الخطيئة الأولى" و"الشجرة المحرمة سقوط آدم وحواء"، أوضح أنّ "كتابتي لم تكن عن السقوط والخطيئة، ولكن كانت محاولة أن لا أسقط أو أخطأ، كانت تربيتي دينية، أجدادي من كبار شيوخ الأزهر، ومن حملة القرآن الكريم، وشعراء متصوفة، ودارسي موسيقى أيضًا، ومنشدين، وسياسين لهم باع في الحركة الوطنية، فأردت أن يكون لي عالمي الخاص، الذي يحتوي خبراتي، وعالمي الذي أعيشه".
وأضاف "كنت لا أفهم الكون جيدًا، وكان جسدي لا يساعدني على تحقيق احتياجاتي، وكانت تربيتي لا تساعدني على أن أتحرر، أو أغامر، كنت أشعر بالحرمان والضعف، وعدم الفهم للحياة، على الرغم من حساسيتي، ومحبتي للبشر، والكون، كانت مصر تقع في منطقة القديم والحديث، ولا تستطيع أن تحدد أين نحن، كنت أرى النساء والرجال في الشوارع، والحارات والميادين، لديهم فراغ، ويريدون أن يجلسوا معك، ويتحدثوا عن تجاربهم، ومراراتهم، حتى عن هواجسهم ومخاوفهم، وكانت هناك أيضًا ثورة على القيم ومفهوم الجسد، وجاءت مجموعتي القصصية (البيانو الأسود)، لتحتوي هذه الحالة من الرغبة في الفهم والرصد والبوح السري، بمكنونات النفس، لاسيما المنطقة العميقة، حيث كانت قصصي تتحدث عن شباب وشابات يتوقون إلى الانعتقاء، إلى الحياة بكل معانيها، برغبة ملحة في التحقق، والعيش".
وبشأن اتهامه بـ"التطبيع" في رواية "سانت تريزا"، لاعتبارها الرواية الأولى التي ترصد شخصية يهودي بهذا الجمال، والتعاطف، بيّن عبد المجيد "لست مهمومًا بالاتهامات، وعانيت كثيرًا منها لدرجة أنها أوصلتني إلى مرحلة الرغبة في العزلة، والانطواء، ثم خرجت لأجرب كل شيء، أن أختبر صورتي في المرآة، كما يراها الأخرون، وليس ما أرى نفسي عليه، لدرجة أنني أحيانًا أقوم بفعل صورتهم النمطية عني، وأجربه، كتبت (سانت تريزا) لأنني عشت في شبرا، وعرفتها جيدًا، هي العالم، و ليست مصر فقط، عندما تركتها، بعدما ضاقت علي، لاسيما بعد عودتي من أميركا، لأنها أصبحت مزدحمة، وسكنها الغرباء والمهاجرون من محافظات كثيرة، لأنها فقدت الكوكبية، حيث كان يعيش فيها يهود ومسيحيون ومسلمون، كنا نعيش في تناغم، كانت حالة السلام دون تحيزات، أو عنصرية، حالة المدينة الفاضلة، ولكن في نهاية التسعينات، ونتيجة للنبرة العنصرية التي اجتاحت البلاد، تمركزت العقيدة واختلافها في الأذهان، والتعامل، وجاءت روايتي لترصد ذلك، لم تكن فقط تهتم بالقضايا الكبرى، كالسياسة والدين والاقتصاد، بل كانت تهتم برصد رؤية خاصة بي أنا، ولتعبر عن مفهومي للوطن والتعايش والجاور والتحاور السلمي بين الأديان".
واستطرد "اهتمامي برصد التمازج الحضاري في رواياتي ينبع من طبيعة دراستي وأسفاري، كتبت رواية (خمارة المعبد) أثناء دراستي للدكتوراة في إيرالندا، ورأيت التشابه والاختلاف بين هنا وهناك، وكيف استطاع الشعب، رغم سيطرة الاحتلال والدين، أن يتقدم ويتثقف ويصبح دولة مهمة في أوروبا كلها، أريد لبلدي، ولقرائي أن تطلع على نموذج إنساني وحضاري أخر، ربما نستفيد من تجاربهم الحضارية".
وأوضح عبد المجيد أنه "محظوظ أكثر من بقية الشباب الروائيين، لأن كتبي تعاد طباعتها أكثر من مرة، أنا معروف عالميًا، بعد ترجمة كتبي إلى الإنجليزية، مثل سانت تريزا، والنوم مع الغرباء"، مشيرًا إلى أنَّ "الثقافة في مصر تمر بأزمة حقيقية، الصراع ما بين الموظف والفنان، والإقصاء، والإغراق، حتى ولو كان تافهًا، وعدم وجود مشروع قومي، وتغيّر الوزراء كل فترة يؤثر على الأداء، وكأنه لا يوجد شخص واحد في مصر يقوم بدور المحرك الثقافي، هذا جرم كبير"، معتبرًا أنّ "مشكلتهم أنهم ليس لهم خارطة ثقافية، ولا إبداعية، عن ما يدور في مصر، هم يدعون من يعرفونهم فقط، وهم لا يبحثون سوى عن من يخدم مصالحهم".
وعن تأثير الثورة على الواقع الثقافي، يرى الروائي عبد المجيد أنّ "تغييرًا حدث بالفعل، أصبح بإمكاننا التعبير عن قناعاتنا بحرية، لاسيما بشأن الأداء الحكومي، ولكن لا زالنا نلهث وراء الشائعات، والتحامل".
وفي ختام حديثه تطرق الروائي عبد المجيد إلى روايته الأخيرة "النوم مع الغرباء"، مبيّنًا أنها "تحكي حال مصر ما قبل الثورة، وما كنت أعاني منه من قهر وتهميش، و يعانى منه المصريون جميعًا، هناك شخصية باسم، الذي يعالج إحباطه، بممارسة الجنس، ونادر الذي يتأمل ويفكر، وسقط في براثن الاكتئاب، بسبب ما يعانيه المجتمع من مشاكل ونفاق وغياب ديمقراطيات، وتخوين، وعدم فهم لطبيعة الحياة"، مشيرًا إلى أنَّ "الرواية تنتهي بالانفجار، والمظاهرات، وكان هذا هو الحل، لا أستطيع التنبؤ بالمستقبل، ولكن لو أبقينا على حالة التشرذم والتخوين والإقصاء لن تقوم لنا قائمة، نريد صوت العقل، مع مزيد من الخيال والإبداع، ثورة دون ثقافة وتعليم جيد، ونمط حياة مقبول، وإنساني للبشر، هي ظلم حقيقي، سيجعل مصر دائما في ثورة".

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

معرض الشارقة للكتاب يضم مشاركة 112 دولة والمغرب يحل…
حاكم الشارقة يعلن اكتمال المعجم التاريخي للغة العربية والانتهاء…
وزارة الثقافة المغربية تدعم 412 مشروعاً في قطاع النشر…
وزارة الثقافة السعودية تحصد وسام أخلاقيات الذكاء الاصطناعي 2024
المؤلفون غير البيض يشعلون شغف الطلاب بالقراءة

اخر الاخبار

السفير الإيراني السابق في بيروت يكشف عن اتصال نصرالله…
تعيين المغربي عمر هلال رئيساً مشاركاً لمنتدى المجلس الاقتصادي…
عبد اللطيف لوديي يُبرز طموح المملكة المغربية في إرساء…
لقجع يُبرز المكانة التي وصل إليها المغرب والتحديث الشامل…

فن وموسيقى

مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يُكرّم "الفتى الوسيم" أحمد عز…
هيفاء وهبي تعود إلى دراما رمضان بعد غياب 6 سنوات وتنتظر…
المغربية بسمة بوسيل تُشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة التي تستعد…
كاظم الساهر يتألق في مهرجان الغناء بالفصحى ويقدم ليلة…

أخبار النجوم

محمد فراج يكشف تفاصيل أحدث أعماله الفنية
أشرف عبدالباقي يعود للسينما بفيلم «مين يصدق» من إخراج…
أحمد فهمي ضيف شرف سينما 2024 بـ 3 أفلام
هند صبري تكشف سر نجاحها بعيداً عن منافسة النجوم

رياضة

كريستيانو رونالدو يعتلي صدارة هدافي دوري الأمم الأوروبية
محمد صلاح على رأس قائمة جوائز جلوب سوكر 2024
الهلال⁩ السعودي يتجاوز مانشستر يونايتد في تصنيف أندية العالم
إصابة في الرباط الصليبي تبعد إلياس أخوماش عن الملاعب…

صحة وتغذية

نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية
الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء…
هل تختلف ساعات نوم الأطفال عند تغيير التوقيت بين…
أدوية علاج لمرض السكري قد تُقلل خطر الإصابة بحصوات…

الأخبار الأكثر قراءة

حاكم الشارقة يعلن اكتمال المعجم التاريخي للغة العربية والانتهاء…
وزارة الثقافة المغربية تدعم 412 مشروعاً في قطاع النشر…
وزارة الثقافة السعودية تحصد وسام أخلاقيات الذكاء الاصطناعي 2024
المؤلفون غير البيض يشعلون شغف الطلاب بالقراءة
مركز أبوظبي للغة العربية يُقدم 53 منحة جديدة إلى…