الشارقة ـ المغرب اليوم
تبرز الشارقة دولياً باعتبارها إمارة الثقافة العربية، والنموذج الأكثر حضوراً في المشهد الثقافي العربي، من خلال إسهامات معرفية تسهم ببناء الإنسان وتعمل على تعضيد أواصر اللقاء الفكري بين الشرق والغرب، وذلك عبر سلسلة من الفعاليات التخصصية التي تتبناها هيئات ثقافية عريقة تأسست في الشارقة إعمالاً لتوجيهات
الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي حمل على عاتقه مهمة بناء الشخصية العربية الإسلامية في موطنه ومحيطه، بما يدعم الوجود العربي الإسلامي في أرجاء العالم، عبر رسائل ثقافية تحمل قيم التسامح وحب الخير والسعي الدائم نحو التطوير العصري الواجب تحقيقه من قبل المجتمعات، في سبيلها للعبور نحو مستقبل أيامها المزدان بالثقافات والمعارف المتجددة طبقاً لحاجات الإنسان وطموحاته في ارتياد الآفاق الكونية اللامحدودة وفق مقترحات الباحثين والعلماء الضالعين في شؤون العلوم النظرية والتطبيقية، وكذلك الفنون والثقافات وفلسفات الحياة.
ارتكز مشروع الشارقة الثقافي على احترام بنية الإنسان الذهنية والروحية، وتقدير وجوده في الحياة لإعمار الأرض وصوغ الحضارات وإقامة الحوار الفكري المتقد من أجل تطوير وجه الكرة الأرضية، وتحقيق القيم الإنسانية الأكثر سمواً، من خلال المحافظة على الهوية العربية الإسلامية وطرحها كأساس ينبني عليه الحوار الثقافي والحياتي مع الأطراف الأخرى والمجتمعات المنتثرة على امتداد البسيطة، وهو ما شكل الدعامات الأساسية في النهوض بثقافة الإنسان العربي في الشارقة، عبر تشكيل وعيه، من خلال الاهتمام بالكلمة والصورة والحركة، ما دفع الحكومة لإقامة المتاحف التخصصية كي تضيء جنبات هذه الإمارة العاشقة للعلوم والثقافات والفنون، والتي يبرز من بينها متحف الشارقة للحضارة الإسلامية، متحف الشارقة للفنون، متحف الشارقة للآثار، متحف الشارقة البحري، متحف الشارقة العلمي، إلى جانب مؤسسات ثقافية وإعلامية وفنية تقود المشهد الثقافي في الشارقة وتعمل على ترسيخ وجودها، وتتصدرها مؤسسة الشارقة للإعلام، مؤسسة الشارقة للفنون، دائرة الثقافة والإعلام، وهي مؤسسات تتضمن في جنباتها مجموعة من المراكز والمعاهد والمحطات والإصدارات القادرة على طرح ثقافة عصرية متطورة وذكية تليق بعاصمة الثقافة العربية وتؤكد على جدارة اختيار الشارقة كعاصمة للثقافة الإسلامية في العام 2014 من قبل المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم (الإيسسكو)، وهو الحدث الأبرز الذي تتأهب له الشارقة في الوقت الحالي، وتستعد له حثيثاً عبر مؤسساتها العاملة بالثقافة والفنون والإعلام والتراث من أجل عام تتوج فيه عاصمة لثقافة الإسلام، وهو ما دفعنا لاستطلاع آراء مجموعة من المثقفين المحليين والعرب وتحري رؤاهم فيما يرتبط بهذا الاختيار الصائب ومعرفة ما يجول بخواطرهم عموماً حول المشروع الثقافي لإمارة الشارقة.
مشروع ريادي
ترى الكاتبة الإماراتية عائشة مصبح العاجل رئيس قسم الإعلام بدائرة الثقافة والإعلام في الشارقة أن "مشروع الشارقة الثقافي والريادي في المنطقة إنما يرتكز على الإنسان، باعتباره المدماك الأقوى والأكثر عمقاً في المنظومة المجتمعية والذي يُعول عليه في تدعيمها وإثرائها والنهوض بها. وقد ركزت الشارقة على العنصر الأكثر إثراء في المنظومة من خلال قناعات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة ورؤيته المنبثقة من الدين والهوية والتي تؤكد على الإنسانية روحاً وجسداً وفكراً في مختلف المراحل والتشكلات وما يحيط بها، وما ينضوي عليه هذا التشكل المفضي لسوية التعاطي معه ومن خلاله ومع الآخر إنسانياً".
وتضيف: "إن تتويج الشارقة عاصمة للثقافة الإسلامية 2014 سبقه تتويج ضمني منذ تنصيبها عاصمة للثقافة العربية 1998، أن تكون عاصمة للثقافات الإنسانية جمعاء، لأنها لم تتوانى في ضم وتنفيذ كل مشروع لخدمة الإنسان وبنائه وتطوير مداركه والإرتقاء بسويته الفكرية في شتى المجالات مستحقة ذلك دون منافس. ولأن الثقافة يجب أن تعم كافة أرجاء المعمورة من خلال الحوار مع الآخر والشراكة الثقافية مع الدول الأخرى بتنظيم فعاليات ثقافية متبادلة والإفساح لروح العلم والمعرفة والفكر والإبداع أن تحوم الأرجاء فتشكل منظومتها الخلاقة من أجل الإنسان ومن أجل السلام".
وتختم: "إن اختيار وزراء الثقافة بالدول الإسلامية خلال الدورة السادسة لمؤتمرهم في باكو عاصمة اذربيجان إمارة الشارقة عاصمة للثقافة الإسلامية 2014 أتى تتويجاً لمواقفها من قضايا الثقافة الواعية التي يعتمد انطلاقها في توجيهاتها من إيمانها بأنها جزء من المنظومة الإنسانية وانها تنظر الى علاقات الأمم على أنها علاقات تواصل وتعاون والتقاء من أجل الإنسان".