الجزائر - سميرة عوام
تُشتَهَر منطقة الشرق الجزائري بطبوع فلكلورية موسيقية رائعة وفريدة من نوعها ما زالت حاضرة بقوة في الحفلات والمهرجانات الدولية المقامة في دول الجوار في المغرب العربي، والتي أصبحت تتعامل مع مثل هذه الفرق الفنية والتي تؤدي أنغام الفقيراتوالبنقة، اللذين يُعتبَران من الألوان القديمة للفن الأصيل الجزائري، حيث تحافظ العائلات الجزائرية على الطريقة الاحتفالية لهذا النوع من الغناء، والذي يردده جوق نسائي بحس فلكلوري يستمد غنائه من الموروث الشعبي الجزائري، غالبهن مسنَّات يعرفن أسرارومميزات هذه الطريقة الصوفية والتي تتغنى بمدح الرسول الكريم "ص" وبعض الأولياء الصالحين، وحسب فرقة رئيس فرقة إشراق بونة الفنان كريم فإن هذه الطرق الغنائية القديمة تدخل في شق الأغاني الدينية الصوفية والتي تجرى في عوالم روحية، وهي عبارة عن ذكر ودعاء لتطهير النفوس من الخطيئة.وعن تسمية هذه الطريقة الاحتفالية بالبنقة والتي يراها بعض الجزائريين بأنها قريبة للخرافة والتغني بالأولياء الصالحين، يوضح شيخ البنقة السيد ورقلي وهو شيخ مسن أن البنقة جاءت من اسم الآلة التي تُستعمل في هذه الوعدات التي تقام خاصة في شرق الجزائر، والتي تعُرف باسم الصول أيضًا ، ومن الآلات الأخرى الأكثر استعمالا في مثل هذه الألوان هي القرقابو والقمبري، والمستوحاة من الصحراء الجزائرية، ليضيف السيد ورقلي أن هذه الطريقة يجتمعون فيها مجموعة من الأشخاص في حلقة يغنون فيهاوترقص النسوة رقصات فلكلورية وتعبيرية قد تصل إلى حد التهوال في أجواء صوفية صرفة في المغرب العربي.وتَعتبِر عائلة ورقلي في الجزائر أن البنقة تدخل في تاريخ الغناء الجزائري القديم قبل بروز المالوف والعيساوة، وهي عبارة عن وعدة خاصة بالصالحين تقام في الأعياد الدينية خاصة، أو في عطلة الصيف، وحتى في الأعراس الجزائرية.وما زالت إلى يومنا هذا تُقام احتفالية البنقة في صحن البنايات القديمة والأصيلة الموجودة في الأحياء العتيقة المعروفة في عنابة الجزائرية أو دار كوري ، ودار مرزوق،أما الفقيرات فتشبه كثيرًا الطريقة الصوفية للبنقة لأنها لون من الفن الأصيل ، وهي عبارة عن غناء مستوحى من التراث الجزائري، حيث يتغنى بجمال المنطقة والعروس وحتى بالنبي محمد "ص"، وتُعرَف الفقيرات من خلال مجموعة النسوة اللواتي يجتمعن في الأعراس أو الحفلات يحملن الدف والقرقابو، ويطلقن أصواتهن ليُعلِنّ عن الفرحة والابتهاج.هذه هي ألوان الغناء الجزائري القديم، والذي ما زال سكان الجزائر متشبثين بها لأنها بالنسبة إليهم البنقة، والفقيرات من أرقى الأغاني الأصيلة، خاصة في الحفلات الدينية الملتزمة.