الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
قصبة "آيت عبو" في ورزازات المغربية

ورزازات – جمال أحمد

ورزازات – جمال أحمد تعد القصبات والقصور المغربية، المتواجدة في عدد من المدن، لاسيما الجنوبية منها، شاهدًا على الإبداع المغربي في البناء، الذي يستمد خصوصيته من الطابع المحلي لها، ومن مواد البناء التقليدية، التي استعملت لتشييد مباني، معرضة للسقوط بفعل عوائد الزمن. وتتميز هذه القصبات والقصور بجمعها بين المعمار على الطريقة المغربية الأصيلة والاستعمال العصري لها، بعد إدخال بعض ملاكيها تحسينات عليها، بغية استقبال الزوار، وللحفاظ عليها، وإنقاذها من السقوط، إلا أن العديد من هذه القصبات والقصور تعرف حالة من التردي، بسبب عدم قدرة أصحابها على ترميمها، أو لكون الاستعمال الجيد لها لم يعد من اهتمامات أصحابها.
وأصبحت بعض القصبات والقصور، لاسيما في ورزازات، إحدى أهم المواقع، التي تخدم الإنتاج السينمائي، عبر توفيرها ديكورًا طبيعيًا، بالنسبة لصناع السينما، الذين يقومون بأعمال ذات طابع تاريخي.
وتعتبر قصبة "آيت عبو" في سكورة، الواقعة على بعد 40 كيلومترًا عن مدينة ورزازات، أحد القصبات والقصور الزاخرة بعبق التاريخ، وبالأصالة المغربية، المتجلية في الإرث المعماري البارز، على مستوى هندستها وطريقة بنائها الأصيلة، المعتمدة على المواد الأولية المحلية، والمتأقلمة مع الطبيعة، وظروف الطقس في المنطقة.
وما كانت قصبة "آيت عبو" لترى النور، سوى بعمل أصحابها على جعلها واحدة من جوامع الحضارة المحلية الراسخة في التاريخ، ومجسدة للتضامن الاجتماعي في أبهى صوره، من حيث جعلها مكان التقاء العائلة الكبيرة، والممتدة، ووجهة مفضلة لاستقبال الضيوف والزوار الآتين من مناطق بعيدة، تجسيدًا لعمق كرم ساكنة ورزازات، الذي يبدأ بالعناية بمكان الاستقبال، والترحيب والضيافة.
وتقابلك في مدخل القصبة، التي بنيت كلها بالتراب والتبن والقصب والخشب، أشجار النخيل الوارفة، المحيطة بالمباني السكنية العريقة، التي يقطنها سكان محليون، وأفراد من عائلة مالكي القصر، وهي ترى من بعيد ولا تخطئها العين.
وتتكون قصبة "آيت عبو"، التي يعود تشييدها إلى عام 1837، من 54 غرفة، وآبار ومرافق للوضوء والصلاة، وخمسة طوابق، وساحة جماعية، وتمكن ساكنيها من إنقاذها، وتحدي عوادي الزمن، لتظل شاهدًا على حضارة إنسانية، لا تزال تتوارث أبًا عن جد.
وتعرضت القصبة، خلال العقود الماضية، إلى خراب جزئي، لاسيما في طوابقها العليا، بسبب العوامل الطبيعية، وشكل ذلك عاملاً مهمًا في تضافر جهود مالكيها، من الأسر الوارثة لها، لإنقاذها من الضياع، والحفاظ عليها كموروث تاريخي، وشاهد على إنجازات الأجداد، في مجال الدفاع عن القبائل في المنطقة، من هجومات القبائل الأخرى، التي تريد الاستيلاء على خيرات المنطقة، وبالتالي السيطرة عليها.
وعلى الرغم من أن العوامل، التي قد تؤدي إلى جعل القصبة في حالة يرثى لها، أو القضاء عليها، فإن سكانها لم يقوموا بالهجرة للبحث عن مكان آخر للسكن، بل وبغية الحفاظ عليها كجزء من تاريخهم، وذاتيتهم وهويتهم المحلية، شيدوا بنايات مجاورة لها، كبديل، ثم شرعوا في ترميمها بوسائلهم الخاصة، إلى درجة أنهم يقتطعون نصيبًا وافرًا من مصاريفهم اليومية الأساسية، لكي يرمموا القصبة.
ويقول المسؤول عن القصبة محمد مفهوم أنها "الأطول في المنطقة، وفي المغرب، بعلوها الذي يفوق 25 مترًا"، مشيرًا إلى أنها "مشيدة على مساحة 47 هكتارًا، ما جعلها قبلة للسياح الأجانب، لاسيما من فرنسا وإنجلترا"، مبرزًا أن "القصبة شيدت بغية مواجهة هجمات القبائل، الآتية من الصحراء، وجبال الأطلس، التي كانت تعتدي على المنطقة، وأنها كانت تقوم بدور اجتماعي واقتصادي، لاعتبارها زاوية ومحجًا لاستقبال جميع طرق القوافل التجارية، المارة من المنطقة، ومكان للضيافة".
 وعبر مفهوم عن الأسف لكون العائلة الممتدة لم تتمكن طوال الأعوام الماضية من ترميم القصبة، التي بناها الجد حمادي بن عبد الكبير، على الوجه الأمثل، نظرًا لقلة الموارد، رغم أن ترميم هذه المعلمة الوطنية قد بدأ عام 1996، مؤكدًا أن "اتفاق التثمين السياحي لثلاث قصبات في ورزازات وزاكورة والرشيدية، التي تم التوقيع عليها، أخيرًا، مع وزارة السياحة المغربية، ستمكن من إنقاذ هذا الصرح المعماري الفريد من نوعه"، موضحًا أن "الاتفاق، الذي يأتي في إطار العمل الوطني للحفاظ على القصبات والقصور، يستهدف ثلاث قصبات، هي قصبة آيت عبو في سكورة ورزازات، وقصبة دار الهبة زاكورة، وقصبة أولاد عبد الحليم الرشيدية، وذلك بغية إعادة التأهيل والتطوير والتنمية السياحية لهذه القصبات التاريخية، التي تزخر بدلالات ثقافية وحضارية وثقافية".
واختار أصحاب القصبة، واسمها الأمازيغي "تغريمت"، كراءها للشركة المغربية لتثمين القصبات، على مدى أربعين عامًا، إيمانًا منهم بأن ذلك هو الحل الأمثل للحفاظ على القصبة، التي سيشملها ترميم شامل، وإعادة التأهيل، لتكون قبلة هامة للسياح المغاربة والأجانب.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

وزير الثقافة يُوجيه بدعم الناشرين لجعل أسعار الكتب في…
جولة على أهم المتاحف والمعارض الفنية العالمية والعربية
مصر تضع اللمسات النهائية لافتتاح المتحف المصري الكبير أحد…
معرض الشارقة للكتاب يضم مشاركة 112 دولة والمغرب يحل…
حاكم الشارقة يعلن اكتمال المعجم التاريخي للغة العربية والانتهاء…

اخر الاخبار

الملك محمد السادس يهنئ أمير دولة قطر بمناسبة العيد…
اجتماع مشترك فى المغرب لدعم مبادرة الحل السياسي في…
مجلس الشيوخ الشيلي يدعم مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء…
مجلس الحكومة المغربية يدرس سبعة مشاريع مراسيم منها النظام…

فن وموسيقى

المغربي حاتم عمور يستنكر عدم حصوله عن أي جائزة…
منى زكي تؤكد أنها تتأنى دائما في اختياراتها لأعمالها…
المغربية أسماء لمنور تعود بعد فترة من الغياب عن…
الفنانة ميادة الحناوي تُؤكد أن سوريا مرت بحقبة صعبة…

أخبار النجوم

خالد النبوي يكشف أسراراً جديدة عن مسيرته الفنية
عمرو يوسف يكشف عن تفاصيل فيلمه الجديد «درويش» ويثير…
"رحلة 404" لمني ذكي يخرج من القائمة النهائية لجوائز…
فضل شاكر يشارك الشعب السوري أغنيته الجديدة "هي شامنا"…

رياضة

نجم منتخب البرازيل وريال مدريد فينيسيوس جونيور يفوز بجائزة…
ليفربول يتواصل مع نجم برشلونة رافينيا لاستبداله بصلاح
يوسف النصيري يواصل تألقه رفقة فريقه فنربخشة في الدوري…
المغربي أشرف حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل…

صحة وتغذية

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
وزارة الصحة المغربية تكشف نتائج التحقيق في وفيات بالمركز…
اختبار عقاراً جديداً يُعيد نمو الأسنان المفقودة
المغرب يُنتج أول اختبار لفيروس جدري القردة في أفريقيا

الأخبار الأكثر قراءة

الغارات الإسرائيلية تهدّد المواقع التراثية في لبنان واجتماع في…
إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر…
مؤلفون غربيّون يدعون إلى مقاطعة المراكز الثقافية الإسرائيلية إحتجاجا…
وزير الثقافة يُوجيه بدعم الناشرين لجعل أسعار الكتب في…
جولة على أهم المتاحف والمعارض الفنية العالمية والعربية