الرباط ـ المغرب اليوم
قال عبد الكريم الجويطي الروائي المغربي، إنّ "انتصارات الحركة الإسلامية المغربية "وهمية" ولا معنى لها، لأنّها تستهدفُ شعباً فيه نسبة الأمية مرتفعة، وتواجههُ بخطابٍ ديني عاطفي تدعمهُ جمعيات مقرّبة من الإسلاميين"، آمِلاً أن تُطوى تجربة الإسلاميين في الحكم بصفة نهائية، لأنّ "الحزب الحاكم ضيّع على المغرب عشر سنوات".وأورد الكاتب المغربي الحائزُ على جائزة المغرب للكتاب، برسم سنة 2017، عن روايته الأخيرة "المغاربة"، في لقاء أدبي نظمه الصّالون الثقافي لمقهى الفن السابع بالرباط: "أتمنّى أن تطوى بصفة نهائية تجربة الإسلاميين في المغرب خلال الانتخابات، لأنّنا نحتاج أشخاصًا صادقين ويملكون الحلول"، متسائلاً: "ألا يشعرُ بنكيران مثلاً بالألم وتأنيب الضّمير لحصولهِ على معاشٍ في بلدٍ كان يسيّره فيه فقراء".
وشدّد الروائي المغربي في كلمتهِ على أنّ "كل المؤشّرات سيئة في المغرب، سواءٌ من ناحية تنزيل الدّستور، أو التّراجعات المسجلة على مستوى حقوق الإنسان"، مؤكّداً أنّ حركة الإسلام السّياسي في تراجع لأنّه "يُمكن التّرويج لخطاب أخلاقي كبير، لكن خطاب مواجهة مشاكل الدولة يتطلّب خبرة".وقال الجويطي إنّ "الدولة تواجه الإسلاميين بمفسدين، وبالتّالي أصبحت المدن رهينة بين إسلاميين فاشلين وفاسدين يتبعون مصالحهم، والخاسر في كل هذا هو تنمية المدن وتطويرها"، مشيراً إلى أنّ "تعيينات اليسار الأخيرة بيّنت كيف تُقام السّياسة في المغرب، وكيف تبني على المصالح، وكيفَ يتمكن أبناء الشّخصيات النّافذة من المناصب".
وفي سياق حديثه عن الوضع السّياسي العام في المغرب، أشار الجويطي إلى أنّ "بقاء بعض الأحزاب في المغرب إهانة لتاريخها"، وزاد: "يجبُ أن تحلّ نفسها لأنها أسّست في ظروف لم تعد مطروحة اليوم".وعن وضع اتحاد كتاب المغرب، قال الروائي ذاته إنّ "التجمع الأدبي المغربي انتهى، إذ إنّ التجربة الأخيرة التي عاشها كانت "مدمّرة".وفي سياق آخر، أشار الجويطي في معرض حديثه إلى أنه خلال "نهاية التّسعينيات، كان المغاربة يستمعون إلى البرلمانيين لأنهم كانوا يحملون مواقف ويدافعون عن مبادئ وكانوا يعرفون أنّ هناك صراعا حقيقيا و"قائما"؛ أما اليوم فأصبحت الأحزاب تتحدث لغة واحدة بنفسِ المرجعية وبنفس المفاهيم".
وبخصوص روايته "المغاربة"، أبرز الجويطي أنّ "الكتابة لا تنتهي مع نصٍّ"، مردفا: "رغم المديح الكبير الذي لقيه نصّ "المغاربة" فإنّني دائم انتظار الطّرف الآخر الذي لم يرقه هذا النّص"، مضيفاً أنّ "التّاريخ السّياسي منجم خصب للرواية والأحداث والانفعالات".وحول ثنائية الحداثة والتّحديث، قال الجويطي: "لا معنى للحداثة إذا لم ترْفع شعار "السّيطرة على الزمن"، فمشكل التّعليم في المغرب بسيط.. هناك مشاكل بنيوية كان يجبُ حلّها في سبعينيات القرن الماضي، لكن بسبب الخلافات و"البوليميك" لم تحلْ إلى يومنا هذا، وبالتّالي هناك تضييع للزّمن الإصلاحي بسببِ هذه الخلافات".
وزاد الكاتب نفسه: "نعيشُ في المغرب انفجاراً روائياً، إذ صدرت 272 رواية العام الماضي، وهذا أمر إيجابي"؛ كما قال إن "الرواية في المغرب مازالت في بدايتها، وهذا الذّهاب الروائي سيُعطي لا محال كتاب مغاربة عظماء".واعتبر الجويطي أنّ "الحركة الثّقافية المغربية ولدت من رحم الحركة الوطنية التحريرية، إذ إنّ أقطابها كانوا سياسيين وفاعلين ثقافيين ينتمون إلى الحقل الثّقافي بتلاوينهِ الشّعرية والأدبية والمسرحية، مثل مختار السّوسي وعلال الفاسي وعبد الله إبراهيم"، وزاد: "الحقل الثقافي كان أحد الحقول الكبرى لإدارة الصّراع في السبعينيات".
وعن نقاش الكفاءة الذي ميّز الدخول السياسي المغربي، قال المتحدث: "المعيار الكبير للكفاءة هو الوطنية، بحيثُ على السّياسي أن يحب هذا البلد وأن يفكر في مستقبلهِ"، مضيفاً أنّ "الأسس التي بنيت عليها الدولة الوطنية يجب الخروج من منطقها، وأن نبني منطقاً جديداً يتماشى مع المتحولات الاجتماعية، لأنّ الحركة الوطنية بُنيت بهاجس البحث عن التّوافق".
واستطرد الجويطي: "كل شيء قابل للتحقيق في بلد "المغيبات"، فالزاوية البودشيشية مثلاً دافعت عن الدّستور الحداثي الديمقراطي"، موردا: "نحتاج إلى بديل أخلاقي حقيقي، في المغرب.. نحن في حاجة إلى من يقول شيئاً يؤمن به".ويراهن الكاتب ذاته على الثقافة لتحقيق الإقلاع، وقال: "السياسة النّبيلة يقوم بها مثقفون وطنيون لهم رؤية ثقافية للبلاد ويحملون همّاً إصلاحياً.. التّشخيص السياسي يبقى ظرفيا مبنيا على المصلحة، بينما الثقافة رهان على الزمن البعيد والمتوسط".