الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
مهرجان دبي للفنون

بيروت - المغرب اليوم

يعدّ النحت على الخشب من أقدم الفنون وأعرقها، وهو يشبه إلى حد كبير فن الفسيفساء. فأنواع وألوان الخشب الكثيرة تتيح للفنان، صاحب هذه الهواية أن ينجز منحوتات ترتبط ارتباطاً مباشراً بالطبيعة. ومن جديد هذا الفن، يستفيد من خشب أشجار الأبنوس والشمشاد لإضفاء اللون الأزرق على العمل، ومن خشب شجر العناب للونه الأحمر، غير أنّ الفنانين يستخدمون غالباً خشب شجر الجوز وأشجار الغابات التي تحمل عروقاً جميلة في حد ذاتها.

الفنان جوزف حوراني يعدّ من النحاتين اللبنانيين القلائل الذين اتجهوا نحو الخشب لترجمة أفكارهم. فهو أستاذ جامعي ومهندس معماري، وحاصل على شهادات عليا (ماجستير) في الفلسفة والموسيقى. ويستخدم حوراني مهاراته مجتمعة في فن النحت على الخشب ضمن معرض لمجموعة من أعماله أنجزها من عام 1995 لغاية 2020.

ويستضيف «غاليري صالح بركات» هذا المعرض الذي يتضمن منحوتات لوجوه وأجسام من دون أعضاء وعكسها. ويركز فيها على أفكار تخرج عن المألوف ترتكز على المنطق التركيبي. فتبدو لناظرها بمثابة مجوهرات مفككة تم صنع عدة قطع منها. الأعمال تتيح لمقتنيها أن يعيد بناءها حسب وجهة نظره. ويقول الدكتور حوراني في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «كلما احتوت المنحوتة في تفاصيلها على منطق التركيب، تفقد من إحساسها الشاعري. من هنا كان التحدي عندي كبيراً، كي أستطيع تقديم معرض فني مبنيّ على كسر القواعد الإنشائية في طرح موضوع كل منحوتة».

لم يكن هدف حوراني أن يقدم أعمالاً فنية تجارية، بل أرادها فسحة تأمل تحرك الفكر، فتجمع مع التحليل متعة التأمل لناظرها كي يفهمها ويتماهى مع خطوطها. ويعلق: «لا أرتجل عادةً في منحوتاتي بل أضع لها خططاً أمشي عليها ومن ثَمّ أنفذها. والفرق بينها وبين غيرها أنّها ولا مرة كانت رمزية ولا تجريدية. كان همي أن أرضي تطلعاتي وأن آخذ هذا الفن إلى آفاق واسعة، غير مسبوقة».

ويرى حوراني أنّه من السهل جداً إرضاء الناس من خلال العمل العلمي ومن الصعوبة جذبهم إلى تجربة فنية غير مألوفة. وهذا الأمر ولّد لديه صراعاً لا يستهان به، ويعلق في سياق حديثه: «حاولت دائماً ألا تحمل منحوتاتي السطحية أو أن تكون بمثابة قطعة ديكور تليق بغرفة جلوس أو أريكة فيها. فهربت من الأسلوب الجمالي إلى آخَر يوفر عليّ التورط في العامل الثقافي».

مَن يشاهد معرض حوراني في «غاليري صالح بركات» لا بد أن تلفته مشهدية فنية تحلّق به، وتطرح عليه أسئلة لا يستطيع الإجابة عنها. يقول حوراني: «هناك أشخاص وجدوا صعوبة في التعاطي مع منحوتاتي لأنها بنظرهم معقدة، ولكن نسبة كبيرة لفتتهم في هيكليتها ومحتواها، وهو ما دفعهم لشرائها واقتنائها من دون تردد، في هذا الزمن بالذات».

يجمع معرض حوراني للنحت الخشبي نحو 100 قطعة فنية يتناول فيها وجوهاً عَبَرت في حياته. وبينها كذلك منحوتات تحكي عن أحشاء جسم الإنسان. ويوضح: «هي مجموعة وجوه تمثل أشخاصاً تعرفت إليهم في حياتي. ويأتي والدي في مقدمهم، إذ لجأت مرات كثيرة إلى شكل أنفه النافر ليشكل عنصراً أساسياً في القطعة. كما أن هناك كثيراً من بقايا ذاكرتي الجماعية المنبثقة من أشخاص تعرفت إليهم عن قرب أو التقيتهم، فتركوا أثرهم عندي، وحاولت أن أتذكرهم في منحوتاتي على طريقتي، بحيث انطبعت جميع أعمالي بوجوه محلية أعرفها».

يتعامل حوراني مع أنواع خشب مختلفة كالجوز والزان والفراك وغيرها. فهو يلحق بعروقها ليؤلف مسار منحوتته. ويقول: «هناك أنواع خشب مرتفعة الثمن كالـ(تك الأسود) الذي يبلغ سعر المتر المكعب منه 12 ألف دولار. وتجربتي مع هذا الخشب كانت رائعة، لا سيما أنه يقاوم الرطوبة والمياه. يعد كالمجوهرات لقيمتيه الفنية والحياتية. لم يكن هدفي أبداً النحت على خشب غالي الثمن، بقدر ما كنت أتطلع للمس هذه التجربة عن قرب».

وعن الفرق بين النحت على الحجر والخشب يقول: «الحجر يمكن التحكم به بسهولة ضمن ضوابط معروفة. أما الخشب فيفرض عليك احترام خصائصه كي تُبقي على قيمته الطبيعية».

وعن سبب لجوئه إلى منحوتات تحكي عن جسم الإنسان من الداخل يقول: «لست فناناً كلاسيكياً بل أبحث دائماً عن التحديات. هناك فنانون سبقوني وحاولوا نقل أفكارهم عمّا بعد الإنسان من خلال تناولهم أعضاءه. أنا شخصياً أخذت أحشاء الإنسان من كبد وكلية وقلب وقدمتها في منحوتات مفككة، تبرز مدى أهميتها، وهو ما لا يمكننا أن نلمسه في الحياة الحقيقية. بعض الناس لم يحبذوا فكرة بهلوانية تركيب المنحوتة، فيما آخرون رأوا فيها تمريناً صحياً، أسهم في تحريك أذهانهم وإخراجه من قوقعة مفروضة عليه».

يشارك اليوم حوراني من خلال منحوتاته في مهرجان دبي للفنون (دبي آرت فير)، وهو الذي سبق وقدم معارض نحت في بلدان عديدة بينها كندا وبوسطن. ويختم: «أخذني وقت طويل كي أستطيع التأقلم في بوتقة فنية أعيش فيها. ولكنّي آثرت إكمال أفكاري الهندسية ضمن عملية فنية تميل أكثر نحو العلمية والثقافة المعمقة. شكّل ذلك بالنسبة لي مخاضاً كبيراً نتج عنه نحو 1000 منحوتة خشبية أعرض منها اليوم ما يقارب الـ100».

قد يهمك ايضا 

اختتام فعاليات مهرجان دبي للكوميديا

مهرجان دبي للتسوق 45 يوماً من الترفيه وضربة البداية مع الجسمي وحسني

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

مؤلفون غربيّون يدعون إلى مقاطعة المراكز الثقافية الإسرائيلية إحتجاجا…
وزير الثقافة يُوجيه بدعم الناشرين لجعل أسعار الكتب في…
جولة على أهم المتاحف والمعارض الفنية العالمية والعربية
مصر تضع اللمسات النهائية لافتتاح المتحف المصري الكبير أحد…
معرض الشارقة للكتاب يضم مشاركة 112 دولة والمغرب يحل…

اخر الاخبار

وزير الداخلية المغربي يؤكد الاهتمام الذي يوليه الملك محمد…
وفد برلماني شيلي يشيد بدينامية المشاريع التنموية بمدينة الداخلة
وزير الخارجية الأميركي يُشيد بالشراكة مع المغرب في مجال…
لفتيت يُبرز مجهودات وزارة الداخلية لمحاربة البطالة ودعم المقاولات…

فن وموسيقى

سلاف فواخرجي تفوز بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان أيام قرطاج…
كاظم الساهر يسّتعد للعودة للغناء في المغرب بعد غيابه…
المغربي حاتم عمور يستنكر عدم حصوله عن أي جائزة…
منى زكي تؤكد أنها تتأنى دائما في اختياراتها لأعمالها…

أخبار النجوم

الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني
تامر حسني يشوق جمهوره لدويتو مع رامي صبري
أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
أحمد السقا يكشف عن مفاجأة حول ترشحه لبطولة فيلم…

رياضة

المغربي أشرف حكيمي ضمن أفضل 100 لاعب لسنة 2024
نجم منتخب البرازيل وريال مدريد فينيسيوس جونيور يفوز بجائزة…
ليفربول يتواصل مع نجم برشلونة رافينيا لاستبداله بصلاح
يوسف النصيري يواصل تألقه رفقة فريقه فنربخشة في الدوري…

صحة وتغذية

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
وزارة الصحة المغربية تكشف نتائج التحقيق في وفيات بالمركز…
اختبار عقاراً جديداً يُعيد نمو الأسنان المفقودة
المغرب يُنتج أول اختبار لفيروس جدري القردة في أفريقيا

الأخبار الأكثر قراءة

الغارات الإسرائيلية تهدّد المواقع التراثية في لبنان واجتماع في…
إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر…
مؤلفون غربيّون يدعون إلى مقاطعة المراكز الثقافية الإسرائيلية إحتجاجا…
وزير الثقافة يُوجيه بدعم الناشرين لجعل أسعار الكتب في…
جولة على أهم المتاحف والمعارض الفنية العالمية والعربية