الشارقة - المغرب اليوم
يقدّم المهرجان الدولي للتصوير "إكسبوجر 2018" ثلاثة معارض لمصورين عالميين تبرز قوة الأمل في الحياة في عالم أعيته الحروب والصراعات، وتسلط الضوء على أهمية الالتفات إلى حياة الناس العادية وقدرتهم العجيبة على الصمود وسط أكثر الأحداث قسوة وعنفًا.
تُبرز هذه المعارض الثلاثة المقدمة ضمن أروقة المهرجان في مركز إكسبو الشارقة، كيف يمكن لعدسات المصورين أن تقدم نظرة مختلفة لمشاهد حياتية قد تبدو مألوفة، ولكنها في الواقع تعكس إصرار الصغار والكبار على العيش وسط الدمار الذي أحدثته اضطرابات لا علاقة لهم بها، فيما اضطر البعض الآخر إلى "التواجد المؤقت" في خيم متناثرة على حدود أوطانهم، التي يتمنون العودة إليها من جديد قريبًا.
العراق بين عدستين
واختار المصور الصحفي المحترف معن حبيب "عين على العراق" عنوانًا لمعرضه الذي يضم 20 صورة، تقدم جميعها سردًا بصريًا لواقع الحياة اليومية البعيد عن العنف في بلده العراق الذي يعيش ظروفًا استثنائية حساسة منعته من الوصول إلى العديد من المناطق، لذلك سعى من خلال صوره إلى تناول حكايات العراقيين وتقديمها للعالم، وتشجيع الناس على استخدام إمكانياتهم لمساعدة الآخرين.
و ينقل حبيب من بغداد، المدينة العتيقة التي تهوى الحياة صور تشبث البغداديين بعاصمة بلدهم، فتبدو السيدة خضراء عبدالله البالغة 55 عامًا التي فقدت بصرها في حرب عام 2003 متعلّقة بالأمل رغم الظروف الصعبة التي مرت بها وسلبتها زوجها عام 2006، فيما يتطلع رجل مسن إلى السماء عند مزار الشيخ عبدالقادر الجيلاني وكأنه يدعو بعودة الاستقرار والسلام إلى مدينته التي أعيت أهلها أصوات الرصاص والقذائف.
ويصل معن حبيب بكاميرته إلى الأهواز، تلك الأرض المترامية المساحة التي تعرضت للجفاف بسبب خلافات مع دول الجوار، منعت وصول المياه إلى سكانها الذين باتوا فريسة الخوف من المستقبل، بسبب فقدان عصب الحياة وانتشار التلوث الناجم عن الملح والمعادن الثقيلة، وهو ما دفع بعضهم إلى الفرار إلى مدن وقرى مجاورة، تمكن المصور المحترف من الوصول إليهم فيها، ناقلًا نظرات القلق في أعينهم , أما المصور إسدراس إم سواريز الفائز بجائزة بوليتزر العالمية مرتين تكريمًا لما قدمه خلال تغطيته لمذبحة ثانوية كولومباين الأميركية، وتفجير ماراثون بوسطن، ومذبحة نيوتاون الأميركية، إضافة إلى كارثة تسونامي، وحرب العراق وغيرها، فيقدم في معرضه "لحظات" 33 صورة التقطها في كوبا، وغواتيمالا، وهايتي والعراق، وفلسطين، ويتناول بعضها الحياة تحت ظل الحرب أو الاحتلال.
يركز سواريز في مجموعته "العراقية" على براءة الأطفال وهم يراقبون الجنود في شوارع بغداد والبصرة، إذ يبدون غير عابئين بتلك الأسلحة المصوبة أحيانًا باتجاههم أو نحو منازلهم، فيما تبرز صورة أخرى مقاتلين فلسطينيين يستمتعون بلحظات من الهدوء قبيل بدء تدريباتهم العسكرية، أما الصور الأكثر تأثيرًا فهي لجثة فتى من غواتيمالا لقي حتفه في حادث سير على الطريق السريع أثناء محاولته الهجرة إلى الولايات المتحدة بطريقة غير شرعية.
يوميات لاجئ
وفي حضورها الأول في المهرجان الدولي للتصوير "إكسبوجر 2018"، تشارك مؤسسة "يوميات لاجىء" الهولندية غير الربحية التي تهدف إلى توثيق حياة اللاجئين والنازحين داخليًا في بلادهم ومساعدتهم وتعليمهم، بمعرض يحمل عنوان "يوميات لاجىء" ويتضمن ثلاث صور فقط، التقطها المصور الفلسطيني محمد محيسن في ثلاثة مخيمات للاجئين في كل من الأردن، وصربيا، واليونان.
تبدو الطفلة الأفغانية آنا رحموني البالغة من العمر 21 شهرًا في الصورة الأولى نائمة تحت شبكة تحميها من البعوض "ناموسية" خارج الخيمة التي يقيم فيها أفراد عائلتها في مخيم ملاكاسا شمال العاصمة اليونانية أثينا، فيما تظهر في الصورة الثانية اللاجئة السورية فاطمة (13 عامًا) وأختها زهرة (7 أعوام) وهما تتطلعان بخجل نحو الأرض في مخيم غير رسمي بالقرب من مدينة المفرق الأردنية، أما الصورة الثالثة فهي لمجموعة من اللاجئين الذين يؤدون صلاة المغرب في مسجد مؤقت أقيم على طرف إحدى طرق العاصمة الصربية بلغراد.
ويجمع المهرجان الدولي للتصوير "إكسبوجر" في دورته الثالثة التي تقام خلال الفترة من 21 حتى 24 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، نخبة من أبرز المصورين العالميين، لتقدم لهواة ومحترفي التصوير في الإمارات والمنطقة فرصة الاطلاع على تجارب إبداعية وفنية لها تاريخ طويل في تغطية الحروب، وتوثيق التاريخ، ورصد جماليات الطبيعة، واستكشاف أسرارها بالعدسات، إذ يشارك في المهرجان أكثر من 35 مصورًا تشكل حصيلة خبراتهم أكثر من 700 عام من التصوير.