الرباط - المغرب اليوم
في ظل ارتفاع حالات الإصابة بفيروس "كورونا" المستجد بالمغرب، تعالت الدعوات إلى توقيف صلاة الجماعة وتعطيل صلاة الجمعة في جميع مساجد المملكة، بالنظر إلى الخطر الوبائي المحدق بالمصلّين، لاسيما أن الظرفية الحالية لا تسمح بأداء الشعائر الدينية في المساجد التي قد تتحول إلى بؤرة سوداء للوباء العالمي.
وبرّرت الفعاليات المُطالبة بإنفاذ قرار إغلاق المساجد موقفها بأن بعض الكنائس كانت سببًا في تفشي فيروس "كوفيد19"، ومن ثمة صار لزاماً منع صلاة الجماعة في قادم الساعات، وفقها، موردة أنه لا إشكال من الناحية الدينية والشرعية في إلغائها، ما مرده إلى كونها تجمعات بشرية تصل إلى الآلاف في بعض المساجد.
"لا حرج شرعاً"
في هذا السياق قال محمد عبد الوهاب رفيقي، الباحث المتخصص في التراث الإسلامي، إن "التطور الذي سيقع بسبب انتشار فيروس كورونا، وهو أمر طبيعي، سيؤدي إلى ظهور حالات إصابة كثيرة في الأسبوع الجاري"، وزاد: "تفصلنا عن صلاة الجمعة خمسة أيام، ومن ثمة أظن أنه ستُتخذ إجراءات متعلقة بهذا الأمر من لدن السلطات، أسوة بكثير من الدول الإسلامية التي أعلنت توقيف صلاة الجماعة والجمعة".
وأضاف رفيقي، في تصريح أدلى به لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه "لا إشكال في القرار من الناحية الدينية والشرعية، بل بالعكس من ذلك يحث الدين على حماية الأرواح والأنفس والحرص على سلامة المواطنين"، مستدركا: "قد تؤدى الشعائر الدينية داخل البيوت والمنازل، لأنه ليست هناك إلزامية لأدائها في المساجد، خصوصا خلال هذا الظرف".
ويرى الباحث في التراث الإسلامي أنه "في انتظار صدور القرار يجب على المواطن أن يكون واعيا بخطورة التجمعات في هذه الأوقات، سواء داخل أماكن العبادة أو خارجها، إذ يجب تجنب الاحتكاك بالآخرين"، موضحا أن "الأجر مضمون ولا حرج شرعا، بل بالإمكان المساهمة في عملية الاحتياط الضرورية بلزوم البيت وعدم الخروج منه".
مصلحة حفظ النفس
من جهته، أكد رشيد أيلال، الكاتب المغربي صاحب مؤلف "صحيح البخاري.. نهاية أسطورة"، أن "التجمعات الكبيرة معرضة لتفشي الجائحات والأمراض المعدية"، مشيرا إلى ضرورة "الانسجام بين قرارات الحكومة؛ فحينما تقول وزارة الثقافة والرياضة إنه يجب إلغاء المهرجانات والأنشطة الثقافية والفنية، فذلك يجسد موقف دولة، والأمر نفسه ينطبق على إغلاق المدارس".
وتابع أيلال مستطردا: "وسط ذلك كلّه، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تبدو كأنها خارج الدولة ولا تنتمي إلى الحكومة، بينما القرار يتعلق بجميع القطاعات الوزارية"، مبرزا أن "المساجد ليست مكانا للتجمع فقط، بل تحدث فيها تجمعات ملتصقة في صلاة الجماعة أو صلاة الجمعة بفعل الاكتظاظ الشديد".
ولفت الباحث المغربي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى "سيطرة العاطفة الدينية على الناس، إذ يتم التحجج بأن الصلاة داخل المسجد ستحفظ الإنسان، في وقت يدعو الدين الإسلامي إلى عدم إلقاء النفس إلى التهلكة، لأن الأمر يتعلق بمسألة قلبية، ما يستوجب عدم الانجرار وراء هذه المواقف الساذجة".
لذلك، شدد المتحدث على "إلزامية الانسجام الحكومي بخصوص القرارات المتخذة، بالنظر إلى أن محورها هو حياة وصحة المواطن"، مردفا: "القاعدة الأصولية تقول إن حفظ النفس يعد مقصدا من مقاصد الشريعة، ولعل الشاطبي (فقيه مقاصدي) يفيد بأنه إذا تعارض النص والمصلحة يجب إيقاف النص حتى تتم المصلحة، والمصلحة الآن هي حماية الناس من وباء خطير".
"يجب إغلاق المساجد حاليا، أو توقيف صلاة الجمعة على الأقل"، يقول أيلال، الذي أشار إلى أن "الخوف يندرج ضمن موانع عدم حضور صلاة الجمعة والجماعة"، متسائلا: "هل يوجد خوف أكثر من الذي نعيشه الآن؟"، وخاتما: "الحرم المكي الذي يعتبر أقدس مكان على الأرض، حسب اعتقاد الفقهاء أنفسهم، تم إغلاقه في وجه الحجاج، بينما لا يتم إغلاق المساجد، فيما تعتبر كل بقاع الأرض مسجدا من منظور الثقافة الإسلامية".
قد يهمك أيضَا :
سيمبوزيوم أسوان الدولي للنحت على الغرانيت يحتفل بيوبيله الفضي
أعمال تشكيلية متنوعة لـ150 فنانًا مصريًا في "أجندة" في الإسكندرية