الرباط - المغرب اليوم
أكّد عبد الرحيم العطري، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في فاس، إن من أهم الدروس التي ينبغي استخلاصها من انتشار جائحة "كورونا" في مختلف أرجاء المعمور أن الإنسان، مهما بلغ من تطور، لا يستطيع أن يتحكّم في الطبيعة
وأردف العطري، في ندوة رقمية نظمتها كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الرباط، مساء الإثنين، بأن "كورونا يقول للإنسان إنه لا يستطيع أن يتحكم في الطبيعة وليس بمقدوره أن يهزمها، وإن ما قدمته العولمة في محتواها السعيد لا يمكن أن تصدُق نبوءاته دائما".
وأشار الأستاذ ذاته إلى أن "الجائحة التي أربكت العالم وجعلت البشرية تعيش تحت الذعر والخوف خلخلت كثيرا من اليقينيات التي ظلت سائدة منذ عقود من الزمن"، وزاد: "حتى الحداثة التي نعتبرها الخلاصَ لا يمكن أن تقود المجتمعات نحو تفكيك كل العناصر التي تحيل على الرفاه، إذ تأكد للعالم وللإنسان أن هناك ألغازا وأعداء لا يمكن أن يهزمهم بالمرة".
واعتبر الأستاذ الجامعي المغربي أن فيروس "كورونا" هدم كل الفوارق التي كانت قائمة بين طبقات المجتمع، إذ ساوى بين الناس، فلا يميز غنيا عن فقير، ولا بين دولة "متقدمة" وأخرى تنتمي إلى دول الجنوب، مضيفا: "الجميع يعيش الألم ويَختبر الذعر والخوف ويعيش الفاجعة بمستويات متعددة".
من جهة ثانية، أكد العطري أن "جائحة كورونا أبرزت الحاجة الماسة إلى السوسيولوجيا والعلوم الإنسانية بصفة عامة"، وزاد موضحا: "إذا كان الطب يبحث عن دواء لهذا الفيروس فهناك ضرورة ملحة إلى علم الاجتماع والعلوم الإنسانية لفك شفرات هذه الأحجية الملغزة وفهمها، ولمحاولة قراءتها وتأويلها اجتماعيا".
وتابع المتحدث بأن "الباحثين في سوسيولوجيا الصحة يلحّون على أن الواقعة الصحية والمرضية ليست واقعة طبية أو بيولوجية فحسب، ولكنها بالإضافة إلى ذلك تحيل على وقائع وأبعاد اجتماعية يتوجب تفكيكها وتأويلها، لفهم كيف يفاوض الأفراد والجماعات مع الصحة والمرض، وكيف يتفاوضون مع هذه الجائحة التي أربكت الكثير من الحسابات، وجعلت الإنسان يعيد النظر في كثير من الأشياء التي اعتقد أنه حسم فيها".
وذهب المتحدث ذاته إلى القول إن جائحة "كورونا" التي مازالت تتمدد، "لربما تعيدنا إلى نقطة الصفر أو ما قبل الصفر، لنعيد النظر في المسلمات واليقينيات والمعتقدات الوثوقية الراسخة"، مضيفا: "لا بد من إعلان أن المجتمع بحاجة إلى السوسيولوجيا لتأويل هذه الأحجية وإنتاج المعنى بصدد هذا المرض لفهمه، لأن المدخل الأساسي للتغيير يكون عبر الاجتماعي".
قد يهمك ايضا
مثقّفون يدعمون جهود المغرب لمواجهة "كورونا" ويتبرّعون لدعمها