الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
شارع "محمد علي" يودّع عازفي زمن الفن

القاهرة - المغرب اليوم

شوارع واسعة تحوي بداخلها عشرات المحلات التجارية، وأصوات تحيطك من كل جانب، سواء أصوات من ينادي على سيارات النقل التي تنقل الأوراق اللازمة لعمليات الطباعة، أو من ينادي على عامل المقهى لطلب كوب شاي يكثر فيه الشاي عن السكر بمقدار الضعف حتى يمكنه مواصلة العمل الذي بدأه منذ يومين كاملين، فالعميل قارب على الوصول، وما زالت الكروت الشخصية التي طلبها ولوحات الإعلانات لم تجهز بعد، أروقة واسعة في مضمونها ضيقة للغاية في شكله، مرحبًا بكم أنتم في شارع "محمد علي" في القاهرة.

من لم يمر على الشارع منذ السنوات التسع الأخيرة، قد يتعجب من ذلك الوصف، معتقدًا إياه حالة خيالية لا تمس للواقع بصلة، فشارع محمد علي الذي عرفه الناس دومًا بأنه شارع العازفين، أو كما يطلق عليه بالعامية المصرية "الآلاتية" نسبة إلى الآلات الموسيقية، فكان الشارع مهبطًا لهم، فاحتياجك لعازفين لإحياء حفلة أو راقصة وفرقتها للاحتفال بزفاف أحد الأقارب كان وصولك إلى شارع محمد علي هو الخيار الأمثل، حيث تجد أسعار مختلفة وأذواق متنوعة ومستويات متباينة أيضًا، ولكل زبون طلبه الذي سيجده بين أزقة الشارع الكبير، ولكن هذا ما اندثر من نحو 9 سنوات، ولم يتبق من الفن في الشارع إلا رائحته، لنجد صانعي الآلات من ناحية، ومصممي اللوحات الإعلانية من ناحية أخرى.

يقول سالم عبد الجليل، 44 عاما، وهو أحد أصحاب المطابع بالشارع "أنا هنا منذ نحو 8 سنوات، ولديّ مطبعة أخرى في منطقة عين شمس (أحد أحياء محافظة القاهرة). وعندما بدأت أسمع عن تجمع عدد من أصحاب المطابع بالشارع، قررت فورًا الذهاب واجتزاء جزء من هذا التجمع الذي حتمًا سيحبه الزبون"، مضيفًا "ببساطة، عندما يعرف الزبون بوجود 40 مطبعة مثلًا في مكان واحد، سيأتي هنا لمعرفة الأسعار والخامات والأشكال، ويقرر فورًا مع من سيتعامل، وسيفضل ذلك عن الذهاب لمطبعة بعينها في مكان ما لا يقرب منها مطابع أخرى، خصوصًا مع تباعد المسافات وإرهاق المواصلات في مدينة القاهرة، ولذلك قررت شراء تلك المطبعة".

وعن حال تلك المطبعة التي تعتبر ممرًا صغيرًا بين عدد من المقاهي، يقول "الكثيرون وصفوني بـ(المجنون)، حين قررت أن أشتري محلًا صغيرًا جدًا، يقع في ممر بعيد عن الناظرين في الشارع الرئيسي، وهو ما لا يحقق الهدف الرئيسي من الوجود، ولكنني آثرت مجرد الوجود وسط هذا المعرض المجاني على أن أشتري محلًا كبيرًا جليًا واضحًا للعيان، فمجرد الوجود وسط كل تلك المطابع مكسب. أي نعم، استأجرت محلًا آخر لوضع آلات الطباعة، وتركت هذا المحل الصغير للاتفاقات والعينات فقط، ولكنني سعيد بهذا الأمر".

وعلى الجانب الآخر، نجد سيد مندور منصبًا على الخشب، ممسكًا بـ"الإزميل" الذي ينحت به خطوطه الإبداعية على الخشب لكي يخرج لنا في النهاية آلة العود، تلك الآلة الحساسة التي يعشقها محبو الطرب العربي الأصيل، ويتحدث صاحب الستين ربيعًا عن تحول الشارع في السنوات الأخيرة، ليقول "أنا هنا في الشارع منذ نحو 21 عاما، رأيت الشارع وهو عبارة عن مركز فني كبير، يتجمع فيه العازفون والمطربون في كل زقاق، معتبرين الشارع نفسه مقهى كبيرًا لهم، يمكنهم من خلاله تقديم كل أنواع الفن، كنوع من استعراض العضلات الفنية من ناحية، واستقطاب الزبائن الحائرة بين هذا وذاك من ناحية أخرى، ولكن كل هذا انتهى بفعل ما يسمونه أبناء هذا الجيل بـ(الفن)، ويعلم الله أن فارقًا كبيرًا بين الفن الذي أتحدث عنه وذاك الذي يتحدثون هم عنه".

ويتابع مندور "الكل في أفراحه ومناسباته الحلوة يلجأ إلى مكبرات الصوت، من خلال ما يسمونه DJ، الذي يهب علينا بمهرجانات الأغاني الشعبية. وبعد أن كنا نسمع أغنيات وردة وأم كلثوم ومواويل محمد طه في الأفراح، أصبحنا نسمع مهرجانات تتناول ألفاظًا ما عهد بها المصري من قبل. وهنا، يجب أن نسأل: لماذا يستمر العازف أو المطرب في شارع محمد علي؟"، ويستطرد قائلًا "هرب العازفون من الشارع بحثًا عن لقمة عيش أخرى، فلم يعد هذا البلد بلدهم، ولا هذا المجال ملكهم، كما كان في السابق، ومن تبقى منهم يحاول النجاة عن طريق حفلات السخرية منهم، فيأتي أحد الأشخاص يطلب تخت قديم وراقصة تحمل الشمعدان على رأسها لأنه يقيم حفلة، ويود أن يحيوا الحفلة، ولكنه في حقيقة يأتي بهم لكي يضحك الناس عليهم"، ويضيف "اتجه آخرون إلى السينما، ليعملوا في أدوار ثانوية صامتة كعازفين، إن تطلب مشهد من المشاهد، ولكنهم كانوا يعملون يومًا ويجلسون في بيوتهم شهورًا، ولذلك هجر الجميع الشارع بحثًا عن لقمة عيش، وبعد أن كان الشارع مهبطًا للعازفين، تحول إلى ماكينات الطباعة. وبعد أن كنا نسمع الألحان في كل مكان، لا نسمع الآن سوى أصوات ماكينات الطباعة المزعجة، أو صوت عامل المقهى وهو ينادي على فلان أو علان، محذرًا إياه من كسر كوب الشاي".

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر…
مؤلفون غربيّون يدعون إلى مقاطعة المراكز الثقافية الإسرائيلية إحتجاجا…
وزير الثقافة يُوجيه بدعم الناشرين لجعل أسعار الكتب في…
جولة على أهم المتاحف والمعارض الفنية العالمية والعربية
مصر تضع اللمسات النهائية لافتتاح المتحف المصري الكبير أحد…

اخر الاخبار

إحباط عملية تهريب دولية للمخدرات في ميناء طنجة المتوسط…
مُباحثات مغربية بحرينية لتعزيز التعاون في مجالات التنمية الاجتماعية
الحكومة المغربية تُصادق على تُعين المهندس طارق الطالبي مديراً…
وزير العدل المغربي يُقدم أمام مجلس الحكومة عرضاً في…

فن وموسيقى

لطفي بوشناق يقدّم أغنية لبيروت ويتضامن مع المدينة الجريحة…
سلاف فواخرجي تفوز بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان أيام قرطاج…
كاظم الساهر يسّتعد للعودة للغناء في المغرب بعد غيابه…
المغربي حاتم عمور يستنكر عدم حصوله عن أي جائزة…

أخبار النجوم

أحمد السقا يكشف موقفه من تمثيل ابنته ومفاجأة عن…
زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
محمد رمضان يُشعل مواقع التواصل بمسابقة وجائزة ضخمة
أزمات قانونية تنتظر عمرو دياب في العام الجديد

رياضة

محمد صلاح بين الانتقادات والإشادات بسبب صورة عيد الميلاد…
المغربي حكيم زياش لا يمانع الانضمام لصفوف الوداد في…
محمد صلاح ينفي شائعات التجديد مع ليفربول ويؤكد أن…
المغربي أشرف حكيمي ضمن أفضل 100 لاعب لسنة 2024

صحة وتغذية

المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع
نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
وزارة الصحة المغربية تكشف نتائج التحقيق في وفيات بالمركز…
اختبار عقاراً جديداً يُعيد نمو الأسنان المفقودة

الأخبار الأكثر قراءة

الغارات الإسرائيلية تهدّد المواقع التراثية في لبنان واجتماع في…
إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر…
مؤلفون غربيّون يدعون إلى مقاطعة المراكز الثقافية الإسرائيلية إحتجاجا…