الرباط ـ المغرب اليوم
يعد المتحف العالمي "اللوفر أبوظبي"، الذي جرى حفل افتتاحه بحضور الملك محمد السادس، مشروعًا ضخمًا مشتركًا بين الإمارات وفرنسا، ويشكل جسرًا بين الشرق والغرب، ومركزًا للإشعاع الثقافي يحتفي بكل الإبداع الفني للإنسانية، من عصور ما قبل التاريخ إلى يومنا هذا.
هذا المشروع، الذي رأى النور بعد ثمانية أعوام من الأعمال، يقع في الحي الثقافي "السعديات"، وهي منطقة مخصصة بالكامل للثقافة والفنون وتضم، بالإضافة إلى متحف اللوفر أبو ظبي، "متحف غوغنهايم أبوظبي"، والمتحف الوطني زايد، بهدف استقطاب الزوار المحليين والإقليميين والدوليين من خلال تقديم معارض فريدة ومجموعات فنية دائمة.
ويضم متحف اللوفر أبوظبي، الذي يمتد على مساحة 85 ألف متر مربع، قاعات للعرض تحكي قصة الإنسانية في اثني عشر رواقًا "القرى الأولى، القوى العظمى الأولى، الحضارات والإمبراطوريات، والأديان العالمية، وطريق التبادل التجاري الآسيوي، ومن المتوسط إلى الأطلسي، والعالم من منظور جديد، وفي بلاط الأمراء، ونمط عيش جديد، وعالم حديث، وتحديات الحداثة، ومنبر عالمي".
ويركز كل فصل على الأفكار أو المواضيع المشتركة للكشف عن الروابط المشتركة من عصور ما قبل التاريخ إلى الفن المعاصر، وفي المجموع، يتم عرض أكثر من 600 تحفة إما من ممتلكات المتحف أو من الإعارة من المتاحف الفرنسية الأكثر أهمية، كما يضم المتحف، بالإضافة إلى 12 قاعة دائمة، مساحة عرض مؤقتة، ومتحفًا للأطفال، وقاعة مؤتمرات، ومطعمًا، ومقهى.
وتعد القبة الفضية الضخمة محور هذه المعلمة المعمارية، والتي يبدو وكأنها تطفو فوق المتحف. وبرغم أنها تبدو خفيفة إلا أن القبة تزن أزيد من 7500 طن "نفس وزن برج إيفل في باريس"، وقد استوحى المهندسون شكل بناية المتحف من القبة، وهي شكل مميز من العمارة العربية، عبارة عن بنية هندسية معقدة تتألف من 7850 نجمة عبر ثماني طبقات "أربع منها خارجية مصنوعة من الحديد الصلب، وأربع طبقات أخرى داخلية يفصلها هيكل فولاذي بارتفاع خمسة أمتار"، مع أشكال هندسية عديدة وبأحجام مختلفة.
وتدخل أشعة الشمس من خلالها عبر فتحات تذكر بانسياب النور من بين الأوراق المسننة لسعف النخيل، وفضلًا عن جمالها، فإن قبة اللوفر أبوظبي تفي أيضًا بعدد من الوظائف البيئية، إذ تم تصميمها كمظلة، تحمي الساحات العامة والمباني من حرارة الشمس، كما تمنح الزوار متعة بحيث تسمح لهم بالتجول بين قاعات العرض في المتحف والمعارض المؤقتة ومتحف الأطفال والساحة المركزية والمقهى والمطعم، وهكذا تمكن الظلال من ترشيد استهلاك الطاقة داخل المباني المغطاة.
وقد استطاع المتحف خلق مناخ ملائم خاص به بفضل تقنيات التصميم المستوحاة من العمارة التقليدية المتبعة في المنطقة، وتوفير المياه وتقنيات الطاقة السلبية، فضلًا عن التدفئة والتهوية وتكييف الهواء، والإضاءة والمعدات الصحية، وتشمل التقنيات الأخرى التي تم تطويرها استخدام تأثير الحماية من الشمس التي توفرها القبة والتظليل الذاتي للمباني، والاستفادة المثلى من ثقب السقف التي تسمح بالإضاءة الطبيعية، وأخيرًا الكتلة الحرارية المكشوفة، مثل الأرضيات الحجرية والطلاء التي تساهم في تلطيف الجو ليلًا.
وباختصار، فإن إنجاز مشروع اللوفر أبوظبي يعزز موقع العاصمة الإماراتية كوجهة سياحية، حيث يتم إبراز الماضي والحاضر وترسم المستقبل، ويسلط الضوء على التنوع الكبير والحداثة والطابع العالمي للإمارة الذي يشع لصالح صحاريها وواحاتها وقممها الجبلية وشواطئها الرائعة ومياهها الدافئة والشفافة وجزرها الفريدة.