الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
الروائي المصري أشرف العشماوي

القاهرة - المغرب اليوم

ينهال الروائي المصري أشرف العشماوي، في أحدث رواياته "بيت القبطية"، بمعول الكلمات على أضلاع "مثلث الرعب" في السرد العربي، الدين والجنس والسياسة، ليحدث فجوة قد تفتح المجال لحديث أكثر صدقا عن مشكلات طال السكوت عنها.

تدور أحداث الرواية الصادرة في 239 صفحة عن الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة في سنوات ما قبل الانتفاضة الشعبية في مصر عام 2011 التي أنهت حكم حسني مبارك، وتستعرض رحلة وكيل نيابة حديث التخرج داخل إحدى القرى التي تمثل نموذجا مصغرا لأي مدينة أو محافظة في مصر.

اختار المؤلف للقرية مسرح الأحداث اسم "الطايعة" في دلالة على أنها دوما مفعول بها لا فاعل بل ويسميها البعض "التايهة" ويشكل المسيحيون 80 بالمئة من سكانها لكن معظم الأراضي ملك للمسلمين.

يصادف بطل الرواية نادر فايز كمال منذ يومه الأول في القرية وابلا من المشاكل والحوادث المثيرة للشكوك منها القتل وحرق المنازل والمحاصيل وتسميم الماشية، لكنها تنتهي جميعا بعبارة واحدة "الفاعل مجهول" رغم أنه يبدو معلوما لدى أهل القرية الذين يؤثرون الصمت ويعالجون مشكلاتهم بطرق أخرى بعيدة عن القانون.

بتكرار الحوادث ومرور الأيام يبدأ وكيل النيابة في فهم الأمور وربطها ببعضها البعض. اللعبة لها قواعد أخرى وتحركها أطراف ذات مصالح من وراء الستار، من هذا الجانب المتعصبون دينيا الذين يؤججون نار الفتنة بين المسلمين والمسيحيين، ومن الجانب الآخر الأمن الذي يستغل الأحداث في إثبات أهمية وجوده وإبقاء الجميع تحت السيطرة.

يجد نادر نفسه محاصرا ومدفوعا نحو اتخاذ قرارات لا يرتاح لها بعد أن صار الحديث مكشوفا لا مواربة فيه حين قال له ضابط شرطة "لازم حس سعادتك الأمني يكون سابق القانون بخطوة، وطبعا معاليك عارف طبيعة الشغل بتاعنا، تسعين في المية حُسن تصرف وعشرة في المية قانون".

صدام القانون مع الطائفية والنفوذ الأمني لم يعبر عنه المؤلف في عجز وكيل النيابة عن تحقيق العدالة فحسب بل بلوره في صورة أعمق حين أبرز في أكثر من مقطع المسدس الذي يضعه نادر حول خصره ويفترض أن يتسلح به لحماية نفسه لكنه في الواقع قديم جدا وفارغ من الطلقات، تماما مثل القوانين التي عفا عليها الزمن والأحكام القضائية التي لا تُنفذ.

هنا يطرح المؤلف سؤالا محوريا يبدو أنه يبلور معاناة وكيل النيابة الشاب "هل الدين والقانون في خدمة المجتمع، أم أن المجتمع والقانون هما اللذان في خدمة الدين؟!!".

هدى القبطية

بالتوازي مع حكاية وكيل النيابة نادر فايز كمال يسرد المؤلف حكاية هدى يوسف حبيب، وهي المرأة المقصودة في عنوان الراوية (بيت القبطية).

هدى فتاة مسيحية مات والدها وهي صغيرة فتزوجت أمها من شاب يصغرها بعشر سنوات فما كان منه إلا أن اعتدى على الابنة. تتواصل مأساة الفتاة بزواجها من رجل على غير دينها ولا تحبه لكنه الأنسب للتستر على ما حدث لها.

تهرب هدى من قريتها دون تخطيط مسبق لتواجه المجهول الذي يقودها إلى قرية الطايعة، وهناك تصبح مثل ورقة شجر تتقاذفها الرياح حتى يهديها القدر حياة جديدة وزوجا من دينها وبيتا جديدا يصبح مقصدا للتبرك من المسيحيين والمسلمين على حد سواء بسبب أفعالها الطيبة ويطلق عليه "بيت القبطية".

لكن لأن الحياة ليست دائما عادلة يعود شبح الماضي من جديد ليطل برأسه وتتعكر حياة هدى التي تتحول بين ليلة وضحاها من امرأة مبروكة وصالحة إلى منبوذة من الكنيسة ومتهمة في قضية زنا.

يستخدم مؤلف الرواية التحولات التي حدثت في حياة هدى خلال فترة قصيرة في تجسيد ما قد يعانيه المرء في حياته بسبب ديانته التي لم يخترها من الأساس وكذلك يعجز عن تغييرها بسبب قيود المجتمع.

وفي حديث بينها وبين نفسها تقول هدى "لم أعد أستطيع العيش في الظل، حياتي كلها على هامش السعادة والاستقرار، هاربة دائما من أشباح كثيرة، فقر وظلم وقهر واضطهاد، وهي لا تتوانى عن مطاردتي وتلحق بي دوما، لماذا يتعامل معي القدر كنبتة رقيقة، يُطلق رياحه نحوي كل حين لتتلاعب بي؟ هل لو انقلبت حجرا صلدا بلا مشاعر لكان حالي أفضل ولنعمت بالاستقرار؟".

ورغم أن نادر وهدى التقيا في بداية الرواية وجمعتهما بعض المواقف فإن لقاءهما في النهاية كان هو الاختبار الحقيقي للاثنين داخل قاعة المحكمة وتحت سقف العدالة. رواية (بيت القبطية) هي الثامنة لمؤلفها أشرف العشماوي الذي يعمل بالأساس قاضيا وتُرجمت بعض أعماله إلى لغات أجنبية كما بيعت حقوق ملكيتها لتتحول إلى أعمال سينمائية وتلفزيونية.

وقد يهمك أيضا" :

مسرحية أرض الأحلام تبهر الجمهور والنقاد على مسرح الهوسابير

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر…
مؤلفون غربيّون يدعون إلى مقاطعة المراكز الثقافية الإسرائيلية إحتجاجا…
وزير الثقافة يُوجيه بدعم الناشرين لجعل أسعار الكتب في…
جولة على أهم المتاحف والمعارض الفنية العالمية والعربية
مصر تضع اللمسات النهائية لافتتاح المتحف المصري الكبير أحد…

اخر الاخبار

دعم ثابت لمخطط الحكم الذاتي ولسيادة المغرب الراسخة على…
وفد مغربي يُشارك في فعاليات حدث رفيع المستوى حول…
2024 سنة تأكيد الطابع الاستراتيجي للعلاقات المغربية الإسبانية
ناصر بوريطة يؤكد أن العلاقات بين المملكة المغربية والعراق…

فن وموسيقى

لطفي بوشناق يقدّم أغنية لبيروت ويتضامن مع المدينة الجريحة…
سلاف فواخرجي تفوز بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان أيام قرطاج…
كاظم الساهر يسّتعد للعودة للغناء في المغرب بعد غيابه…
المغربي حاتم عمور يستنكر عدم حصوله عن أي جائزة…

أخبار النجوم

أحمد السقا يكشف موقفه من تمثيل ابنته ومفاجأة عن…
زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
محمد رمضان يُشعل مواقع التواصل بمسابقة وجائزة ضخمة
أزمات قانونية تنتظر عمرو دياب في العام الجديد

رياضة

محمد صلاح بين الانتقادات والإشادات بسبب صورة عيد الميلاد…
المغربي حكيم زياش لا يمانع الانضمام لصفوف الوداد في…
محمد صلاح ينفي شائعات التجديد مع ليفربول ويؤكد أن…
المغربي أشرف حكيمي ضمن أفضل 100 لاعب لسنة 2024

صحة وتغذية

المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع
نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
وزارة الصحة المغربية تكشف نتائج التحقيق في وفيات بالمركز…
اختبار عقاراً جديداً يُعيد نمو الأسنان المفقودة

الأخبار الأكثر قراءة

الغارات الإسرائيلية تهدّد المواقع التراثية في لبنان واجتماع في…
إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر…
مؤلفون غربيّون يدعون إلى مقاطعة المراكز الثقافية الإسرائيلية إحتجاجا…