الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
كتاب "خط في النهر: الخرطوم مدينة الذكرى"

الخرطوم - المغرب اليوم

صدر كتاب "خط في النهر: الخرطوم مدينة الذكرى" العام الجاري عن دار "بلومزبري للنشر" في لندن من تأليف جمال محجوب.

ولد المؤلف الروائي في لندن، وشبّ في مدينة الخرطوم عاصمة السودان، تنقل بين عدد من المدن: لندن والقاهرة وآرهوس (في الدانمرك) وبرشلونة، وهو الآن يقيم في أمستردام في هولندا. يضم رصيده من الأعمال الأدبية سبع روايات، بالإضافة إلى روايات بوليسية ينشرها تحت اسم باركر بلال.

يشير عنوان الكتاب "خط في النهر" إشارة إلى قلب الخرطوم، حيث يلتقي فرعا النيل الكبيران: النيل الأزرق منحدرًا من مرتفعات إثيوبيا، والنيل الأبيض الذي يجيء متعرجًا من مستنقعات الجنوب.

ويقول المؤلف في مطلع كتابه: إن هذا الكتاب هو أكثر أعماله اتسامًا بالطابع الشخصي وأكثرها طموحًا, إنه ليس أطروحة أكاديمية وإنما هو مجموعة من الانطباعات. هذه صورة الخرطوم كما عرفها، وهو يكتب عنها من منظورين: أحدهما أفريقي والآخر غربي. ثم هو يربطها بما يجري في بقاع أخرى من العالم: بالعنصرية إزاء السود في الولايات المتحدة الأميركية، وارتفاع مد اليمين المتطرف في أوروبا، واضطهاد الأقليات في بلدان كثيرة».

 يتوقف محجوب عند محطات عدة: أسرته (كان جده وجدته بريطانيين)، إخوته، طفولته، مناقشاته مع أبيه عما سيكون عليه مستقبله، تعليمه، شعوره بالغربة؛ إذ يحمل جواز سفر بريطانيًا في السودان، بدء استيقاظ وعيه السياسي، تمرده في مراهقته، اختياراته، أول رواية كتبها على آلته الكاتبة اليدوية وقد استغرق تأليفها منه عامين، وبطلها باحث عن الذات كالمؤلف الشاب ذاته، وقد غلب عليها طابع التشاؤم، بل إن أحد محرري دار النشر التي قدمها إليها كتب في تقريره إنها أكثر الروايات التي وقعت عليها عينه كراهية للبشر.

و يشير محجوب إلى رواية جوزيف كونراد "قلب الظلمات" (لها ترجمة عربية بقلم دكتور هدى حبيشه)، وهي إدانة لمزاعم الرجل الأبيض أنه جاء إلى قلب القارة السمراء لكي ينشر فيها المدنية والنور (تدور أحداث الرواية في الكونغو البلجيكي في أواخر القرن التاسع عشر). 

ويشير إلى كتاب فرانز فانون الملعونون في الأرض، وإلى قصة مكتبة بابل للروائي والشاعر الأرجنتيني خورخه لويس بورخيس. ويرتد إلى الوراء في حديثه عن تاريخ السودان فيذكر مؤرخين وجغرافيين ورحالة مثل ديودور الصقلي (في القرن الأول ق. م) وهيرودوت وابن بطوطة.

أما الخرطوم - عاصمة الذكرى والذكريات - فنحن نراها هنا من زوايا عدة: كيف تبدو من الطائرة، طابعها الكوزموبوليتاني، جغرافيتها، الحي الأوروبي (أيام الاحتلال البريطاني)، فنادقها، بنيتها التحتية، ضوضاؤها، كيف تبدو ليلاً، أهلها، مشكلاتها، أسماء شوارعها، جامعتها (تم تعريب التعليم فيها منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي، وكان لجامعة القاهرة فرع بها).

ويتنقل محجوب أيضًا من الخرطوم إلى مدن أخرى، حسب ومضات الذاكرة. إنه يصف مثلًا كيف عمل أمينًا لمكتبة صغيرة في مدينة آرهوس الدانمركية، فكان في لحظات فراغه من عمله يتصفح محتويات المكتبة (وهي تابعة لـ«معهد الأنثروبولوجيا الاجتماعية» الدانمركي)؛ مما أتاح له التعرف على أعمال علماء أنثروبولوجيا (علم الإنسان) ومفكرين مثل ليفي ستروس ومالينوفسكي وميشيل فوكو، والإلمام بطقوس قبائل اليمن وأهل البرازيل الأصليين. وعمّق ذلك من وعيه بهويته السودانية – الغربية في آن.

والكتاب مزدان بصور فوتوغرافية كثيرٌ منها من أرشيف المؤلف الخاص، وبعضها يصور شخصيات من تاريخ السودان منذ القرن التاسع عشر حتى اليوم، مثل الجنرال غوردون (كان ثمة كلية سودانية تحمل اسمه) والعقيد جون جارانج، وحسن الترابي، وجعفر النميري، وغيرهم.

و أصبح الوعي المديني جزءً من الأدب الحديث منذ زحفت المدن على الريف، وهاجر أغلب السكان إليها، وتقلصت مساحات الأراضي الزراعية (انظر مثلاً إلى الدور الذي تلعبه مدينة لندن عند ديكنز، أو باريس عند بودلير، أو دبلن عند جويس). وجمال محجوب، وإن لم يكن من قامة هؤلاء الرجال، قد خطا خطوة نحو وضع الخرطوم على خريطة الأدب. إن كتابه يندرج في باب ما دعاه الجغرافي المصري الراحل الدكتور جمال حمدان: عبقرية المكان.

يقول محجوب: إن كل المدن مقدسة. فهي تنهض من الأرض لكي تبلغ عنان السماء. ويسوق قول الفيلسوف النمساوي فتجنستاين: إن اللغة أشبه بمدينة قديمة، متاهة من الشوارع والبيوت، قديمة وحديثة. ويضيف محجوب: ربما كانت المدن قصصًا لم تكتمل، تحاول أن تبتكر لغة تعبر بها عن نفسها. وكتابه مجموعة مفردات تحاول بها العاصمة السودانية أن تعبر عن نفسها.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر…
مؤلفون غربيّون يدعون إلى مقاطعة المراكز الثقافية الإسرائيلية إحتجاجا…
وزير الثقافة يُوجيه بدعم الناشرين لجعل أسعار الكتب في…
جولة على أهم المتاحف والمعارض الفنية العالمية والعربية
مصر تضع اللمسات النهائية لافتتاح المتحف المصري الكبير أحد…

اخر الاخبار

الجيش الإسرائيلي يعترض عن صاروخ أطلق من اليمن
القوات الروسية تستولا على 3 قرى بالقرب من مدينة…
رياض مزور ينفي صحة الأخبار والمعطيات المتداولة بخصوص خلاف…
وقفات مغربية تًواصل دعم فلسطين وتُندد بحرب الإبادة المستمرة…

فن وموسيقى

المغربية سميرة سعيد تسّتعيد ذكريات طفولتها وشغف البدايات بفيديو…
المغربية جنات تكشف عن موقفها من إجراء عمليات التجميل…
لطيفة أحرار تؤكد أن الجمهور الذي يعرفها فقط كفنانة…
وفاة الأب الروحي للأغنية الشعبية في مصر أحمد عدوية…

أخبار النجوم

شذى حسون تكشف عن أحدث أعمالها الغنائية “قلبي اختار”
المغربية أسماء لمنور تُصدر أحدث أعمالها الغنائية باللهجة الخليجية…
"نانسي عجرم تفاجئ جمهور موسم الرياض بالقفز من المسرح"
"ياسمين عبدالعزيز تستعد لدراما رمضان 2025 بعد غيابها الموسم…

رياضة

المغربي حكيم زياش يشترط على غلطة سراي الحصول على…
البرازيلي فينيسيوس جونيور يُتوج بجائزة غلوب سوكر لأفضل لاعب…
المغربي أيوب الكعبي ضمن قائمة أفضل هدافي الدوريات الأوروبية
محمد صلاح بين الانتقادات والإشادات بسبب صورة عيد الميلاد…

صحة وتغذية

المغرب يُعزز مكانته كمُصدٍر رئيسي للخضراوات الطازجة إلى بريطانيا
وزير الصحة المغربي يُطالب باليقظة لمواجهة مضاعفات داء الحصبة…
دراسة تكشف أن أمراض القلب تُزيد من خطر الإصابة…
المغرب تصنع أول دواء من القنب الهندي لعلاج الصرع

الأخبار الأكثر قراءة

الغارات الإسرائيلية تهدّد المواقع التراثية في لبنان واجتماع في…
إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر…