واشنطن - رولا عيسى
ولد الفنان دانيل أرشام في نيويورك مصاب بعمى الألوان وانعكس ذلك على لوحاته التي استخدم فيها ظلال أحادية اللون، ولكن بمساعدة التكنولوجيا الجديدة استطاع رؤية العديد من الألوان, ويضم أول معرضًا له أشكال أكثر إشراقا نتيجة للطريقة المختلفة التي أصبح يرى بها العالم، وذكر, "ارتداء هذه النظارة المصنوعة بواسطة EnChroma يمكنني من رؤية مجموعة واسعة من الألوان، وما تفعله هذه النظارات هو توسيع رؤية الطيف اللوني في الأطوال الموجية التي أفقدها، ومن خلال تعزيز ذلك أثر ذلك على اختياري للألوان، ولكن لن أقدم كل أعمالي بهذه الأشكال النابضة بالحياة لكنها توسع الإمكانيات المتاحة لديَّ".
ويمكن رؤية أثر عدم الإبصار على فنانين كبار بداية من فان جوخ حتى مونيه، ومن الصعب تخيل تأثير ضعف البصر على شخص ينظر للأشياء باعتبارها وظيفته ومهنته، إلا أن أرشام أصبح ملهما بواسطة أحد أصحابه الفنانين الذي أصيب بالعمي بعد أن صدمته شاحنة أثناء ركوب الدراجة في مدينة نيويورك، وكشف أرشام " أصيبت بالعمى احدى صديقاتي في حادث منذ 6 سنوات وكانت تعمل في الاستوديو الخاص بي لسنوات عديدة وتدعى أميلي غوسيكس، وهي فنانة أيضا وكانت تعمل في الاستوديو يوميا، وكان من المثير للاهتمام بالنسبة لي رؤية أثر عدم الإبصار على كيفية رؤية الفرد للأعمال الفنية".
واستخدمت الفنانة غوسيكس نفس التكنولوجيا المساعدة لبصرها وهو جهاز يدعى BrainPort Vision والذي ينقل المعلومات البصرية من كاميرا في اللسان إلى المستقبلات البصرية في المخ، وعلى الرغم من أنها فنانة خزفية ونحاتة لكنها استخدمت الجهاز التكنولوجي لاستخدام القلم الرصاص على الورقة، وتقول غوسيكس في مقابلة لها " استخدمت جهاز BrainPort Vision للرسم، وفي نهاية كل أسبوع كنت أعد طاولة مع ضوء عملاق وكنت أرسم على لوحة رسم بحجم 18×24، وكنت أرسم لساعات وأتعلم كيفية استخدامها، وكنت أرسم كافة الصور الموجودة في عقلي أيا كانت، ولم أكن أرسم أي شيء من الحياة ولكني كنت أرسم شخصيات كرتونية، وكانت هذه هي الطريقة التي استمتعت من خلالها بالرسم".
وتعد نيويورك المكان المناسب للفنانين ضعاف البصر حيث استخدام الفنان نيل هاربيسون الكمبيوتر الذي يقوم بتصحيح عمى الألوان لديه من خلال إدراج رقاقة في الجمجمة، ولديه هوائي بالقرب من قاعدة عنقه فوق رأسه وينتهي بجهاز في وسط جبهته يعمل بمثابة عين ثالثة، وأطلق على هذا الجهاز“eyeborg” ويشير إلى نفسه باعتباره أول فنان سابورغ في العالم، ولكن على عكس نظارات أرشام فإن جهاز “eyeborg” لم يمنح هاربيسون الفرصة لرؤية المزيد من الألوان في العالم حوله، لكن الجهاز يترجم الصوت إلى لون، وفي حين يرى الفنان العالم باللون الرمادي تستخدم عينه الثالثة برنامج كمبيوتر لتحويل الضوضاء والموسيقى إلى ألوان، ويمكن لجهاز أيضا الذهاب إلى أبعد من أطياف اللون للعين البشرية، ما يسمح للفنان بالاستماع إلى الأشعة تحت الحمراء وفوق البنفسجية.
ويعتقد هاربيسون (32 عامًا) أنه يجب على الفنانين استخدام التكنولوجيا لتجاوز القيود المفروضة على حواسهم، مضيفا " أن تكون سايبورغ ليس مجرد قرار حياتي لكنه تصريح فني، أنا أتعامل مع جسدي الخاص وعقلي كما النحات، وكثيرا ما أتجادل مع شقيقتي حول ما إذا كان شيء ما باللون الأخضر أو الأزرق، واحتدم الخلاف حول طريقة رؤية الألوان قبل أن يبدأ ديكارت في التأمل في ذلك، وأوضح ما أثارته صورة (The Dress) كيف يمكن خداع عقولنا في رؤية الألوان بشكل مختلف، وهو ما يسفر لماذا يهتم بذلك الفنانون الذين يريدون خداعنا أو التلاعب بتصوراتنا".
ويشعر أرشام أن العمى اللوني لديه منحة وليس قيد، ومثل الرجل الأعمى الذي استرد بصره لكنه حزن لأنه لم ير الجمال الذي كان يتصوره فإن أرشام أيضا غير متأكد من أنه يريد أن يرى كافة الألوان، ويضيف أرشام " في البداية عندما وصلتني هذه النظارة كنت متحمسا حقا، وشعرت أنها ستكون تجربة عميقة تغير حياتي، وأود أن أقول أنها كانت كذلك بالفعل في بعض النواحي، لقد ارتديتها طوال الوقت أول شهرين لكني حاليا توقفت عن ارتدائها بانتظام، واستخدمها حاليا في الاستوديو لرؤية ما يراه الجميع، ثم أخلعها عندما أختار الألوان الخاص بي، وفي بعض الأحيان أعتقد أنني أفضل أن أرى بالطريقة التي اعتدت عليها من قبل لأنها تبدو صحيحة بالنسبة لي".