الدار البيضاء - جميلة عمر
يعرف المغرب وأميركا اللاتينية أوجه للتشابه كانت وما تزال محكومة بما يشبه الطموح الموحد والأفق المشترك والرغبة في إسماع الصوت الخاص في عالم اليوم، سواء تعلق الأمر بالبحث عن موقع قدم في رهان الحفاظ على المصالح الاقتصادية والاستراتيجية والخيارات السياسية المستقلة، أو التأسيس لرؤية ثقافية خاصة تساهم، بشكل فعال، في صناعة الوجدان الإنساني بما يؤثر إيجابيًا في خياراته، وظل المغرب وعدد من دول أميركا اللاتينية يراهنون على المسألة الثقافية في تحقيق هذا الخيار الطموح.
وتندرج من جهة في إطار انفتاح الثقافة والإبداع المغربي على ما ينتجه العقل الفكري والمتخيل الإبداعي الأميركي اللاتيني من نصوص وما يقترح من رؤى وتصورات، استطاعت أن تفرض نفسها على الذائقة الثقافية العالمية، ثم للاستفادة، ومن جهة ثانية، من تجارب ومجهودات هذه الدول، بما يخدم الثقافة والأدب المغربي، وهي فرصة إذن، للاقتراب أكثر من روح أميركا اللاتينية الخلاقة.
وإذا كان المغرب وأميركا اللاتينية، تجمعهما أوجه للتشابه بالرغم من بعدهما الجغرافي، فإن إسبانيا الجارة الشمالية تحتل اليوم مكانة مهمة، ليس فقط في خريطة الإبداع العالمي، ولكن أيضا في باقي المجالات الحيوية الأخرى، وهي إلى ذلك تعتبر من أقرب الجغرافيات الحضارية إلى المغرب.
هذا القرب الذي يطبع علاقات الجوار والتعاون والتكامل بين البلدين، مازال بحاجة اليوم إلى مزيد من الاجتهاد وابتكار سبل جديدة للتواصل بالشكل الذي يغني علاقاتهما في الحاضر كما في المستقبل المنظور. من هنا تأتي أهمية الفعل الثقافي باعتباره رافعة أساسية تستطيع أن تضطلع بهذا الدور الحيوي المهم، إن في تثمين العلاقات التاريخية بين البلدين، أو في فتح قنوات جديدة للتفاعل وتمتين أواصر الصداقة والتعاون بينهما، بما يضمن أمن واستقرار وإشعاع المنطقة.