لندن - سليم كرم
يظهر في لوحة جايمس كلارك هوك من العصر الفكتوري طفلان صغيران على شاطئ البحر يمسكان بزجاجة فيها رسالة، فيما تظهر والدتهما المرهقة منحنية تلتقط بعض الأخشاب لإشعال النار. اللوحة بديعة ولكنها تحوي رسالة حزينة، وهي أن الأب مفقود في البحر وقد لا يعلمون أبدا ماذا حل به.
وفي خلال فترة حياة مثل هذا الطفل، عالم الاتصالات يتغير إلى الأبد فضلًا عن 150 عامًا. لم يكن هناك كابل طوله 2،754 كم يصل أوروبا بأميركا. الرسائل الدولية التي كانت تستغرق أسابيع أو حتى شهور لتصل عن طريق البحر، أو تفقد إلى الأبد في حالة تحطم السفينة يمكن أن تصل في دقائق. لقد بدأ عصر المعلومات. أقيم معرض جديد في قاعة جيلد للفنون يحتوي على مجموعة من التحف والصور النادرة بما في ذلك المشهد المذهل لغرق السفينة في لوحة توماس هوب مكلوكلين التي لم تعرض من قبل. كما سيتم عرض قطعة صغيرة من الكابل، ولكنه لا يعطي أي إشارة إلى حجم التحدي ولا تكلفة تشغيل كابل بطول ميلين تحت الماء يربط جزيرة فالينتيا قبالة الساحل الجنوبي لأيرلندا.
وكانت شركة الأطلنطي للتلجراف مشروع بريطاني أميركي مشترك أنشئت عام 1856 برأس مال 350 ألف جنيه إسترليني والذي لم يكن كافيًا على الإطلاق. أول تجربة ناجحة لتوصيل كابل كانت في عام 1858 في المحاولة الخامسة، ولكن ليس قبل فقدان مئات الأميال من الكابلات باهظة التكلفة.
وكانت تستخدم الكبلات لنقل رسائل الملكة فيكتوريا لرئيس الولايات المتحدة الأميركية جيمس بوكنان. كانت هذه المناسبة انتصار للعلاقات العاملة وكارثة للهندسة..فقد كان الكابل ضعيف للغاية وفضلت التجربة بعد اسابيع. وبعدها جاءت محاولات باهظة التكاليف بشكل مرعب إلى أن جاءت السفينة الضخمة اسامبارد كينجدم برنيل وتنفذت المهمة في عام 1866.
وحاول كثير من الرسامين المعاصرين التعبير عن السرعة المذهلة التي يتغير بها العالم، مثل لوحة وليام لاينول ويلي "على نهر التايمز السفلي التي يظهر فيها السفن الشراعية الشاهقة والبواخر الصغيرة القذرة حولها تحاول مزاحمتها على النهر. وتقول كارولين آرسكوت أستاذة الفن البريطاني في القرن التاسع عشر إن الفن ذاته تحول مع بداية إنشاء نظام البرقيات".