الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
الرسامة المكسيكية العالمية فريدا كايلو

روما- دلال قنديل

تثير الرسامة المكسيكية العالمية "فريدا كايلو" حشرية جيل الشباب الايطالي الذي يتدفق بشكل لافت لزيارة معرضها في مدينة بادوفا والذي يستمر حتى مطلع حزيران المقبل.
كانت فريدا في عمر الثماني عشرة سنة، عندما تعرضت لحادث الحافلة، والذي نتج عنه كسر في عظام الحوض والعمود الفقري، وإصابات خطيرة أخرى، مما دفع الأطباء إلى الشك فيما إذا كانت ستبقى على قيد الحياة.   تمرست على تجاوزها للألم، منذ أصابها الشلل وهي طفلة مخلفاً العرج الواضح في قدمها،لتكتمل مسيرة عذاباتها بحادث الصدم بين الحافلة التي تستقلها والترام .خضعت لعمليات لا تحصى. أقعدها الحادث في السرير بوضعية واحدة على مدى عام.

سريرها ومرآتها رفيقا رحلة إبداعها حضرا في معرضها  الذي يعبر في مراحل حياتها ونتاجها.ظلال ألوانها على القماش وهي ممنوعة من الحراك كانت تعكسها مرآةٌ وضعتها والدتها في سقف غرفة نومها فوق سريرها، حيث رسمت اولى لوحاتها.تحضر اللوحات أمامنا بالتتابع، مرة بالصورة التي تعكسها ريشتها بتشكيل اللون والوجه، اسيرة الحب والجسد.ومرةً أخرى بالأبيض والأسود للصور الفوتوغرافية.تُظهر الصور الفوتوغرافية، على الجدار المقابل للوحات، صورة الانثى الجميلة التي كانتها.البداية والنهاية لحظات مفصلية في التكوين، يتواصلان ويعيدان تشكيل الرؤية لروح فنانة مرموقة.لعل واحدة من أبرز الصور الفوتوغرافية،توثيق لحظة دخولها محمولة على السرير الى صالة عرض لوحاتها، في ظهورها العلني الأخير قبيل وفاتها،حيث فاجأت محبيها بحضورها من المستشفى الى القاعة بسيارة إسعاف.وضعت الصورة جنباً الى جنب مع صورتها مسجاة في يوم وداعها.

في لوحاتها"فريدا "تبدو أماً غير مكتملة الحضور بوجه أقرب الى الذبول .تغيب عنه النظرة للبعيد التي تتسلل الينا في لوحات اخرى .تلك الأمومة المفتقدة المغلفة بعجز الجسد بعد إجهاضات متتالية.بين لوحاتها الصارخة الالوان، يتكرر مشهد سريرها الزوجي الذي لم يكن أقل أشواكاً من سرير المرض .ثنائية مضطربة جمعتها بزوجها الفنان" دييغو ريفيرا ".لعل أبرز عباراتها التي لخصت تلك العلاقة المشحونة بجنون الحب وعذاباته هي:«تعرضتُ لحادثين كبيرين مؤلمين. حادث اصطدام الترام كان الأول، والثاني كان دييغو. دييغو كان الأسوأ».وقد زينت تلك العبارة جداراً عند مدخل المعرض.

من جهة مختلفة يأتينا فن"Frida kahlo"الفنانة المكسيكية العالمية المشاكسة بجنوحها نحو الحرية ورفض الاستبداد، المتحررة من قيود اللوحة بالتكرار لوجهها الذي يتراءى لنا كل مرة بنبض سيرة مختلفة.عيناها حادتان ، وديعتان ، ومعذبتان في آن.تلك القسوة التي حاولت أن تضفيها بالحاجبين العريضين الموصولين ،تبدو كوسم  في البورترية المكرر لوجهها.و لم يحجب تضخيم الحاجبين الفرح العذب المتسلل للعينين. أسيرة جسدها القاصر عن الركض والسير ،أطلقت قلبها لفن مليء باللون والغضب والحب.تلك المعالم تظهرها "فريدا" في لوحاتها لوجهها ، يتفلت منها الغضب من خيانات متكررة لعشيقها طالت حتى شقيقتها في إحدى مغامراته.و يبدو المتوهم مرة اخرى،مغرياً وجذاباً كلسعة الحب وشرارته التي لا تنطفىء.
تعبرحياتها أمامنا في معرض الصور.قسمٌ وافرٌ من طابق المعرض في مبنى المكتبة العامة، خصص لـ "الحداثة الفوتوغرافية" المعاصرة لأسماء بارزة في التصوير الفوتوغرافي الدولي ، مثل إيموجين كننغهام ، إدوارد ويستون ، مارتن مونكاتشي.

التسويق لا يماشي الفن هنا ، شخصيتا" فريدا" و"دييغو" بكل حيوية علاقتهما الشائكة. علاقة تعكس مرحلة مشحونة بالتمرد والحرية وإرادة التغيير، في نهضة المكسيك في عشرينيات القرن الماضي.كما يبدو من المعرض الذي يشهد إقبالاً أن ورثة "فريدا"نجحوا في السنوات الاخيرة في لجم "تسليع" صورتها وإبقاء فنها في الصدارة.الإنسانة المبدعة الباحثة عن الخلاص بتشكيل عالمها الخاص.و تظهر ملابسها كجزء من هذا التشكيل المنسوج بلون الشمس، مغزول بنسيج ورود الربيع.الخروج من المعرض يمر بقسم مبيعات لتلك السلع والمقتنيات، بأحجام وإستخدامات متعددة، على شكل تذكارات نشاهدها أيضاً في واجهات المحال في المدن الايطالية هذه الايام.و قبل سنوات كشفت المصوّرة الفوتوغرافية "كريستينا كايلو" -وهي حفيدة شقيق "فريدا": أن "الفنانة ليست منتجاً أو علامة تجارية، و ليست دمية.و من المهم أن نحافظ على صورتها كفنانة مثلما كانت".
تكاد "فريدا " بتجربتها الانسانية تستقطب إهتمام متعشقي ألوانها وزخارف لوحاتها الضاجة بالحياة .أسطورة الانعتاق من الالم بالريشة والحب تكاد تختصر مسيرة الرسامة المكسيكية العالمية

و تطوف روح فريدا في اوروبا في لحظة قاتمة، تنعش بإستحضار فنها الأملَ بتغيير ألوان العالم الملبدة بأزمات الحروب والبيئة والانهيار الاقتصادي .معرضها الجوال يجذب الانتباه، بعدما استقطب فيلمان عن سيرة حياتها الاهتمام، أحدهما  بطولة الممثلة القديرة سلمى حايك ونالا جوائز.سيرة حياتها كُتبت في اكثر من ثمانين كتاباً ، بلغات متعددة .
رغم ذلك كأن بنا نشهد اليوم ولادات متكررة لشخصية أسطورية على وجوه زائري المعرض ، بعيون متحررة من إطار رسمته لذاتها

قد يهمك ايضا

تعرف على قصة الرسامة الكفيفة التي وصفها وزير سعودي بـ"البطلة"

رسامة تونسية تخلد ثنائية ساسى وطارق حامد فى الرحلة الزملكاوية

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

معرض الشارقة للكتاب يضم مشاركة 112 دولة والمغرب يحل…
حاكم الشارقة يعلن اكتمال المعجم التاريخي للغة العربية والانتهاء…
وزارة الثقافة المغربية تدعم 412 مشروعاً في قطاع النشر…
وزارة الثقافة السعودية تحصد وسام أخلاقيات الذكاء الاصطناعي 2024
المؤلفون غير البيض يشعلون شغف الطلاب بالقراءة

اخر الاخبار

شروط المملكة المغربية لإعادة علاقاتها مع إيران
نزار بركة يُؤكد أن حزب الاستقلال يُواصل جهوده لتعزيز…
المغرب يُعزز دوره القيادي عالمياً في مكافحة الإرهاب بفضل…
ناصر بوريطة ولقجع يُؤكدان أن وزارتيهما ملتزمتان بالتنزيل التدريجي…

فن وموسيقى

تتويج المغربي محمد خيي بجائزة أحسن ممثل في مهرجان…
رافائيل نادال يختتم مشواره ويلعب مباراته الأخيرة في كأس…
الذكرى التسعين لميلاد فيروز الصوت الذي تخطى حدود الزمان…
سلاف فواخرجي تؤكد أنها شاركت في إنتاج فيلم "سلمى"…

أخبار النجوم

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
سلاف فواخرجي تتألق في فيلم ”سلمى” وتسلط الضوء على…
أول تعليق من حسين فهمي بعد حصوله على جائزة…
مها أحمد تسخر من قلة العمل وكثرة النجوم على…

رياضة

بيب غوارديولا يكشف سبب تمديد تعاقده مع مانشستر سيتي
كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
أبرز المحطات في مسيرة لاعب التنس الاستثنائي نادال التي…
المغربي أشرف حكيمي ضمن المرشحين الخمسة للفوز بلقب أفضل…

صحة وتغذية

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على…
فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً
وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات…
نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية

الأخبار الأكثر قراءة

وزير الثقافة يُوجيه بدعم الناشرين لجعل أسعار الكتب في…
جولة على أهم المتاحف والمعارض الفنية العالمية والعربية
مصر تضع اللمسات النهائية لافتتاح المتحف المصري الكبير أحد…
معرض الشارقة للكتاب يضم مشاركة 112 دولة والمغرب يحل…
حاكم الشارقة يعلن اكتمال المعجم التاريخي للغة العربية والانتهاء…