فاس- حميد بنعبد الله
استحضرت مدينة فاس المغربية، ليلة الجمعة، أصول جذورها الإفريقية في ملحمة موسيقية بعنوان "فاس تبحث عن إفريقيا"، شارك فيها فنانون مغاربة وأجانب أبدعوا لوحة رائعة في افتتاح الدورة 21 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة الذي يتواصل إلى 30 أيار/ مايو الجاري.
وشارك عشرات الفنانين من المغرب وبوركينافاسو ومالي والسنغال وموريتانيا وفرنسا في هذه اللوحة الموسيقية التي استحضرت روح إفريقيا بإرثها الغني الممتد من أحجار الصحراء إلى الأحجار الكريمة التي كانت تزخر بها القصور في العهود الغابرة.
وأعادت تجسيد ما ورد في كتاب "وصف إفريقيا" للحسن الوزان المعروف بـ "ليون الإفريقي" أو "يوحنا الأسد" الذي شخص دوره الفنان العالمي سعيد التغماوي، حتى ميلاد الطائفة التيجانية مع المتصوف الموجود ضريحه في قلب المدينة العتيقة لفاس سيدي أحمد التيجاني، وشخص دوره رسمان وداروغو.
وتحولت فاس ومدينتها العتيقة في هذه الملحمة، إلى صلة وصل بين الأندلس وإفريقيا، تكريمًا لأولئك الرحالة الكبار أو المتصوفة الذين سنجوا روابط تاريخية بين المغرب وإفريقيا، عبر صور امتزج فيها الحجر والأسوار، لتتحول باب المكينة إلى بوابة من بوابات الممالك الإفريقية القديمة.
وأتاحت اللوحات سفرًا معماريًا من إفريقيا التقليدية إلى فاس العتيقة المعبر الرمزي بين أجواء الأندلس وإفريقيا، بفضل تصميم سينوغرافي متميز تحول معه الفضاء إلى مدرسة تقليدية في تومبوكتو وقلعة هوسا وزاوية تيجانية وجامع القرويين أو مخيم للأعراب، في تناسق فني كبير.
وعرفت الملحمة مشاركة عدة فنانين مغاربة بينهم فنانة الملحون الناشئة نهيلة القلعي، وزميلها إدريس الملومي، والفنانة الأمازيغية الشريفة رفيقة درب الفنان المرحوم محمد رويشة، التي قدمت لوحات فنية غنائية من قلب الأطلس، ومحمد با جدوب، ومجموعة سماع قدمت إنشادًا منه الطريقة التيجانية.
وحضرت السنغال بثقلها في هذه الملحمة، من خلال عدة فنانين وفرق بينهم دودو نديا روز، وطبول الصبار، وكير سيمب، ورقصة الأسود الطقوسية، وجماعة القرآن والذكر التي قدمت بدورها إنشادًا صوفيًا للطريقة التيجانية، فيما شاركت في الملحمة فرقة أقنعة القمر من بوركينافاسو.
وتميز حفل الافتتاح بحضور عقيلة العاهل المغربي محمد السادس الأميرة للاسلمى، التي ترأسته إلى جانب مسؤولين مغاربة، وأجانب بينهم عمداء ورؤساء عدة مدن وعواصم عالمية متوأمة مع مدينة فاس أو تربطها علاقات تعاون، والذين حضروا أشغال الدورة الثالثة للمدن المتوأمة مع فاس.