الجزائر ـ المغرب اليوم
تسيطر حالة من الترقب والدهشة على الوسط الكروي الجزائري بسبب الظاهرة الغريبة التي تميز مسابقة دوري المحترفين المحلي للمرة الأولى منذ إنشاء المسابقة قبل نحو 52 عاما.
ويشهد الدوري الجزائري حالة غريبة قلّما تتكرر في ملاعب الجزائر، وربما جميع ملاعب الكرة في العالم، لم يعد بالإمكان معرفة المتوج باللقب أو الأندية الثلاثة الهابطة لدوري الدرجة الثانية، قبل أربع مراحل عن نهاية الموسم الجاري.
وتعد جميع الفرق الـ16 مرشحة للفوز باللقب، كما أن جميعها أيضًا مهددة بالهبوط في نفس الوقت، وذلك في ظل تقارب النقاط بينها ما يجعله أكثر الدوريات إثارة في العالم بحسب وصف الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا".
وبلغة الأرقام فإنه بعد نهاية المرحلة 26 من المسابقة فإن المتصدر "وفاق سطيف" يمتلك 41 نقطة، وبفارق 11 نقطة فقط عن فريق "نصر حسين داي" صاحب المركز الـ16 والأخير وبرصيده 30 نقطة، الذي يتخلف بنقطة واحدة عن "جمعية ألومبي الشلف" صاحب المركز قبل الأخير برصيد 31 نقطة، ما يعني أن خسارة "وفاق سطيف" مبارياته الأربعة المقبلة وفوز فريق "حسين داي" و"أولمبي الشلف" في جميع المباريات المقبلة سيؤدي إلى هبوط المتصدر إلى الدرجة الأدنى، وهي حالة نادرا ما نسمع عنها في عالم كرة القدم.
وثير الاستغراب أيضا أن الفارق بين المتصدر "وفاق سطيف" والمطاردين في المركز الثاني نقطتين فقط، إذ يأتي كل من "مولودية بجاية" و"مولودية وهران" و"اتحاد الحراش" في المركز الثاني برصيد 39 نقطة، وبفارق أربع نقاط عن المشتركين في المركز الثالث وهم "اتحاد الجزائر" و"جمعية وهران" و"شباب بلوزداد" برصيد 37 نقطة.
ويبعث على التساؤل أن فريق "شباب بلوزداد" صاحب المركز السابع برصيد 37 نقطة كان مهددا بالهبوط إلى الدرجة الثانية خلال الشوط الأول من مباراته ضد ضيفه "جمعية وهران"، خلال المرحلة الـ26 السبت الماضي، بعد أن فرض عليه الأخير التعادل 1-1، وتوجست جماهيره خيفة على مستقبل الفريق في دوري الأضواء، لكن بنهاية المباراة انقلب شعور اللاعبين والجماهير وشرعوا يمنون النفس بإمكان لعب ورقة اللقب، وذلك بعد أن أهداهم اللاعب نغومو هدف الفوز في الدقيقة 94.
ونجد أن فريق "اتحاد الحراش" كان قبل المرحلتين الأخيرتين ضمن الأندية المعنية بالهبوط، لكن بمجرد الفوز على "مولودية بجاية" الوصيف في ميدان الأخير، ثم على "وفاق سطيف" المتصدر، ارتقى إلى المركز الثاني برصيد 39 نقطة وبات مرشحا للعب ورقة اللقب.
وأكد رئيس "اتحاد الحراش" محمد العايب، تعليقا على العودة اللافتة لفريقه بالدوري أن "فريقنا يخوض كل مباراة على حدة، وإذا نجحنا في إنهاء الموسم كبطل الدوري أو حتى بمرتبة مشرفة فسنكون أكثر الناس سعادة بالنظر لوضعيتنا الحرجة في مرحلة الذهاب".
ويتلاقى ذلك مع تأكيد المدرب المساعد للحراش عمر بشوش أنه "صراحة هدفنا في البداية لم يكن سوى ضمان البقاء خصوصاً في ظل المشكلات التي شهدها الفريق في المرحلة الأولى من الموسم، لكن بعد الصعود في الترتيب العام فمن حقنا أن نطمح في ما هو أفضل"، مضيفا "سنلعب جميع المباريات المتبقية بالإرادة والعزيمة والطموح أيضا لإنهاء الموسم في مرتبة مشرفة".
ومن مفارقات الدوري الجزائري هذا الموسم أيضا، أن فريق "مولودية بجاية" الوصيف برصيد 39 نقطة، ظل يتناوب على الصدارة مع "وفاق سطيف" منذ بداية الموسم من دون أن ينجح أحدهما بالابتعاد بالصدارة وتعميق الفرق بشكل يُصعب اللحاق به.
والمثير أن "مولودية بجاية" لم يمر على وجوده بدوري المحترفين سوى موسمين فقط، ومع ذلك يحقق هذا الإنجاز الكبير، فضلا عن بلوغه مباراة نهائي كأس الجزائر، التي يلعبها في الثاني من أيار/مايو في ملعب البليدة، ضد أمل الأربعاء الذي يبلغ بدوره للمرة الأولى نهائي المسابقة بعد عامين فقط من وجوده في دوري المحترفين!
ويستغرب أن فريق "مولودية الجزائر" الشهير باسم "العميد"، أنهى مرحلة الذهاب متذيلا الترتيب برصيد 11 نقطة لم يفز خلالها سوى بمباراتين ما تسبب في أزمة حادة في الإدارة برحيل رئيسيه السابقين ومجيء الرئيس الحالي رايسي وإبعاد المدرب بوعلام شارف، مدرب "الحراش" حاليا وتعويضه بالمدرب البرتغالي الشهير أرثور جورج.
غير أن عميد الأندية الجزائري عاد وقدّم نفسه أفضل فريق في مرحلة الإياب مسجلاً تسع انتصارات بينها أربع متتالية ارتقى بفضلها إلى المركز الـ11 برصيد 34 نقطة، وبات مرشحًا لنيل اللقب في حال تحقيقه الفوز في المباريات الأربع المتبقية.
وباتت باتت كل الأندية مرشحة للقب قبل أربع جولات من النهاية، كما أن جمعيها مرشحة للهبوط، لكن في حال احترام المنطق فإن الرائد "وفاق سطيف" يبدو الأوفر حظا للتتويج بلقب الدوري، فالفريق سيستضيف على ميدانه مرتين ويرحل إلى "شباب بلوزداد" في مباراة تلعب من دون جمهور بسبب العقوبة المسلطة على نادي العاصمة الجزائرية، وبإمكانه العودة بنقطة على الأقل لتعزيز حظوظه في السباق نحو اللقب، بينما يخوض وصيفه "مولودية بجاية" مباريات صعبة اثنتان منها ضد فريقين مهددين بالهبوط هما "اتحاد بلعباس" و"مولودية العلمة"، ثم يواجه فريقين يطمحان أيضا باللقب أو إحدى المراتب الثلاثة الأولى وهما "اتحاد الجزائر" و"مولودية وهران".
لكن المنطق لم يعد له مكان في الدوري الجزائري، إذ باتت لعبة الكواليس والبيع والشراء هي التي تحدد الفائز والنازل، ولتذهب الأخلاق والنزاهة لجحيم.