الدار البيضاء - جميلة عمر
ساد السكون داخل غرفة الجنايات المكلفة للفصل في نوازل مكافحة التطرف، واتجهت آذان الحاضرين صوب المحامي الأستاذ خليل الإدريس الذي كان يصول ويجول داخل القاعة، ويرافع في ملف غريب، ملف المتهم الذي اعتقل لانتمائه إلى خلية متطرفة، في حين الدفاع صرخ بأعلى صوت للقانون وطالب هيئة المحكمة بعرض موكله على طبيب اختصاصي في الأمراض النفسية والعقلية؛ كونه يعاني من حالة انفصام واضطراب وهذيان، استنادًا إلى الوثائق الطبية، سواء منها الموجودة قبل اعتقاله منذ 2014، أو بعد إيداعه في السجن.
وأكد الإدريس، أنّ تفاقم وضعية اختلاله العقلي والنفسي جاءت بعد عدم تقيده بتناول الأدوية على نحو منظم، وأن هذه الاضطرابات ناتجة عن تناوله المواد المخدرة التي ابتلي بها إثر معاشرته طلبة في تطوان، بعد أن كان طالبا متفوقا، ليتطور الأمر وتصبح عائلته تعاني معه، حيث إنه يتيه ليلًا ويخرج من المنزل.
وكان المحامي يرافع وفي يده وثيقة شهادة طبية صادرة من مستشفى "محمد السادس" التي أُنجزت خلال مرحلة البحث التمهيدي؛ إلا أنّ النيابة العامة لم تنفذ المتعين في مثل هذه النوازل التي من المفروض أن نعرف فيها شخصية المشتبه فيه الذي يحاكم، وليس إغراق البلاد بـ10 آلاف شخص في السجون من دون غربلة، مضيفًا أنّ تصريحات مؤازره تؤكد أنه مختل، وأن هيئة الحكم لها صلاحية إجراء خبرة طبية، بحسب الدفاع.
وظل القضاء الواقف صامتا إلى أن أتيحت له فرصة الدفاع عن الحق العام، ساعتها وقف في المكان المخصص له ليوضح أنّه لم يتم الإدلاء بالملف الطبي خلال مرحلة التحقيق لترتيب الآثار، وأنه على ضوء الوثائق المُدلى بها من طرف الدفاع، فإنه يطالب بعرض المتهم على خبرة طبية للتأكد من عدم مسؤوليته.
وعقب الإدريسي بسرعة على الممثل الحق العام، قائلًا إن إجراء عرض موكله على طبيب نفسي كان يتعين اتخاذه من طرف النيابة العامة، خصوصًا في ضوء وجود شهادة طبية غير مدرجة في الملف، وأدرج رئيس الجلسة، وبعد الاستماع إلى المتهم والدفاع والنيابة العامة أدرج الملف للمداولة، وبعد أربعة ساعات خرجت هيئة المحكمة لتصدر حكمها بعامين حبسًا نافذا.