طرابلس ـ فاطمة السعداوي
احتل تنظيم "داعش" مدينة صبراته لفترة قصيرة ليل الثلاثاء - الأربعاء، وذبح عددًا من رجال الأمن والثوار فيها، ثم انسحب إلى معاقله جنوبًا، في تطور وصفته مصادر محلية بأنه تحدٍّ للأميركيين، وتأكيد لقدرة التنظيم في السيطرة على المدينة القريبة من الحدود التونسية، وذلك بعد أيام على الضربة الجوية الأميركية التي استهدفت مسلحيه في هذه المدينة.
وترافق ذلك مع تقرير عن تنفيذ وحدات من القوات الخاصة والاستخبارات الفرنسية، عملية سرّية ضد مسلحي "داعش" في ليبيا، بالتنسيق مع الولايات المتحدة وبريطانيا.
وروى شهود في صبراتة لـ "الحياة" أن مسلحي التنظيم ظهروا فجأة في شوارع المدينة رافعين أعلامهم السود، وسيطروا على مبنى مديرية الأمن ونشروا قناصة على أسطح المنازل المحيطة، وأطلقوا النار عشوائيًا قبل أن ينسحبوا إلى معسكر لهم يبعد 15 كيلومترًا إلى جنوب المدينة.
وأعلنت مصادر رسمية في المدينة أن مسلحي "داعش" قتلوا 18 شخصًا، بينهم 6 من الثوار في اشتباكات، إضافة الى 12 عنصرًا من الشرطة المحلية قُتِلوا ذبحًا، في الهجوم الذي أتى بعد أيام على تخرُّجهم من كلية الشرطة في صبراته وانضمامهم الى العمل في مديرية الأمن.
وأعلن "مجلس شورى الثوار" في المدينة أن مقاتليه أجبروا مسلحي التنظيم على الانسحاب، لكن مصادر أخرى في طرابلس، استبعدت ان يكون هذا الإعلان صحيحًا، مشيرة الى أن "داعش" أصبح قوة لا يستهان بها في المدينة حيث ينشر خلايا نائمة يقدّر عدد أفرادها بحوالى 200 مسلح، معظمهم متطوعون من تونس ودول أخرى عربية، يختبئون في المدينة بالتعاون مع متشدّدين ليبيين.
وأضافت المصادر أن التنظيم "يحظى بغطاء وحماية" من مسؤولين محليين يتعاونون معه، وأن الغارة الأميركية التي استهدفت معسكر تدريب لـ "داعش" في المدينة الأسبوع الماضي، وأسفرت عن مقتل حوالى 50 من مسلحي التنظيم، كشفت حجم تغلغله في المدينة حيث يملك مخازن أسلحة ومتفجرات.
وشهدت صبراتة أمس، موجة نزوح عائلات إلى مناطق مجاورة آمنة تحسُّبًا لمزيد من الهجمات قد يشنّه التنظيم الذي تتخذ خلاياه النائمة من صبراتة مركزًا للتدريب على عمليات في مناطق ليبية.
وسعى المجلس البلدي لصبراتة التي تبعد 70 كيلومترًا غرب طرابلس الى طمأنة السكان، بإعلانه في بيان أن عناصر "داعش" استغلّوا "فراغًا أمنيًا" في وسط المدينة للانتشار ليل الثلثاء. وأوضح أن "الثوار والأجهزة الأمنية كانوا يمشّطون ضواحي المدينة بحثًا عن عناصر التنظيم فاستغل هؤلاء الفراغ الأمني وسط صبراتة وانتشروا داخلها، قبل دحرهم".
لكن طاهر الغرابلي، رئيس المجلس العسكري للمدينة، قال في تصريحات لاحقًا ان "لدى داعش خلايا نائمة". وأضاف أن عدد مسلحي التنظيم في وسط صبراتة "تراوح بين 150 و200".