الناظور- كمال لمريني
تشغل قضية ابن مدينة زايو، الشهيد عبد الكريم الرتبي بال الرأي العام، لأن المواطن العادي يريد أن يغوص أكثر في عمق حياة هذا الشهيد، الذي يتردد اسمه في مختلف الاحتجاجات التي تعرفها المدينة، خاصة وأن الساحة التي تنطلق منها التظاهرات، أطلق عليها نشطاء المجتمع المدني المدني اسم "ساحة الشهيد عبد الكريم الرتبي".
وتحل ذكرى انتفاضة 19 كانون الثاني/ يناير عام 1984، وتحل معها ذكرى الراحل عبد الكريم الرتبي، هذا الاسم الذي له ارتباط وثيق بـ "انتفاضة الخبز، أو انتفاضة الجوع، أو انتفاضة التلاميذ"، حيث تُخلَّد ذكراه كل عام في المدينة، لكن المثير هو أن الكثير من أبناء المدينة لا يعرفون هذا الشهيد، ويطرحون الكثير من الأسئلة بخصوصه، لا سيما وأن صوره لم تظهر أبدًا في الإعلام.
ترى من هو الشهيد عبد الكريم الرتبي؟ ومن يكون؟ وأين ترعرع؟ وما هو مستواه الدراسي؟ وهل كان ناشطا سياسيًا أو محسوبًا على حزب سياسي.. أسئلة كثيرة تطرح بشأن حياة الطفل الشهيد، و"المغرب اليوم" يحاول الإجابة عنها لنفض الغبار عن هذا الملف وإخراجه إلى الوجود.
ولد عبد الكريم الرتبي في حي السلام في مدينة زايو عام 1970، حيث تابع تعليمه الابتدائي في مدرسة عبد الكريم الخطابي، لينقطع عن الدراسة في العام الأول من التعليم الإعدادي في إعدادية علال الفاسي، حيث دخل سوق العمل، وكان يعمل مرة لحَّامًا ومرة نجَّارًا ومرة ميكانيكيًّا.
وشهدت مدينة زايو، الجمعة 20 كانون الثاني/ يناير 1984، انتفاضة شعبية، شارك فيها المئات من المتظاهرين إن لم نقل الآلاف، وهم الذين كانوا يدعون إلى توفير العيش الكريم احتجاجًا على الزيادات الموصوفة بـ"الصاروخية" في أسعار المواد الأساسية، التي فرضتها الحكومة آنذاك على المواطنين.
وكان عبد الكريم الرتبي، واحدًا من أبناء مدينة زايو الذين شاركوا في هذه الاحتجاجات، وصدحت حنجرته بشعارات الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وهو في سن لا يتجاوز 14 عاما، حسب ما يحكيه مصدر من العائلة.
حاولت "المغرب اليوم"، التحدث إلى أم وأبي الشهيد عبد الكريم الرتبي، من أجل الغوص في حياة الشهيد بشكل دقيق، غير أن مصدرًا مقربًا من العائلة قال "سيرفضون ذلك، إنهم متضررون نفسيًّا من الحادثة رغم مرور مدة 32 عاما عليها، حيث موضوع عبد الكريم داخل المنزل يعتبر من المحرَّمات ولا يمكن الخوض فيه".
واقتربت "المغرب اليوم"، أكثر فأكثر، وطرحت الكثير من الأسئلة بخصوص الراحل عبد الكريم الرتبي، ولم تلقَ الإجابات الكافية، في حين وعن طريق الصدفة، التقت أحد أصدقائه، وفتحت معه نقاشا في الموضوع، وهو الذي قال عن عبد الكريم الرتبي، "كان طفلا عاديا، ومحبا للحياة، كان يشاركنا ألعابنا، ولم يكن عنده أي انتماء سياسي، غير انه كان يحب كرة القدم، وصيد العصافير بواسطة "المنداف"، ليضيف "كان صديقا لي في مدرسة عبد الكريم الخطابي، وكان واحدا من فريقنا".
وأكّد: " كنت في فترة العطلة ألتقي عبد الكريم يوميا، حيث كنا نلعب كرة القدم، ونذهب إلى الثكنة العسكرية "القشلة"، ونمارس هواية الصيد".
وأوضح المصدر ذاته، أنه ساعة اندلاع الإحتجاجات كان يوجد في منزل عمه الكائن في شارع سيدي عثمان، وأنه شاهد الاحتجاجات من نافذة المنزل، قائلا:" تراءى لي من بعيد طفل ممد على الأرض، أمام "صاكة حيمي"، ولم أكن أعرف أن الذي أسقطه الرصاص هو عبد الكريم الرتبي".
وكشف أحد أبناء مدينة زايو، الذي رفض الكشف عن إسمه، في حديثه إلى "المغرب اليوم"، أنه كان وقتها في سن لا يتجاوز 15 عاما، حيث اندلعت انتفاضة الخبز، قائلا " لم أكن اهتم بما حدث، ولا اعلم حتى ما ذا يحدث جيدا، لكن ما أتذكره هو أن المدينة كانت تضج بالجنود، لقد كان الأمر مرعبا، فقد كانت المركبات والمدرعات تجوب شوارع المدينة، ورأيت مروحية في السماء، لقد كان الأمر مرعبا جدا".
ووفق المعلومات التي حصلت عليها "المغرب اليوم"، فان عبد الكريم الرتبي لم يلق حتفه في مدينة زايو، كون الطلقة النارية التي تعرض لها أصابته على مستوى الكتف أو الصدر، إذ تم نقله إلى المستشفى الحسني في الناظور الذي قضى فيه مدة يومين، وفي اليوم الثالث توارى عن الأنظار.