القاهرة - سعيد فرماوي
أكد وزير الآثار المصري، ممدوح الدماطي، أن المسح الراداري لمقبرة توت عنخ آمون في الأقصر أظهر احتمالًا بنسبة 90٪ أن هناك نوعان من الغرف الخفية في الجزء الخلفي منها، وربما تحتوي على معادن ومواد عضوية، وسيعد هذا الاكتشاف الأثري حديث القرن، بعدما كان اكتشاف هوارد كارتر للمقبرة ذاتها العام 1922 بمثابة المعجزة.
ووجود مقابر جديدة لم تمسّ منذ آلاف السنين مجاورة لواحدة من المقابر الأكثر شهرة في التاريخ يعد سببًا كافياً للإثارة، ولكن هناك تكهنات بأن إحدى الغرف قد تضم رفات الملكة نفرتيتي، وسط زوجات توت عنخ آمون الأب والاحتفال بالتمثال النصفي الشهير الذي يعود إلى ما قبل 3300 عام.
واقترح عالم المصريات البريطاني، الدكتور نيكولاس ريفز، نظرية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي تخمن أن وراء غرفة توت عنخ آمون قد تقع مقبرة نفرتيتي التي ماتت في القرن الـ14 قبل الميلاد، وأبدى بعض علماء المصريات الشكوك بشأن فرضية ريفز أن الجداريات داخل مقبرة توت عنخ آمون تشير إلى غرفة أكبر بكثير فيما ورائها، ويقينه بأن هذا لايمكن أن يكون إلا سوى مقبرة نفرتيتي، ورفض الوزير الدماطي، خلال حديثه في مؤتمر صحافي الخميس، التكهن بشأن ما يمكن العثور عليه، مكتفياً بالقول إن احتمال العثور على قبر جديد بات الآن أكبر من تقديراته السابقة بنسبة تأكيد 67%، وأنه بالإمكان التأكيد على وجود الغرف هناك بنسبة تتعدي 90%، ولكن الدماطي، بحسب ما يقول، لن يشرع في الخطوة المقبلة إلا حينما يكون تأكده بنسبة 100%.
وأشار وزير الآثار المصري إلى أنه ربما تكون سيدة من الأسرة، كما قال ريفز، ولكنه يعتقد إمكانية العثور على كيا أو عنخ إسن آمون، في إشارة إلى والدة الفرعون الشاب ونصف شقيقته، بينما أكد أهمية ذلك الاكتشاف في تاريخ مصر والعالم والذي لا يقل أهمية عن اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، وأظهر مسح المتخصص الياباني هيروكاتسو واتانابي الغامض، الذي تم رفعه من الموقع في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي التشوهات في جدران المقبرة، مما يدل على إمكانية وجود باب مخفي وغرف تكمن وراء الجدران التي تمّت تغطيتها والرسم عليها بالهيروغليفية.
وأشار الدماطي إلى أن الخطوة المقبلة ستكون من أجل العثور على البعد الدقيق للغرف، فضلاً عن سماكة الجدران المجاورة، وهو ما يمكن أن يمنح بعض الأدلة عن طبيعة وعظمة الغرف التي لم تكتشف، على أن يتم ذلك عبر إجراء المزيد من المسح المتقدم نهاية الشهر الجاري، ومن شأن أي اكتشاف أن يعطي دفعة قوية لصناعة السياحة التي تشهد تراجعًا في مصر، في ظل الوضع الحرج بسبب أعوام من عدم الاستقرار السياسي، إضافةً إلى السقوط الأخير للطائرة في سيناء التي كانت تقل على متنها سياحًا معظمهم من الروس.
وأعربت دكتورة سليمة إكرام من الجامعة الأميركية في القاهرة عن سعادتها بهذه النتائج الرائعة التي تم التوصل إليها، مبدية حماسًا كبيرًا لمعاصرة علماء المصريات ممن هم على قيد الحياة لاكتشاف يماثل اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، بينما شدَّد عالم الآثار، مايكل جونز، من مركز البحوث الأميركي في مصر على أهمية ترك هذه البقايا العضوية والمعدنية في الأرض ما لم يكن هناك تهديد حقيقي لهم، وأن علم الآثار هو عملية تدمير منظمة، كما أن هناك احتمالية سرقة المحتويات وبيعها في سوق الآثار غير المشروعة، ولكن إكرام لا تتفق مع ما قاله جونز، معللةً ذلك بأن الجميع لابد وأن يطلع على مثل هذه الحقائق، ومؤكدة أن التعامل مع المتعلقات في المقبرة يتم بطريقة آمنة.
وتوفي توت عنخ آمون وهو في التاسعة عشر من العمر العام 1324 قبل الميلاد بعد 9 أعوام على العرش، وتم اكتشاف مقبرته من قبل كارتر في تشرين الثاني/ نوفمبر العام 1922 في حفر تم بتمويل من اللورد كارنارفون، واستغرق كارتر ما يقرب من ستة أعوام في البحث عن أكثر من 5,000 عنصر من بينهم تابوت الملك والقناع الذهبي المدفون، وشوهدت الآثار الناتجة عن الحفر منذ ذلك الوقت في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك معرض المتحف البريطاني الشهير العام 1972، والذي جذب 1,6 مليون زائر في تسعة أشهر.
وتقع مقبرة توت عنخ آمون في الأقصر، جنوب مصر، حيث العاصمة الفرعونية في العصور القديمة، بينما يقوم الباحثون بعمل مسح للأهرامات الأربعة من أجل العثور على غرف غير مكتشفة، في مشروع يحمل اسم عملية المسح الضوئي للأهرامات والذي من المتوقع أن يستمر حتى نهاية العام 2016.