الجزائر - وسيم الجندي
تبدي حكومات الساحل الأفريقي مخاوف كبيرة من عودة المتطرف الجزائري مختار بلمختار إلى النشاط وبشكل لافت، ففي أقل من شهرين نفذ اعتداءين خطيرين، آخرهما كان مساء الجمعة في بوركينافاسو (غرب أفريقيا)، واستهدف فندقا ومطعما وخلّف 30 قتيلا. أما في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فقد احتجز رعايا أجانب في فندق في باماكو في مالي، وخلفت العملية حينها مقتل 20 شخصًا.
وينحدر مختار بلمختار، 44 سنة، متطرف من منطقة غرداية جنوب الجزائر. التحق بالقتال في أفغانستان عام 1989 عندما لم يكن يتجاوز عمره الـ17 سنة. في 1993 عاد إلى الجزائر على خلفية تشكَل أولى الجماعات المسلحة، وانضم إلى "الجماعة الإسلامية المسلحة" ثم أصبح من أبرز قياديي "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" عندما تأسست في 1998، وبعدها "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي". عهدت إليه "مهمة" تنسيق العمل المسلح في الصحراء الكبيرة، والبحث عن الأسلحة في مالي والنيجر بهدف نقلها إلى معاقل المتطرفين بشمال الجزائر.
واستمر نشاط بلمختار، الشهير بـ"خالد أبو العباس"، فترة طويلة في الصحراء ما مكنَه من ربط صلات قوية مع مهربي السلاح وتجار المواد المحظورة. وسمي في وقت من الأوقات بـ"السيد مارلبورو"، بسبب نشاطه في المتاجرة بالسجائر الشهيرة التي تحمل هذا الاسم. وتزوج بلمختار من قبيلة "البرابيش" الطرقية المعروفة بشمال مالي، وأعطى لنفسه بذلك حماية جنبته الوقوع في قبضة أجهزة الأمن الجزائرية التي تقتفي أثره منذ 22 سنة.
ومن أخطر الأعمال الإرهابية التي أعلن مسؤوليته عنها، الهجوم على ثكنة عسكرية في موريتانيا عام 2007 والذي خلّف مقتل 17 عسكريا. وكان هذا الاعتداء، مقدمة لسلسلة عمليات أخرى، أخطرها خطف الدبلوماسي الكندي مبعوث الأمم المتحدة إلى النيجر، روبرت فاولر ومرافقه لويس غواي. وأطلق بلمختار سراحهما بعد فدية دفعتها الحكومة الكندية، قيمتها 10 ملايين دولار. واستطاع بلمختار أن يملي شروطه على الحكومتين الإسبانية والفرنسية، في عدة حالات اختطاف طالت رعاياهما في مالي والنيجر وموريتانيا. وعلى إثر هذه الأعمال، أعلنت الولايات المتحدة عن جائزة مالية بقيمة 5 ملايين دولار لمن يقتل بلمختار أو يأتي به حيا.
واستطاع "أبو العباس" أن يجمع أموالا طائلة، بفضل الفدية التي منحته قوة كبيرة جلعت القوى الغربية تحسب لها ألف حساب. وفي مطلع 2013، نفذ عملا استعراضيا حقق به صدى إعلاميا عالميا، تمثل في الهجوم على منشأة غازية بجنوب الجزائر، واحتجز فيها 40 فنيا أجنبيا، قتل منهم 30.
وانفصل بلمختار في 2007 عن "القاعدة المغاربية"، وأطلق "كتيبة الملثمون" ثم "كتيبة المرابطون" (التي نفذت هجوم بوركينا فاسو)، ثم "كتيبة الموقعون بالدماء" (منفذة هجوم المصنع الغازي بالجزائر). وفي نهاية العام الماضي، أعلنت "القاعدة" عن "مصالحة" معه، ونفت أخبارا حول "حلف" يكون أقامه مع "دواعش" ليبيا.