الرباط ـ جميلة عمر
أكدت الأمانة العامة لجبهة القوى الديمقراطية، في قراءة لأول بيان لها، في السنة الجديدة 2016، على استمرارية اصطفافها ضمن الأولويات، التي تؤرق بال الشعب المغربي، وبخاصة الشرائح الواسعة من المجتمع.
وتوقفت الأمانة العامة للجبهة، من هذا المنطلق، وبشكل متأنٍّ، عند واحدة من أهم القضايا الآنية، بما تحمله من وقع قاسٍ ومؤثر، على أوساط وطبقات الفلاحين وأسرهم، وعلى سكان البوادي، والأرياف، والعالم القروي عمومًا، والمتمثلة في حالة الجفاف، الذي يتهدد المغرب، بتداعياته الاقتصادية والاجتماعية.
وبعدما عرض بيان الأمانة العامة، لقضية تشغل بال المواطن المغربي، تأهبًا لموسم زراعي، ينذر بظروف عصيبة، لا نتمناها لبلدنا، توجّه السؤال عريضا، يستفسر الحكومة عن التدابير والإجراءات العاجلة، التي يمليها واقع الحال، لتوفير حاجات المواطنين، خاصة، والجميع يعلم أبعاد الخطورة، التي تجسدها سنة زراعية عجفاء، على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وعلى المشهد العام للبلاد، ومن منا لا يذكر وقع سنوات الجفاف، عبر تاريخ غير بعيد، على المغاربة.
ولم يقتصر البيان على التنبيه، والاستفسار، بل اتخذ منحى يوجب على الحكومة، إن كانت تسعى فعلًا لاستتباب مقومات الحفاظ على الأمن والسلم الاجتماعيين، الذين ينعم بهما المغرب، أن تتراجع عن الزيادات، في أسعار المواد الأساسية، التي ستمس بالقدرة الشرائية، لشرائح واسعة من المواطنين، وحتى لا يبلغ التذمر والاستياء جموع الطبقات المتوسطة والفقيرة والمعدومة، وهي دعوة صادقة، للوقوف إلى جانب المواطن، في تصريف مثل هذه المحن، ونضال من أجل تحقيق التآزر والتضامن الواقعي والملموس، مع الطبقات الكادحة، التي لن تزداد أوضاعها إلا مآسي ومكابدات، دون التفكير مليًّا في بدائل للتخفيف عنها، وأولى البدائل هي التجاوب الحكومي مع مطلب اجتماعي، ليس سوى التراجع عن الزيادات في الأسعار.
وأكّد البيان "لطالما رفعت الحكومة الحالية، شعارات الوقوف إلى جانب المواطن، في تدبيرها لقضاياه الملحة. واليوم يجسد هذا المطلب محكًّا حقيقيا، مفصليا، بين نبذ خطاب الشعارات، ونثر الكلام كيفما اتفق، وانتهاج منطق تغليب مصلحة المواطن، خاصة الشرائح المقهورة، المكتوية بنار الزيادات، والمختنقة بكثرة الوعود الكاذبة، والشعارات الفارغة".
وجدَّدت جبهة القوى الديمقراطية، مع مطلع العام الجديد، توجهها الدائم والمستمر، الهادف إلى الانتصار للقضايا المصيرية للوطن والمواطن، انطلاقا من مشروعها المجتمعي، المنبني على النضال، من اجل المساواة والعدالة الاجتماعية، ولتكون الجبهة صوتا، يترجم انشغالات المجتمع، و لسانا ينبض بمطالب مشروعة، لكافة شرائحه، تؤكد في المقام الأول، الحرص على ضرورة توفير أبسط شروط الحياة الكريمة للمواطن.
وتضمن البيان، في الشق السياسي "مواكبة تستقرئ تطورات المشهد السياسي الوطني، وتستشرف خصوصية سنة 2016، بما تحمله من تحديات على مستوى الاستحقاق التشريعي المقبل، وذلك من خلال الدعوة إلى، تفعيل المقترحات، التي تطالب الجبهة بإدخالها على القوانين الانتخابية، ضمانًا لتكون التشريعيات المقبلة، منطلقا لإفراز تعددية سياسية، ببرامج وتصورات واضحة، من شأنها هي أيضا، أن تفرز تحالفات حزبية، ذات معانٍ ودلالات سياسية، قادرة على خدمة التوجه الديمقراطي، التنموي، الذي تحتاجه البلاد، في ظل السياق العام الوطني، والإقليمي والدولي".
وانسجاما مع توجهات الجبهة، الرامية إلى ترجمة مبادرتها المرتبطة، بالدعوة إلى تشكيل اتحاد، كان من قبل حلما، وأصبح اليوم ضرورة ملحة، تصطف ضمنه مع باقي الأحزاب والفرقاء السياسيين، الذين تجتمع وإياهم، في الرؤى والمبادئ والقيم الديمقراطية والإنسانية النبيلة، فقد تضمن البيان تثمينا ومباركة، لمختلف النقاشات والاتصالات، التي يتداولها الحزب، في هذا الاتجاه، وذلك وفق ما ينص عليه قانون الأحزاب.
وأوضح البلاغ عزم الجبهة، في الشق الهوياتي والثقافي، تنظيم ندوة فكرية كبرى، بشأن الأمازيغية، في إطار تخليدها، للذكرى الثالثة لرحيل الفقيد التهامي ألخياري.
وأوضح البيان "هي محطة تهمس من خلالها الجبهة في أذن الحكومة، بضرورة تفعيل مضامين الدستور الجديد، خاصة ما يرتبط بالمضامين الراصدة لمكونات الهوية المغربية، في إطار من التنوع والوحدة والتجانس. خصوصا وأن الاعتراف بالأمازيغية أضحى مطلبا مجتمعيا، لا يحتمل التماطل والتأخير".
وأشار البيان على مستوى التنظيم الداخلي للجبهة، إلى "الوقفة المتأنية، المتأملة، التي ركزت فيها الأمانة العامة، على مسار الأنشطة، التي أنجزها الحزب في 2015، موضحا حضورها الجدي والمسؤول، في كل المحطات النضالية، التي مرت بها البلاد، بالنظر إلى حجم التحيات والرهانات، التي حفلت بها السنة المنصرمة".
وحمل بيان الجبهة، ضمن سياق التنظيم الداخلي، أيضا، "خبر تشكيل لجنة، عهد إليها بترتيب، كل إجراءات انعقاد الدورة السابعة لمجلسها الوطني يوم 17 كانون الثاني/ يناير الجاري، وهي محطة هامة، للتقييم والاقتراح، واستشراف آفاق ضمان الحضور الدائم والمتميز لها، في المشهد السياسي الوطني".
وأكّد البيان "وتأسيسا على أن البيان يشكل استحضارًا وتمثلًا لأنشطة الجبهة، فقد وجب التذكير هنا، وعلى سبيل المثال، ببعض المعالم البارزة في هذا الحضور، في المشهد السياسي الوطني، على امتداد2015 بدءا من انعقاد الدورتين الخامسة والسادسة للمجلس الوطني، مرورا عبر دعم الجبهة لنضالات طبقات العمال، التي خاضت إضرابا وطنيا عاما، والحركات الاحتجاجية لأسرة المحاماة، والمسيرة الاحتجاجية الكبرى للحركات النسائية، ضد التعاطي اللا مسؤول، والسياسات اللا شعبية للحكومة، مع المطالب المشروعة لمختلف فئات الشعب المغربي. حركات احتجاجية، ما زالت أصداؤها تتردد إلى اليوم، وتتجدد مع الوقفات التنديدية، للأطباء والطلبة المتدربين.
وعبَّرت الجبهة قد عن استنكارها، لتدني مستوى النقاش، الذي سجله الخطاب السياسي، طيلة السنة الماضية، بما هو تحويل لاهتمام الرأي العام، وإلهاء له، عن مناقشة القضايا الكبرى والمصيرية، التي ترهن مستقبل المغرب، مع حرص الحكومة، على تغييب مقومات الحوار التشاركي، والنقاش الجدي والمسؤول، مع باقي الشركاء السياسيين، والتمثيليات النقابية.
وجَسَّدَ أول بيان للجبهة، مع مطلع السنة الجديدة، أجمل هدية للوطن والمواطن، يطرح بوعي متقدم، أبعاد الترابط الحتمي، بين السياسي والاجتماعي، السوسيوثقافي، والتنظيمي، لبلورة خطاب مجتمعي، ينشد القرب والتفاعل، مع قضايا المغاربة، حالا ومستقبلا، ويعطي النموذج، لطرح البدائل والأفكار، القادرة على شق طريق النضال نحو مجتمع الديمقراطية والتنمية.