لندن ـ كاتيا حداد
أفردت صحيفة "الدايلي ميل" البريطانية مقالاً مطولاً عن حياة النجم العالمي عمر الشريف الذي وافته المنية عن عمر يناهز 83 عامًا أول أمس الجمعة، واهتمت الصحيفة بحياة النجم العالمي التي قضاها وهو منغمس في الملذات مثل القمار والخمر والنساء، وهي الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تبديد ثروته الطائلة ومسيرته المهنية الحافلة، التي انتهت به وحيدًا وحزينًا.
ويذكر الشريف في مذكراته أنه لم ينسى والدته التي كانت تبرحه ضربًا كل يوم حتى بلغ سن 14 عامًا، وعلى الرغم من وسامته وحضوره الطاغيين على الشاشة والتي برزت في أفلام مثل دكتور زيفاجو، و"فاني جيرل"، إلا أنه كان منذ صغره طفلاً شقيًا للغاية.
توفي الشريف الذي يشتهر بابتسامته المفلجة، بعد تعرضه لازمة قلبية في القاهرة، وكان ابنه طارق من الفنانة فاتن حمامة، كشف في مايو أنه كان يعاني من مرض الزهايمر، وتعتبر تلك نهاية حزينة للنجم العالمي الذي مات وحيدًا، بعد أن قضى المرحلة الأخيرة من حياته في فنادق لندن وباريس، وعاد أخيرا إلى مصر، حيث عاش في فندق، حتى يموت في موطنه.
وعلى الرغم من الثقة المفعم بها، إلا أنه كان أول من يعترف بأنه أهدر حياته ومهنته، بسبب انغماسه في الملذات كالخمر والقمار ومعاشرة النساء، وكان هو والممثل المشارك له في فيلمه الشهير "لورانس العرب"، بيتر أوتول، من أكثر ممثلي هوليوود إقبالاً على شرب الخمر ومعاشرة النساء ولعب القمار، وهي العادة التي ورثها عن والدته.
وبدد الشريف ثروته، بفضل طاولات القمار التي كان يجولها في أوروبا، ويستعيد ثروته بقبول أدوار غير ملهمة في أفلام ذهبت طي النسيان مثل foreign gentleman""، ""exotic lover، وأكد النقاد أنه لو كان كرس حياته للتمثيل، كان سيتمكن من صناعة أفلام جيدة، بفضل أدائه الموهوب، وإتقانه لست لغات.
وعاش بدلأ من ذلك في باريس للاستمتاع بكازينوهات المدينة وطاولات القمار، والمراهنة على سباقات الخيل في دوفيل، وتخلى في النهاية عن "الروليت" أو "طاولة القمار في الكازينو" بعد أن بدد 750 ألف جنيه إسترليني في ليلة واحدة، إلا أنه استمر في تبديد المال بسبب إدمانه للقمار، وتنبأ الأطباء النفسيين بالمشاكل الصحية التي سيعاني منها منذ بداية حياته.
وولد ميشيل ديمتري شلهوب في الإسكندرية عام 1932، وكان من أصل لبناني، وكان والده تاجر أخشاب ناجح، وكانوا يعيشون في منطقة فاخرة في القاهرة، وكانت أمه سيدة مجتمع تستضيف الشخصيات العامة ومن ضمنها الملك فاروق للعب القمار، وذكر الشريف في مذكراته "اعتادت والدتي على لعب القمار مع الملك فاروق، لأنه كان يعتقد أنها تميمة الحظ بالنسبة له، وكانت والدتي تظل مستيقظة طوال الليل".
وأدخلاه والداه مدرسة داخلية على الطراز الإنجليزي التقليدي والعادات الصعبة، عندما كان في العاشرة من عمره، ثم اكتشف حبه للتمثيل، وهو الأمر الذي أثار استياء والده، لأنه أراد أن يعمل معه في الأعمال التجارية، وعندما نهاه والده عن ذلك، حاول الانتحار بقطع شرايينه.
ومنذ كان مراهقًا كان ينغمس في حبه للنساء، الأمر الذي استمر طيلة حياته، حيث كان يتجه لبيع ممتلكاته عندما يعجز عن الحصول على المال من والده للخروج مع صديقاته، وتخرج الشريف من جامعة "القاهرة" بدرجة الرياضيات والفيزياء، وأمضى خمسة أعوام في الأعمال التجارية للعائلة، لكنه لم يستطع أن يقاوم دعوات التمثيل.
ودخل عالم التمثيل حيث بدأ أول أفلامه مع النجمة فاتن حمامة، وبدأت أول علاقاته الغرامية معها التي افتتحت سلسلة طويلة من العلاقات الغرامية خارج شاشات السينما، ثم تزوجا سريعًا وجمعهما 32 فيلمًا ناطقًا باللغة العربية واثنين بالفرنسية، ثم حصل على أول أدواره العالمية في "لورانس العرب" ليس بفضل تمثيله، ولكن بسبب أن مخرج العمل، ديفيد لين، وجد في عيونه السوداء نقيض مثالي لعيون الممثل المشارك الزرقاء، بيتر أوتول، فقرر ببساطة أن يعطيه فرصة لإجراء اختبار الشاشة.
وأكد لين أن الممثلين يكملان بعضهما بطرقة مثالية، وكان البطلين أثناء فترات الراحة أثناء التصوير في الصحراء الأردنية، يحتسيان الخمر بشراهة في أماكن المتعة في بيروت، وأكد أوتول كيف كان يستمتع بالأحواض المليئة بالشمبانيا، وتبديد راتب تسعة أشهر في ليلة واحدة بسبب القمار، وذكر الشريف "كنا نشرب دون توقف لمدة 48 ساعة، وكنا نذهب لصيد الفتيات في كل بار وملهى ليلي".
وكاد الثنائي أن يفسدا العرض الأول للفيلم، بسبب إلقاء القبض عليهما قبلها بليلة بسبب أخذ حقن الهروين بصحبة الممثل الكوميدي ليني بروس، ثم أخرجهما المنتج، سام شبيغل، من السجن بعد توكيل ستة محامين، وبعد تحقيق الفيلم نجاحًا ساحقًا، أصبح رمزًا عالميًا للجاذبية والإثارة، وكانت تركع النساء عند قدميه وكان يستسلم لهن بسبب ضعف إرادته وتحكمه بنفسه، ولم يكن في قوته الذهنية ليظل وفيا لزوجته، وانفصل عنها في عام 1965 وهي لا تزال شابة بما يكفي للزواج مرة أخرى، وكان يصفها بأنها حب حياته.
ومثل الكثير من الممثلين في عصره، لم يكن يتمكن من تصوير أفلامه دون ممارسة الجنس مع الممثلة المشاركة له في العمل، مثل جولي كريست التي شاركته البطولة في فيلم "دكتور زيفاجو" عام 1965، وباربرا سترايس في فيلم "فاني غيرل" عام 1968، وكاترين دونوف في الدراما التاريخية "مايرلينغ".
وكان شريف يعود فقط إلى التمثيل عند احتياجه السريع للمال، بسبب حبه للقمار الذي كان ينغمس فيه بسبب الشعور بالوحدة والملل، وبالتالي ساءت نوعية الأفلام التي يقدمها، لأنه كان يقبل أي عرض يتاح أمامه بسبب احتياجه فقط للمال، وكان يتمتع بمزاج عنيف للغاية، يجعله يتصرف بصورة مخزية، حيث تم إلقاء القبض عليه لتحطيم مطعم في اليونان، وأدين بالاعتداء على شرطي في باريس وتورط أيضا بالاعتداء على حارس موقف السيارات في لوس انجلوس.
وعندما بلغ سن الـ 80 عام 2012، أقلع عن تدخين 100 سيجارة في اليوم، بعد تعرضه لازمة قلبية في السرير في فندق جورج الخامس في باريس.